على اعل فقيدِ المجــــــــــد فليبك ذو الهدى
وذو العز والعليا وذو الفضـــــــل والندى
وذو البذل للمعروف والصـــــــدق في الوفا
وذو البر بالإنعـــــــــــــام والجود بالجدى
وذو اللطـــــــــف بالمسكين والرفق بامرئ
ضعيفٍ له قد مَدَّ من فضلـــــــــــــــه اليدا
وذو الحزم للأعدا إذا كــــــــــان في الوغى
وذو اللين للأنــــــــــــــدا إذا فارق العِدى
وذو الحب والإخــــــــــــــلاص للوطن الذي
أَحَبَّ ولم يبخل عليه ليَسْعـَــــــــــــــــــــدا
فقد كــــــــــــــــــــــان في هذا جميعا مقدمًا
وكـــــــــــــــــــان عقيدًا في المكارم سيدا
لواءً إذا عدت محامـــــــــــــــــــــــــــــده له
سجايا بها قد أصبـــــــــــــح الدهرُ منشدا
ترأس لم يُعــــــــــــــــــــرف له غير صالح
من الفعــــــــــــل أو يُسمع له بعده صدى
ولا ساء قوما منه فعـــــــــــــــــــلٌ ولا أتى
بأمرٍ مُضِرٍّ بامرئ متعمـــــــــــــــــــــــــدا
وكان على ســـــــــــــــــــــــــر البلاد مؤمنا
فلم يبد مــــــــــــــا يخفى ولم يخف ما بدا
ولم يأت فعلا في المحامد طالـــــــــــــــــــبا
له ثمنا أو كي يُذاع ويُحمــــــــــــــــــــــدا
على منكبيه تبصِرُ النجـــــــــــــــــــــم لامعا
وفي وجهه شمــــــــــــــسٌ تماثل عسجدا
ومن حولـــــــــــــــــه من جحفل بعد جحفل
سرايا مـــــــــــن الأجناد ضاق بها المدى
فلو شاء لم يبرح ولو شـــــــــــــاء لم يَسِر
كما سار محمود السجـــــــــــــــايا مسددا
ولكنه في طبعه بعــــــــــــــــــــــــــض عفة
وفي قلبه زهــــــــــــــــد وفي نفسه هدى
ولو شاءها المــــــــــــــــــــولى لعاد لمثلها
ولو عاد كان العودُ لا شــــــــــــــك أحمدا
فعاد إلينا راغبين مجــــــــــــــــــــــــــــــدَّدا
وعدنا إليه شاكرين مجــــــــــــــــــــــدَّدا
لقد ســـــــــــــــــــــــــار فينا طالبا كل عزة
وأغور في سبل المعـــــــــــــــالي وأنجدا
ولم يثنه عن عزمـــــــــــــــــــــــه بعد شقة
ولا كون مجد رامه كـــــــــــــــــــان أبعدا
تعود فعل المكرمات وإنــــــــــــــــــــــــــــما
"لكل امرئ مــــــــــــــن دهره ما تعودا"
ولكن رب العرش أدرى وعنـــــــــــــــــــده
جزاء له فيــــــــــــــــــــــــه يعيش مخلدا
تغمده لمـــــــــــــــــــــــــــــــــا توفاه بالذي
به كلَّ عبد صالح قد تغمــــــــــــــــــــــــدا
فقد كان بَرًّا مكرما متسامـــــــــــــــــــــــحا
أبيا يراعــــــــــــــــــــــي ما يؤول له غدا
نقيا مـــــــــــــــــن الأدران والرجس والخنا
ومن حَمل حقد للعبــــــــــــــــــــاد مجردا
هنيئا له لم تبصر العيـــــــــــــــــــــــن مثله
ولو كـــــــــــــــان رائيه من الناس أرمدا
فقد كان حيا أوحد الناس منصــــــــــــــــــبا
وأصبح لما مات في النــــــــــــاس أوحدا
وأظهرت الأقــــــــــــــــــــدار من بعد موته
ودادا له في النــــــــــــــــاس كان مجسدا
ومن فعله ما سَرَّ أهلَ مــــــــــــــــــــــــودة
وخيبَ أعداء وأخرسَ حســــــــــــــــــــدا
ليبكِ عليـــــــــــــــــــــــــــه اليوم كل تكتل
شريف من الأحـــــــــــــرار وليبك منتدى
وكل أبيٍّ كان فليبك إنـــــــــــــــــــــــــــــــه
على مثلـــــــــــــــه يُبكى إذا طرق الردى
وصبرا بنـــــــــــــــــــــي آل السباع فمثلُكم
به يُؤتسَى في النائبــــــــــــــــات ويُقتدى
لأنتم نجوم القطر إن غـــــــــــــــــــاب فرقد
به يَستضـــــــــــــــيء الناسُ خَلَّفَ فرقدا
لكم عزةٌ قعسا ومجـــــــــــــــــــــــــدٌ مؤثلٌ
وودٌ قديم في النفــــــــــــــــــــــوس تأكدا
فلا محيــــــــــــــــــــــــت آثار دوحة عزكم
ولا ذهبــــــــــــــــــــت أمجادكم أبدا سدى
ولا زال فيكم منذ أحمــــــــــــــــــــــدَ جدِّكم
إلى اليومَ من يعلو السماكيـــــــن سؤددا.
الحسين بن محنض