استبقت الحكومة المصرية صدور الأحكام، اليوم (18/06/2016)، بإعدام ستة من "جماعة الإخوان المسلمين"، والسجن 40 عاما للرئيس الأسبق محمد مرسي.
.واتخذت الحكومة مبادرة تفتح باب التصالح مع عناصر في جماعة الإخوان المحظورة.
وجاءت دعوة المصالحة على لسان مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، عبر إصدار قانون العدالة الانتقالية، الذي يستهدف عودة المجتمع المصري نسيجاً واحدًا. ووفق ما نقل عنه، فقد ألمح الوزير إلى إمكانية التصالح مع عناصر جماعة الإخوان ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولم تنسب إليهم أفعال إجرامية.
ولم يكن غريبا أن تتزامن تلك الدعوة مع مبادرة غير متوقعة من حكومة شريف إسماعيل بتشكيل لجنة قانونية لمراجعة وتعديل قانون حظر التظاهر، الذي صدر قبل عامين ونصف لمواجهة سعي أنصار جماعة الإخوان المحظورة لزعزعة استقرار البلاد بعد ثورة 30 يونيو 2013، رغم عدم دستورية بعض مواده، ورفض الحكومات المتعاقبة تعديله.
وتأتى الدعوة إلى التصالح هذه بعد إجهاض العديد من المحاولات الخارجية والداخلية للمصالحة، والتي كانت أبرزها مبادرتا الدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور سعد الدين إبراهيم.
ومع مرور عامين على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، يبدو أن انحسار موجة الإرهاب، التي ضربت البلاد، واستكمال مؤسسات الدولة الدستورية بانتخاب مجلس النواب، والتأييد الخارجي الواسع لجهود الرئيس السيسي في محاربة الإرهاب.. كل ذلك دفع إلى السير باتجاه المصالحة وإن كانت مشروطة.
بيدا أن تصريحات الوزير العجاتي لم تستطع أن تؤسس أو تؤشر للاتجاه نحو المصالحة مع جماعة الإخوان وسط موجة هجوم عنيفة على العجاتي من مجلس النواب المنوط به إقرار ما تقترحه الحكومة ومن أطراف أخرى، وقد وصل الأمر إلى حد مطالبته بالاعتذار أو الاستقالة، بينما رأى عدد من السياسيين أن هذه التصريحات تعبر عن وجهة نظر الدولة، وليست مجرد رؤية شخصية للعجاتي، وأن الهدف منها اختبار الشارع ومعرفة مدى قبوله لفكرة عودة الإخوان إلى المشهد من جديد.
وفي كل الأحوال، تبقى أمنيات المصالحة بين الحكومة وجماعة الإخوان بعيدة المنال في الوقت الحاضر. وذلك لتورط غالبية قياديي الجماعة في قضايا جنائية وسياسية وعلى رأسهم مرشدها محمد بديع، الذي يواجه حكما بالإعدام. كما تلاحق الهاربين من قيادات الإخوان خارج مصر تهم جنائية وأحكام مماثلة؛ فضلا عن أن حالة من الاستعداء تكونت خلال فترة حكم الجماعة لمصر وما تلتها. وهو ما أدى إلى ظهور رفض شعبي لعودة الإخوان إلى ممارسة دورهم التنظيمي أو وجودهم ككيان سياسي في البلاد.
هذا، ويسأل كثيرون عن توقيت التلميح إلى إمكانية التصالح، في وقت يصدر فيه مزيد من الأحكامالقضائية، بالسجن المشدد والمؤبد لمدة أربعين عاماً، بحق الرئيس الأسبق محمد مرسي، وذلك بعد إدانته وآخرين بتهم تتعلق بالتخابر مع قطر، والحصول على تقارير مرتبطة بالأمن القومي والجيش وأماكن تمركز الوحدات العسكريةمن خزائن بمقر الرئاسة، وذلك بهدف تهريبها إلى خارج البلاد مقابل مبالغ مالية.
ومع صدور الحكم الرابع على مرسي، بعد إدانته بالسجن والإعدام في قضايا أحداث الاتحادية والتخابر لحساب "حماس" واقتحام السجون، فإن بعضًا يسأل: هل من الحكمة الثقة مجدداً بهذه الحركة وبأعضائها؟
محمد سويد