مأساة حقيقية استيقظ عليها المجتمع اللبناني، خاصة وأن الجاني طفل يبلغ من العمر 7 سنوات طلب من والدته أن تحضر له المال حتى يقصد المحل ليشتري بعض الألعاب، فدخلت القتيلة فاديا زين منصور (45 عاماً) إلى غرفتها وإذا بصلاح يلحق بها لأخذ المال، ولكن شاءت الظروف أن يشاهد مسدس والده موجود على الطاولة فلم يكن منه إلا أن أخذه وأطلق رصاصة واحدة كانت كفيلة بقتل والدته، وظن صلاح أنه يلعب معها، ولكن للأسف الشديد، فارقت فاديا الحياة وصلاح لا يزال ينتظر عودتها حتى يلعب معها.
.
في تفاصيل القضية، أن والد صلاح وزوج فاديا (ناصر منصور) ترك مسدسه الحربي على طاولة في غرفة نومه فظن صلاح أنه لعبة مثل باقي الألعاب التي يلهو بها، فأطلق النار على رأس والدته التي توفيت على الفور، خاصة وأن الإصابة كانت مباشرة في رأسها.
وفي اتصال لـ "سيدتي" مع مسؤول في قوى الأمن الداخلي، أفادنا "أن طفل السبع سنوات أطلق النار من مسدس والده الحربي على رأس والدته وأرداها قتيلة بعد إصابتها في رأسها مباشرة".
وأضاف: "أصيبت الوالدة بطلق ناري من مسدس كان يلهو به طفلها أثناء وجودها في غرفة نومها، وأصابها برأسها ما أدى إلى وفاتها على الفور، على الرغم من محاولة إسعافها ونقلها إلى المستشفى، وقد وقع الحادث في منزل القتيلة الكائن في شارع معوض (شرق الضاحية الجنوبية).
العائلة المفجوعة
والد الضحية، الذي لم يصدق حتى هذه اللحظة أن ابنته فارقت الحياة، أشار إلى أنه فقد زوجته منذ ثلاثة أشهر أو أكثر، وأن ابنته الفقيدة فاديا كانت تتصل به يومياً للاطمئنان على صحته لكبر سنه، كما أنها كانت تتابع تفاصيل حياته بكل دقة، فمن سيطمئن عليه اليوم بعد رحيلها؟.
وتقول مصادر قريبة من العائلة لـ "سيدتي" إن الطفل صلاح لا يدرك حتى اليوم حجم الكارثة، التي حلّت بعائلته وهو في بحث مستمر عن والدته التي قيل له إنها خرجت لزيارة الطبيب.
وعندما قررت العائلة الانتقال إلى الجنوب لإتمام مراسم الدفن ، قيل له إن والدته سبقته إلى القرية فبدأ بالاستعداد للذهاب إلى ملاقاتها هناك، فأعد صلاح حقيبة ثيابه، ولم ينسَ بعض ألعابه وقارورة الماء التي اعتاد أن يحملها في الزيارات السابقة التي كان يقوم بها مع عائلته إلى القرية، وصعد إلى السيارة التي ستنقله، ملوّحاً بيده لجميع الواقفين من أقاربه المتشحين بالسواد، وودّعهم ليستكمل احتفاله بالسفر، غير مدرك للأسى الذي يلف العائلة.
الأثر النفسي
وحول حالة الطفل النفسية تؤكد الدكتورة والخبيرة النفسية أنيسة الأيمن مرعي "إنه من الضروري جداً أن يتابع محلل نفسي حالة الطفل صلاح بأسرع وقت حتى يستطيع أن يخرج هذا الإثُم الفظيع والكبير الذي ارتكبه عن غير قصد طبعاً، وإلا- برأيي- سوف يقضى على الطفل ويعيش حالة نفسية وحياة مستقبلية بشعة جداً".
وأضافت الدكتورة مرعي قائلة: " سوف يعيش صلاح الحقيقة المرّة بعد فترة من الوقت إن كان من خلال علاقته مع المرأة بشكل خاص أو من خلال علاقته مع المجتمع ككل، من دون أن ننسى بالطبع الحالة النفسية الصعبة التي سوف يعيشها مع ذاته؛ لأن شعوره بالذنب والإثم سينعكس على علاقاته وعلى كل شيء يقوم به.
يعيش صلاح في الوقت الحالي حالة من التجنّب وكبت ما قام به والنكران التام للحادثة، وهو بذلك يتجنّب الشعور الفظيع بالذنب مهما تمّت رعايته واحتضانه من جانب أفراد عائلته، ولكن هنا علينا أن نطرح السؤال الآتي: إلى متى سيعيش صلاح حالة التجنب هذه؟ لا بدّ أن تأتي لحظة معينة ويدرك فعلته وهنا تقع المشكلة".
وختمت الدكتورة حديثها قائلة: "برأيي، ما سوف يعيشه صلاح بعد فترة، وخاصة عندما يبلغ عمراً معيناً ويدرك الحقيقة، سيصاب بحالة نفسية صعبة جداً إذا لم تتم متابعته نفسياً اليوم، ولن يتمكن من إنجاز الكثير في حياته بسبب الماضي البشع الذي سيظل يرافقه".
الناحية القانونية: ما حصل حادث وليس جريمة
أما من وجهة نظر القانون، فقد أكد المحامي في الاستئناف محمد عفرة في حديثه إلى "سيدتي" "أن ما حصل حادث وليس جريمة. نقول ذلك لأن طفلاً يبلغ من العمر 7 سنوات لا يمكن أن يخطط لارتكاب جريمة بعناصرها المعنوية والمادية حيث أنه ليس هناك من دافع أو غاية أو مكسب يريد هذا الطفل تحقيقه من جرّاء ما قام به، كما وأن الطفل في هذا العمر لا يمكنه أن "يلقّم" المسدس، فالمسؤولية تقع على من تركه بين متناول يد هذا الطفل".
وأضاف:" إن ما قام به الطفل من إطلاق نار يشكل حادثاً وليس جريمة؛ لأنه لا يدرك أفعاله ولا يقدّر المخاطر الناتجة عن هذا المسدس، كما أنه لا يميّز إن كان هذا المسدس لعبة من ألعابه أو أنه أداة قاتلة، ونتيجة لذلك لا يمكن محاسبة الطفل قانونياً على ما قام به لسبب عدم الإدراك والتمييز للمخاطر الناتجة عن هذا المسدس