لم يكن خروج نجل الزعيم السابق لتنظيم "القاعدة" حمزة أسامة بن لادن في التاسع من مايو 2016، في كلمة صوتية له بعنوان "ما القدس إلا عروس مهرها دمنا"، أمراً مفاجئاً لدى المهتمين بشؤون الجماعات الجهادية المتطرفة، مقللين من أهمية انعكاسات ذلك على واقع الفصائل الجهادية المتناحرة فيما بينها اليوم، فهو لا يعني أكثر من "انتهاء (فترة الحضانة) له من قبل الجهة الحاضنة ومن قامت على رعايته طوال تلك السنوات".
.الخروج المتزامن لحمزة أسامة بن لادن (24 عاما)، مع تسجيل آخر لأيمن الظواهري زعيم تنظيم "القاعدة" كلاهما عبر مؤسسة "السحاب"، الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة"، لا يعني بالتحديد منازعة ما على قيادة التنظيم، وإنما يجسد إعادة هيكلة إدارية لتنظيم "القاعدة" بغرض استيعاب كافة الفصائل والتيارات الجهادية في سوريا، وإنهاء حالة الانقسام والاقتتال فيما بينها.
الهيكل الإداري لـ"القاعدة" يتمحور بإنشاء 3 أذرع أساسية في تنظيم جديد جامع لكافة الفصائل، الأول: الذراع الجهادي، والثاني: السياسي، والثالث: الشرعي.
فبينما يتولى قيادة الذراع الجهادي تنظيم "القاعدة" لخبرته القتالية والعسكرية بزعامة نجل أسامة بن لادن، يمثل الجناح السياسي للتنظيم الجديد "جماعة الإخوان المسلمين"، لخبرته في المناورة السياسية، مرجحاً أن تكون بإدارة أيمن الظواهري. أما الذراع الشرعي فيتولاه بحسب التيارات الجهادية شرعيون "سلفيون" بحكم الاختصاص، قد يكون أحد الأسماء المرشحة لذلك عبدالله المحيسني.
عودة إلى الظهور الأخير لحمزة بن لادن، ومن خلال متابعة صوتياته المسجلة والوثائق التي رفعت عنها واشنطن صفة السرية، تتجلى صور العناية الخاصة التي تلقاها في تعليمه وتأهيله لغوياً، وتدريبه، وتفقيهه بالواقع ضمن الأبجديات القاعدية، واستغلال القضايا الإسلامية العالمية والقدس بهدف إعادة القبول لها في الحواضن الخاصة بها.
ولد حمزة بن لادن في عام 1991، وأمه خيرية صابر ثالث زوجات أسامة بن لادن، حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم نفس الأطفال، وأكاديمية سابقة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. رافقت أسامة بن لادن منذ تواجده في جدة وحتى إقامته في السودان، لم تنجب من زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن سوى ابنها "حمزة".
انتقل حمزة ووالدته وبعض أفراد أسرة بن لادن إلى إيران في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، وذلك بعد تفاوض بين "القاعدة" وإيران التي احتوت رموز "القاعدة" وأسرهم سنوات عديدة، كان من ضمنهم حمزة بن لادن، وفي إيران تكونت رؤية وفكر ومنهج حمزة عبر فريق خاص كان مكلفاً بمتابعته قبل وبعد ذلك مع مجموعة خاصة ضمن طالبان إلى جانب الرعاية الإيرانية الخاصة.
الحديث عن حمزة وأمه خيرية يستوجب عرض قصة طويلة تبدأ فصولها من إيران وتنتهي بها؟
حمزة بن لادن
18 أكتوبر 2007، وجه أسامة بن لادن كما جاء في إحدى في رسائله التي تمت مصادرتها في مقر إقامته بأبوت أباد، إلى المسمى "كارم"، معترضاً بشدة على توجيه التهديدات إلى إيران دون مشاورته، وفتح الجبهة مع طهران وكذلك الأمر مع "حزب الله" في لبنان قائلاً: "أنت تعلم أن إيران هي الممر الرئيسي لنا بالنسبة للأموال والأفراد والمراسلات وكذلك مسألة الأسرى".
في الرسالة ذاتها، عرض أسامة بن لادن التفاوض على أحد الرهائن الإيرانيين دون أية إشارات إلى هويته، مقابل مبادلة الأسرى من أسرته وعدد من قيادات "القاعدة"، قائلاً: "الشخص الذي تكلمت عن إرسال ملف أقواله لم يصل لي ذلك الملف، عموماً بخصوص ذلك الشخص أو غيره، فأرى أن تبدأوا في التفاوض على مبادلته بأسرانا".
