أظهر شريط دعائي مدته 21 دقيقة انتشار أفكار "داعش" في أوساط المتمردين جنوب الفلبين، من خلال مواد متنوعة منها حديث مسجل لشاب تشير لكنته إلى أنه مغاربي قتل في المعارك هناك.
.ولم يخل هذا الشريط الذي صوّر بتقنيات عالية، وأُعد بمهنية رفيعة من "وجبة" من العنف الوحشي، إذ تضمن عملية نحر لثلاثة أشخاص بملامح شرق أوسطية وصفوا بأنهم جواسيس للصليبيين.
إلا أن اللافت أن عملية الإعدام نفذها ثلاثة جلادين بملامح آسيوية في منطقة أحراش بها أشجار صنوبر هزيلة، ما يرجح أنها صوّرت في سوريا وليس في الفلبين.
واحتوى شريط "داعش" الدعائي على مشاهد لمبايعة عدة مجاميع من المسلحين الفلبينيين للبغدادي، وهي تنتمي إلى كتيبة "أبي دجانة" التابعة لحركة أبي سياف الإسلامية، وكتيبة أبي خبيب، وكتيبة جند الله، وكتيبة أبي صدر. وظهر بين المسلحين العديد من الفتيان الصغار، وأطفال يحملون بنادق تتساوى مع أطوالهم
ودعا رجل يتسمى بأبي عون الماليزي المسلمين وخاصة الذين يعيشون في تايلاند وماليزيا وإندونيسيا إلى مبايعة البغدادي، وانضمام من لا يستطيع الهجرة إلى أرض الشام للقتال في الفلبين تحت راية من سماه بأبي عبد الله الفلبيني، وخيرهم بين إرسال أبنائهم أو أموالهم، أو القيام بعمليات إرهابية في بلدانهم، وخاصة في ماليزيا موطنه الأصلي.
وحمل التسجيل المصور خطابا دعائيا طويلا صوّر في الرقة بسوريا، لشخص يدعى أبو وليد الإندونيسي، طالب هو الآخر ببيعة البغدادي، وهدد العالم بأنه سيكون بين خيارين إما الدخول في الإسلام أو دفع الجزية.
كما حمل الشريط مشاهد لهجوم شنه المسلحون المتطرفون على آليات للجيش الفلبيني، ظهرت خلاله جثث لجنود حكوميين ولأسلحة ووسائل اتصال وثياب عسكرية وصفت بأنها غنائم.
وكان تنظيم "داعش" روّج مؤخرا لمعلومات عن نشاطات الجماعات المسلحة التابعة له في الفلبين، وادعى أن قواته هناك تضم عشر كتائب، وأن مسلحيه قتلوا 289 جنديا فلبينيا منذ بداية العام الجاري من بينهم 100 جندي في شهر أبريل.
ويبدو أن تنظيم "داعش" أراد أن يستعرض قوته وقدرته على الانتشار، وانعكس ذلك من خلال إشاراته في هذا الشريط إلى وجود مقاتلين في صفوفه في الرقة من جنوب شرق آسيا، وإلى وجود مقاتلين عرب ومن دول مختلفة في المنطقة في الفلبين، ما يدل أيضا أنه يؤكد من جديد أن ساحة المعركة التي يقودها لا حدود لها.
ويجدر الذكر أن القوام الرئيس للمتمردين في أرخبيل مندناو جنوب الفلبين يعود لجماعة أبي سياف، وهي مجموعة متطرفة جهادية كانت انشقت عام 1991 عن جبهة تحرير مورو، التي قادت حربا ضد القوات الحكومية لعدة عقود للحصول على حكم ذاتي في هذه المنطقة ذات الأغلبية المسلمة.
وقد أسس هذه الجماعة الجهادية المتطرفة عبد الرزاق أبو بكر جنجلاني الذي تلقى تعليمه في ليبيا، حيث عاش فترة من الوقت قبل أن يعود إلى بلاده ليقود هذا الفصيل المتطرف حتى مقتله في اشتباك مع وحدة أمنية فلبينية عام 1998، ليخلفه شقيقه الأصغر، قذافي جنجلاني الذي قتل بدوره عام 2007.
وهكذا يتغلغل داعش في جنوب الفلبين حيث زاد انتشاره مؤخرا بشكل كبير، وتمكن من جمع معظم الكتائب المقاتلة تحت لوائه، ما يعني أن حربا من نوع جديد مرشحة للاندلاع في أدغال مندناو.
وهناك سيتقاطر متطرفون من دول الجوار ومن الأطراف البعيدة حيث سيقيمون موطأ قدم بتضاريس وعرة، يتعلمون في أدغاله القتل والتدمير، ليتحولوا إلى خطر داهم يهدد جنوب شرق آسيا وربما العالم بأسره.
.