ألقيت الكلمة مساء الخميس 25 مايو 2017 بمناسبة الأمسية التي نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة نواكشوط تأبينا للدكتور الشيخ ابن حرمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
رحل عنَّا مطلعَ الفجر، يومَ الجمعة
لم يكن يعلم أنَّ أجَلَه المحتوم قد حان، وأنه يخطو خُطواتِه الأخير
أحدث موتُه المفاجئ هزَّةً
كان، رحمه الله، مثالا للتواضع والزهد، راغبا عن مباهج الدنيا وزخارفها.وكان من
ظل الرجل، رغم ما يحظى به من علو المنزلة وسمو المكانة، مواطنا بسيطا، لا يملك هاتفا محمولا، ولا يرتدِي
لقد كان مثاليا بثقافته وتقواه وعبادته ونزاهته واستقامته
ما إن توفاه الله حتى انثالت الشهادات وانكشفت جوانب من أعمال البِرّ التي كان يُخفيها خشية الرياء. كان موقنا بأن الآخرة هي الباقية، فولَّى ظهرَه لمتاع الفانية؛ واستقام على ذلك ومات عليه. كان يقضي جُلَّوقته، إما معتكفا في بيوت الله، أو متفرّغا للكتابة والتدريس بكلية الحقوق. كانت حياته مضبوطة منظمة، تقتصر خرجاته على صِلَةالأرحام، ولم يكن له من تزاور الأصحاب إلا اليسير، يعتزل مجالس اللغو، ويمقت المباهاة وحب الظه
نال أعلى مراتب الأستاذية بعد حصوله على دكتوراه الدولة في الحقوق من جامعة السوربون (باريس الثانية) ذات الصيت والشهرة. وأوصت لجنة المناقشة بطباعة أطروحته، المؤل
كان من أبرز المختصين بالقانون الجنائي في موريتانيا، وربما كان أبرزهم على الإطلاق. وقد أضحت أعماله مرجعا في مجال القانون والإجراءات الجنائية، لا يستغني عنه الطلاب والقضاة
بعد ممارسته الناجحة لمهنة المحاماة، ارتأى التخلي عن هذه المهنة بدوافع أخلاقية. ولم يُرافع منذ عقد من الزمن عن أية قضية؛ ولم يبق له من الصلة بالحقل إلا التصويت على نقيب المكتب الوطني للمحامين، حين يُدعى لذلك.
وعلى الرغم من اهتمام الفقيد بمستقبل البلاد، الذي كان شغله الشاغل، إلا أنه لم يكن مرتبطا بتوجه سياسي معيّن، ولم يؤْثر عنه الانتماء لأي حزب سياسي، لا من الأغلبية ولا من المعارضة. وفي عهد نظام سابق، عُرض عليه منصبُ وزير العدل، حافظِ الخواتم، مع مصاحب
كان يسيرُ خُفْيَة تحت ظلام الليل، وعبر الأزقة الضيقة وغير المُنارة،ليوزع المؤنة والملابس على فقراء الأحياء الهشَّة.
ولعل من أجَلِّ أعمال المرحوم، بإذن الله تعلى، تكوينه لجيلين على الأقلمن محامي البلاد وقضاتها وقانونييه
هذا وإن أسرة الفقيد لتغتنم هذه السانحة لتُعَبِّر عن شكرها لكم جميعا وعرفانها بالجميل. كما تحرص على أن تشكر، بوجه خاص،معالي وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة، وعميد كلية القانون وهيئة التدريس
وإننا لنرجو أن يتم سريعا إلقاء القبض والمعاقبة الصارمة لمرتكب أو مرتكبي هذه الجريمة الدنيئة، ونسأله سبحانه وتعلى أن يرحم الفقيد ويغفر ذنبه ويبارك في عقبه وذويه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عن الأسرة، موسى حرمة الله، نواكشوط يوم 25 مايو 2017.