بعد عدة أعوام وعقب خروج سعد وزوجته من إيران (قتل مع شقيقته خديجة بعد فترة وجيزة من خروجها من إيران في قصف جوي في أفغانستان)، طلب أسامة بن لادن توجيه رسالة أخرى إلى من وصفهم بـ"العقلاء في الإدارة الإيرانية" قبل تصعيد الموقف وإخراجه إلى وسائل الإعلام، قائلاً: "أرجو أن توجه رسالة إلى المسؤولين الإيرانيين تشرح فيها بعض المآسي التي يلاقيها أسرانا هناك... وقد زعمتم في الإعلام أن هؤلاء الأسرى لم تقبلهم دولهم وأقول لكم ليس كل الأسرى على هذا الحال، فزوجة سعد بن أسامة "خديجة" من السودان والخرطوم لا تملك إلا أن ترحب بأبناء السودان وبناته، وأما أبنائي محمد وحمزة ولادن وأخواتهم وخالتهم فهم من جزيرة العرب ويسمح لهم هناك بالتنقل في جميع دول الخليج فأطلقوا سراحهم وليذهبوا إلى....".
بعد فترة وجيزة، وكما يظهر من الوثائق، استطاع تنظيم "القاعدة" التمكن من إعادة أسرة زعيمه أسامة بن لادن، من إيران إلى مناطق مختلفة فكان من بينهم من توجه إلى سوريا (ابنه محمد)، وآخرون إلى باكستان، عبر محاولات ضغط مختلفة من بينها التفاوض على رهائن إيرانيين، وتوجيه خطاب من قبل خالد بن لادن إلى خامنئي بناء على طلب من والده بالتأكيد على أهمية إطلاق سراحهم، ملوحاً بفضح العلاقة المشتركة بإخراج قضية أسرى "القاعدة" وأسرة بن لادن إلى وسائل الإعلام الغربية والعربية.
كما جاء في رسالة وجهها زعيم تنظيم "القاعدة" إلى زوجته خيرية صابر والدة حمزة بن لادن والمذيلة بتاريخ 28 محرم 1432، هنأها فيها بخروجهم من قبضة الإيرانيين، مع عدد آخر من أسرته قائلاً لها: "أود أن تطمئنيني عن أخباركم فنحن في أشد الشوق للقاء بكم ومعرفة أحوالكم لاسيما بعد أن وصلتنا البشرى السارة بخروجكم من قبضة الإيرانيين"، مضيفاً في موقع آخر من الرسالة: "أود أن تفيديني بأخبار حمزة وبنيه ولقد سررنا بزواجه"، طالباً إفادته بأخبار إخوته وبينهم وفاطمة، وكذلك إخوته في سوريا وأخبار وفاء وأبنائها.
مباركة الأب أسامة لزواج ابنه تكشف عن ملامح للحياة الطبيعية التي تمتعت بها أسرته في إيران، وتجدر الإشارة إلى أن حمزة الملقب بـ"أبي معاذ" وكما رشحت بعض المعلومات الخاصة تزوج من ابنة أيمن الظواهري زعيم تنظيم "القاعدة" الحالي، وله منها طفلان "سعد وخيرية".
وبحسب ما أظهرته الوثائق، كان لافتاً حرص زعيم تنظيم "القاعدة" إيصال زوجته خيرية صابر برفقة ابنهما حمزة، وعودتهما معاً قائلاً في إحدى رسائله: "بخصوص حمزة ووالدته إذا وصل وسيطكم بهذه الرسالة فأرجو إرسال حمزة وأمه في نفس اليوم إن كان وصل الوسيط مبكراً وإن لم يصل مبكراً ففي اليوم التالي مباشرة حسب الإمكان حيث إن الوسيط من طرفنا الآن في انتظارهم".
وكما انكشف من خلال المراسلات ما عمد إليه الوسطاء من تأمين خيرية صابر في وزيرستان بموقع مختلف عن مكان تواجد ابنها حمزة، وأسرته، وبحسب مخاطبة بن لادن لأم حمزة في رسالته الأولى عقب خروجهم من إيران: "بلغنا أن الابن العزيز حمزة لم يصلك بعد وكنا نحسب أنه قد وصلك، وعلى كل حال فأنا قد أعددت رسالة للشيخ محمود أؤكد فيها على ضرورة إرسال حمزة وأهله بأسرع وقت ممكن والرسالة ستوجه إلى الأخوة بإذن الله هذا الخميس 1 صفر".
