نواكشوط- بعد ترقب دام سنوات، تدخل موريتانيا بعد أشهر قليلة عهدا جديدا تُصدّر فيه أول شحنة من الغاز المسال في تاريخها من حقل "أحميم الكبير" المشترك مع السنغال وتتذوق مع جارتها الجنوبية طعم عائدات الغاز لأول مرة.
لحظات تحلم بها شعوب العالم وحكوماته ويعيشونها بصخب دائم لما تشكله من أهمية في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية وما تفتحه من آفاق وفرص واعدة، لكنها تمر بهدوء في موريتانيا رغم حاجتها الماسة لمشروع الغاز الأول في البلاد.
فبينما ينظم السنغاليون ورشات وفعاليات حول وضعية البلاد فرحا بـ"عهد الغاز" بعد تصديره والمشاريع التي ستنجز من عائداته، لا تتحدث -في المقابل- السلطات الموريتانية عنه كثيرا رغم أن الدولتين شريكتان في العائدات بالتساوي.
هذه المفارقة جعلت البعض يتساءل عن السبب الذي جعل الموريتانيين لا يتحدثون عن هذه الثروة، وهم يعيشون على وقع اقتراع رئاسي وشيك.
يعتقد الصحفي الخبير في الشؤون الأفريقية محفوظ ولد السالك أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والتطوير لحقل "السلحفاة/ أحميم الكبير"، وتأخر بدء الإنتاج لأكثر من عامين، أصاب موريتانيا بخيبة أمل من هذا الحقل المشترك مع السنغال.
وكان البلدان قد وقّعا، قبل 6 أعوام، على القرار النهائي لاستثمار هذا الحقل المكتشف على حدودهما البحرية المشتركة، الذي تبلغ احتياطاته نحو 25 تريليون قدم مكعب. وتوقعت -حينها- شركتا "كوسموس" وبريتش بتروليوم (بي بي)، الموقعتان على عقد استغلال الحقل، أن ينطلق الإنتاج فيه بشكل فعلي نهاية عام 2021.
وتأخر اكتمال هذا المشروع المشترك أكثر من سنتين عن موعده المحدد، مما أدى إلى ارتفاع تكاليفه من 3.8 إلى 10 مليارات دولار، وهو ما يؤثر على المداخيل السنوية للدولتين. وستجني كل من موريتانيا والسنغال -بعد هذا الارتفاع- 60 مليون دولار سنويا تقريبا، بدلا من 100 مليون دولار سنويا في المراحل الأولى لكل واحدة منهما.
لذلك، حسب ولد السالك، فإن التصريحات التي تتوالى -مقللة من شأن مستوى الآمال المعلقة على هذا الملف- قد تحمل مستوى من الواقعية، ولا يستبعد أن تكتشف السنغال -متأخرة- ما وصلت إليه موريتانيا بهذا الخصوص.
ومع ذلك، فإن السنغال أبدت اهتماما أكبر بملف الغاز منذ الوهلة الأولى، وبدأت الاستعدادات لذلك على المستوى اللوجستي، والتنظيمي، والتكويني.