شمس نواكشوط العاصمة الموريتانية الحارقة ورياحها القوية أفقدت الطفلة السورية آمال ملامح وجهها البريء وغيّرت لون بشرتها من بياض إلى سمرة قاتمة، فالطفلة الصغيرة تقضي يومها بالتسول ووالدتها تختبئ خلف الجدران بانتظار الغلة من ابنتها
..نحنا من سوريا وبدنا مساعدة “عبارة ذات مفعول كبير لها القدرة على كسب تعاطف الموريتانيين رغم ضيق ذات اليد، فآمال ذات العشرة أعوام عاشت وأسرتها رحلة تشرّد لم تكن بالسهل من إدلب السورية إلى لبنان وأخيراً نواكشوط.
لا فيزا لدخول البلد
تعتبر موريتانيا من الدول القليلة التي لم تفرض تأشيرة دخول على السوريين، تاركة الوضع كما هو قبل الحرب في سوريا، ما جعلها وجهة مفضلة لمن استطاع إليها سبيلاً، وإن رحلات الخطوط التركية المباشرة إلى نواكشوط هي الناقل الأول لهؤلاء.
ليست الطفلة آمال وحدها من يقوم بالتسول في شوارع موريتانيا، عدد كبير من النساء والأطفال يلجؤون التسول ما خلق عدم ارتياح لدى بعض أفراد الجالية السورية هناك.
عبد الكافي، صاحب مطعم في موريتانيا، أبدى استيائه من الأمر وقال مبرراً لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “السوري من المستحيل أن يقوم بالتسول، إنّ النظام السوري هو الذي جنى على العباد وجرّ البلاد إلى هذه الفوضى”.
مخيمات اللجوء فارغة
ما إن تزايد عدد اللاجئين السوريين في الشوارع بشكل ملفت، حتى أقامت السلطات الموريتانية مخيم يؤويهم جهزته بحوالي 50 خيمة وبعض البطانيات، ومبلغ نقدي يومي للأسر وذلك حسب مفوضية الأمن الغذائي.
لم يطل بقاء السوريين في المخيم أكثر من يوم واحد مفضلين العودة للشارع رغم الحراسة الأمنية على المخيم، وعن السبب يقول مازن عباس أحد اللاجئين لـ”هافينغتون بوست عربي” أنه “هنا يمكنني أن أجمع مالاً لرحلة أخرى في بلاد الله الواسعة”.
فرص عمل جديدة
نزوح السوري إلى موريتانيا ساهم بمليء شواغر عمل في المستشفيات الموريتانية وبعض المؤسسات الأخرى بأطباء.
أمثلة كثيرة عن كفاءات سورية تعمل في موريتانيا ويشهد لهم الناس بكفاءتهم العالية، منهم ساري العواد طبيب أسنان سوري غادر حمص قبل 8 أشهر، يعمل الآن بدوامين يومياً في عيادتين، أما محمد كافي المهندس
المعماري من درعا فيشرف على بناء عمارة في قلب العاصمة نواكشوط. المتسوّل السوري ينافس المتسول الموريتاني أبدى الشعب الموريتاني تعاطفاً كبيراً مع السوريين الذين نزحوا إلى بلدهم، واعتبره الكثيرون من باب رد الجميل كما أشار خالد ولد عبد الله خريج من جامعة سورية حيث قال ” ينبغي احتضان من وفد منهم إلينا كما احتضنونا”. ولكنّ هذا التعاطف يختلف بشكل كبير لدى فقراء موريتانيا الذين يعتمدون التسول مهنة لهم، وعن ذلك تقول مريم منت العيد لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “المتسول الموريتاني أولى بالصدقة، أنا بحاجة لتلك النقود أكثر من السوري”. موريتانيا دار ممر وليست دار مقر لا تعتبر موريتانيا الوجهة الأخيرة لهؤلاء السوريين فهي مجرد مكان لجمع ما تيّسر من مال يتم دفعه فيما بعد للمهرّبين الذين يساعدونهم للوصول إلى الشواطئ الإسبانية عبر مدينة “انواذيبو” الموريتانية القريبة من جزر الكناري أو عبر الأراضي المغربية، على حدّ قول الصحافي عبد الله ولد اتفاغ المختار الذي أشار إلى أنه “يتم دفع مبلغ 2000 يورو للمهرب عن الشخص الواحد”. وقبل عدة أشهر سلّم سوريون أنفسهم للأمن، بعد أن حاول مهرّبون شحنهم في حاويات فارغة إلى إسبانيا عبر أحد الموانئ، فيما فضّل بعضهم البحث عن لقمة عيش في بعض الدول الإفريقية المجاورة. ومع أن موريتانيا تعتبر إحدى بوابات الهجرة السرية إلى أوروبا ما جعلها وجهة مفضلة للأفارقة من ركاب قوارب الموت، إلا أن مصالح الهجرة في موريتانيا ترى أن المهاجرين السوريين العابرين إلى الضفة الأخرى من المتوسط، هم الأكثر من بين جميع الدول العربية. (هافينغتون بوست)
|