الأسباب تظل غامضة في عدم لحاق حمزة بوالده، وما إن كانت لاعتبارات أمنية أم أن القائمين على حمزة تغافلوا عن إرساله، رغم حرص كل من الأب والابن على الاجتماع وكما جاء في رسالة لحمزة بن لادن، والمكنى بأبي معاذ، المذيلة بتاريخ 2 صفر 1432، قال فيها: "والدي الغالي منذ العقد تقريباً، وأنا لدي رغبة ملحة في اللقاء بكم، وكلما زادت الفترة زادت الرغبة، وقد بينت لك بعض مشاعري في الرسالة السابقة، وأتمنى أن أجلس معك وأسمع رأيك في كثير من الأمور التي نمر بها ابتداء من الفردية وانتهاء بالأمور الإسلامية والعالمية".
في الوقت الذي كان يسعى فيه أسامة بن لادن بالتنسيق لعودة أسرته من إيران إلى باكستان، إلا أن مخاوفه كانت جلية من أن تكون الموافقة الإيرانية على إعادة أسرته إلى وزيرستان مجرد طعم للكشف عن مكان إقامته.
وقال في رسالته لخيرية صابر: "ذكرت في رسالتك أنك عندما تم بفضل الله إطلاق سراحكم إلى وزيرستان لم تعرفي الأسباب وراء ذلك، فهل سمعتم بعد خروجكم عن أي شيء أجبرهم أو اضطرهم على إطلاق سراحكم بشكل عام وعلى وزيرستان بشكل خاص؟ وهل كانوا يخشون من أنك وحمزة إن ذهبتم إلى سوريا لن تبقوا فيها وإنما ستذهبون إلى الحجاز وتحرجوهم عبر الإعلام؟ وهل سمعتم وأنتم في إيران عن البيان المكتوب الذي أصدره خالد مطالباً خامنئي بإطلاق سراحكم".
وتابع قائلاً: "ذكرت في رسالتك أنهم كانوا يقولون بأنهم إما أن يسفروكم إلى "...." (إحدى الدول الخليجية) أو سوريا، فما الرأي الذي أبداه محمد وإخوته وأنت وحمزة عند ذلك، وهل طلبت الذهاب إلى... (الدولة الخليجية التي سبق وذكرها)، وإن طلبت فبماذا ردوا والمراد أن نفهم هل تعمدوا إخراجكم إلى هذا الاتجاه لمتابعة مسيركم حيث إنهم توقعوا مجيئكم إلي"، مضيفاً: "وذكرت أن محمداً سافر إلى سوريا فهل لديك معرفة عن أسباب سفره وعن المكان الذي ينوي عثمان التوجه إليه وهل لديك معرفة بما ينوي الإيرانيون في إطلاق فاطمة والشيخ سليمان أبو غيث (زوجها)؟".
ويبدو أن مخاوف وقلق بن لادن من حيلة ما كان في محله، فعملية الاقتحام التي أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأميركية ونفذها الجيش الأميركي، في مايو2011 /جمادي الأولى 1432، للمجمع السكني الذي كان يقيم به مع زوجاته وأبنائه، في أبوت آباد الواقعه على بعد 120 كم عن العاصمة الباكستانية إسلام آباد، جاء بعد شهرين فقط من وصول زوجته خيرية صابر بحسب تاريخ رسالة حمزة لوالدته.
يشار إلى أن خلافاً حاداً نشب بين "أبو عبدالله" زعيم تنظيم "القاعدة"، والمدعو "أبو محمد" و"أبو خالد"، بسبب رفضهما نقل "أم حمزة" إليه قائلاً: "إدراكاً مني لأهمية وعظم أخوة الإسلام التي بيننا وصحبة الهجرة والجهاد والرباط والتي لن يكدرها خروج بعض الكلمات من بعضنا في ساعة غضب فأخوتنا أكبر وأعظم لذا رأيت أن يكون التخاطب بيننا عبر الرسائل لتوضيح الأمر على الوجه المراد".
وأضاف: "كنت قد طلبت منكم تسهيل مجيء أم حمزة إلينا فاعتذرتم بأن العدد كبير والحمل عليكم ثقيل ونحن مقدرون لحجم الضغوط عليكم وأهمية التخفيف عنكم، ونظراً لذلك اقترحت عليكم أن نخفف نصف العدد تقريباً وتجيء أم حمزة.
ووفقاً لرسالة أسامة بن لادن المؤرخة في 28 محرم 1432، حدد فيها موعداً لوصول زوجته وذلك تزامناً مع الذكر لأحداث 11 سبتمبر قائلا: "فإن تيسر الأمر فذلك ما كنا نبغي وإن تعذر فما على المحسنين من سبيل وحبذا أن تفيدوني برأيكم لترتيب أمورنا وأموركم بهدوء... على أن تكون لدينا فترة زمنية لترتيب الأمور يستحسن أن تكون 9 أشهر أي بعد الذكرى العاشرة لأحداث الـ11 من سبتمبر".
إلا أن وصول أم حمزة إلى مقر إقامة بن لادن جاء متقدماً بعدة أشهر عن الموعد المحدد من قبله، للأخوين أبو محمد وأبو خالد، مثيراً شكوكاً كبيرة حول دورهما في الإطاحة بزعيم التنظيم أسامة بن لادن، خصوصاً بعدما نشب من خلاف بينهما.
قبل مقتل أسامة بن لادن بشهر واحد طلب زعيم التنظيم الالتقاء بابنه حمزة وذلك وفقاً لرسالة وجهت لأحد المعتنين به والمرافقين له، والتي كشفت أيضاً عن تواجد "حمزة" في إيران، إلا أن الوسطاء أبلغوا بن لادن الأب التعذر بإيصال حمزة.
رغم ما أظهرته رسائل بن لادن لمجموع الوسطاء بضرورة الإسراع بإرسال ابنه، وكذلك ما أكد عليه في مراسلاته لزوجته "أم حمزة"، بضرورة مرافقة ابنها وتأكيده على إقامة حمزة مع أمه حتى حين ترتيب وصولهما إليه في مقر إقامته بباكستان.
إلا أن الأب لم يكن ليجد فيما يستقبله من ردود سوى الاعتذارات المتكررة من قبل القائمين على شؤون ابنه مما يظهر تعمد الفصل بين أسامة والابن حمزة.
وفي رسالة مؤرخة أبريل 2011 (قبل مقتل بن لادن بشهر واحد) من قبل أحد عناصر تنظيم "القاعدة" ويدعى "محمود" (يرجح أن يكون هو عطية الله الليبي واسمه جمال شتيوي ويعد أحد أهم الوسطاء بين بن لادن وإيران)، ومن كان يتولى رعاية حمزة والوسيط الأهم بين بن لادن و"القاعدة" في إيران، تحدث فيها محمود عن المحاولات التي لازال يبذلها لتهريب حمزة للالتقاء بوالده.
إلا أن "محمود" الذي لطالما أكد للأب مزاعمه بشأن محاولاته بإرسال الابن حمزة، طلب في رسالة سابقة وجهها إلى أسامة بن لادن في نوفمبر 2010، السماح بتدريب حمزة على القتال وأن ابنه لا يرغب بمعاملة تفضيلية باعتباره ابن زعيم تنظيم "القاعدة"، مطمئناً "محمود" زعيم التنظيم بوضع خطة لتدريبه على استخدام السلاح، مما يظهر محاولات الضغط على أسامة الأب في إقحام ابنه في الميدان بالرغم من موقفه المتصلب ضد ذلك حيث بقي حرص الأب على عودة حمزة كما هو لم يتبدل حتى مقتله.
بحسب ما جاء في رسالته المؤرخة بـ30 صفر 1432 إلى زوجته قائلاً: "أود أن أطمئنك بأننا أرسلنا إلى الأخوة بضرورة الإسراع في إخراجه من وزيرستان مع رسالتنا السابقة إليك، وننتظر وصوله حسب ما رتبنا معهم في يوم الخميس أو الجمعة من كل أسبوع حيث إنهم فضلوا سفره في هذين اليومين لندرة حظر التجول فيهما وفضلوا أيضاً ألا يخرج من المنطقة إلا بعد حصوله على بطاقة باكستانية، ولكني طلبت منهم ألا يؤخروا خروجه من أجل البطاقة مع الحرص على سلامته وإن تعذر ترتيب طريق آمن لخروجه إليك يخرجوه إلى أي اتجاه آمن وبعد ذلك نرتب إحضاره إلى المكان الذي أنت فيه، وقد اتصلنا بالأخ الذي يحضر لنا الرسائل من طرف الأخوة لنتابع إجراءات خروج حمزة ولكنه أخبرنا بأنها لم تصل بعد، ووعدنا على يوم 1/2، وكان الأخ من طرفنا مريضا فلم يستطع الذهاب لإحضارها ولكن اليوم بإذن الله سيحضرها إلي وسأطلع عليها وأفيدك بما عند الأخوة من أخبار عن حمزة حفظه الله ورعاه وجمعنا به على خير".
تجدر الإشارة إلى أن ماهية فحوى الرسالة الأخيرة وما جاء فيها، والتي تتجلى أهميتها بالكشف عن أسباب عدم نقل حمزة بن لادن من قبل المجموعة المحيطة به، لا تزال غامضة حيث إنها لم تكن من بين ما كشفت عنه وكالة الاستخبارات الأميركية لوثائق بن لادن.
خلال الـ10 أعوام التي أمضاها حمزة مع والدته، إضافة إلى بقية أفراد أسرته في إيران، عقب هجمات الـ11 من سبتمبر 2001، ظهر الابن حمزة خلال ذلك الوقت، في بيانات صوتية وأخرى مصورة على فترات متقطعة، استمرت كذلك وإن كانت بصورة قليلة عقب خروج عناصر تنظيم "القاعدة" وأسرهم من طهران في 2011.
إلا أن إقحام الابن حمزة لم ينل إعجاب الأب أسامة، مطالباً الجهة القائمة على شؤون ابنه الذي لم يكن ليتجاوز 11 من عمره حين مغادرته أفغانستان، بالتوقف عن إقحامه في التدريبات والمعارك، كما أشارت الوثائق والمحادثات، داعياً إياهم إلى التركيز على تأهيله العلمي والفكري والمنهجي والإداري فقط، مرسلاً الأب بن لادن من يقوم برعاية حمزة علمياً ومنهجياً، وبهدف متابعة عزله عن الميدان العسكري.
إلا أنه ورغم جهود أسامة بن لادن بعزل ابنه عن الميدان العسكري، انكشف إصرار حمزة نفسه على المشاركة بالقتال، قائلاً في رسالته إلى والده بعد وصول أم حمزة إلى مقر إقامة زوجها: "لو أمكن وسمحت الظروف بالمجيء إليكم وقضاء زمن معكم ثم أعود بعدها لخدمة الدين.. فهذه هي رغبتي الملحة والتي أسأل الله أن ييسرها لي، أما إذا لم تسمح الظروف بالمجيء بالقدوم إليكم (أو ريثما يتم ترتيب القدوم) فرغبتي هي أن أتلقى التدريب في المعسكرات المتاحة على حسب الظروف ومن ثم أنضم بعدها إلى العمل مع الأخوة والدخول في داخل أفغانستان ومنازلة أعداء الله، هذه رغبتي وأنتظر أمرك فيما تأمرني به...".
ظهر حمزة في 2005 بأول مقطع مرئي له ضمن قوة من مقاتلي طالبان استهدفت جنوداً باكستانيين في وزيرستان الجنوبية، وقبل ذلك في 2003 خرجت رسالة صوتية منسوبة إليه، نشرت عبر أحد المواقع التابعة لتنظيم "القاعدة"، يحض فيها أتباع التنظيم في كابول وبغداد وغزة على "إعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا".
وفي 2008 ظهر شريط فيديو لحمزة بن لادن (18عاماً)، يدعو فيه إلى إزالة بريطانيا وحلفائها من الوجود مهاجماً كذلك الولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا.
وفي أغسطس 2015 رصدت رسالة صوتية منسوبة إلى حمزة بن لادن بعنوان: "تحية سلام لأهل الإسلام"، دعا فيها إلى شن هجمات ضد أميركا وإسرائيل، مبايعاً الملا عمر زعيم حركة طالبان حينها، ومشيداً بجهود زعيم "القاعدة في جزيرة العرب" ناصر الوحيشي الملقب بـ"أبو بصير".
ووجه حمزة الذي كما أطلقت عليه الشبكة الإعلامية للقاعدة بـ"الأمير"، التحية إلى زعيم تنظيم "القاعدة" الحالي أيمن الظواهري الذي كما وصفه بـ"رفيق الجهاد مع الوالد"، مشيداً بفروع وأتباع "القاعدة" في (الجزيرة العربية وسوريا وفلسطين والعراق والمغرب والصومال والهند والشيشان وإندونيسيا).