وجد باحثون أن الذين يعيشون في مناطق ذات مستويات متوسطة من تلوث الهواء لديهم خطر أكبر بنسبة 56% للإصابة بمرض باركنسون، مقارنة بمن يعيشون في مناطق ذات مستوى أدنى من تلوث الهواء.
وأجريت الدراسة، التي نشرت في مجلة Neurology، من قبل باحثين في معهد بارو للأعصاب، بهدف تحديد الأنماط الوطنية والجغرافية لمرض باركنسون واختبار ارتباطها مع الجسيمات الدقيقة.
وتقول بريتاني كرزيزانوفسكي، الباحثة في معهد بارو للأعصاب، والتي قادت الدراسة: "لقد أظهرت الدراسات السابقة أن الجسيمات الدقيقة تسبب التهابا في الدماغ، وهي آلية معروفة يمكن أن يتطور بها مرض باركنسون. وباستخدام أحدث تقنيات التحليل الجغرافي المكاني، تمكنّا، لأول مرة، من تأكيد وجود ارتباط قوي على المستوى الوطني بين حادثة مرض باركنسون والجسيمات الدقيقة في الولايات المتحدة".
ووجدت الدراسة أن العلاقة بين تلوث الهواء ومرض باركنسون ليست هي نفسها في كل جزء من البلاد، وتختلف قوتها حسب المنطقة.
وتم تحديد وادي نهر المسيسيبي-أوهايو كنقطة ساخنة لمرض باركنسون، إلى جانب وسط داكوتا الشمالية وأجزاء من تكساس وكانساس وشرق ميشيغان وطرف فلوريدا.
وكان الأشخاص الذين يعيشون في النصف الغربي من الولايات المتحدة أقل عرضة للإصابة بمرض باركنسون مقارنة ببقية البلاد.
وتشير كرزيزانوفسكي إلى أن "الاختلافات الإقليمية في مرض باركنسون تعكس اختلافات إقليمية في تكوين المادة الجسيمية. وقد تحتوي بعض المناطق على مادة جسيمية تضم مكونات أكثر سمية مقارنة بالمناطق الأخرى".
وعلى الرغم من أن المؤلفين لم يستكشفوا بعد المصادر المختلفة لتلوث الهواء، إلا أن كريزانوفسكي تشير إلى وجود كثافة عالية نسبيا لشبكة الطرق في وادي نهر المسيسيبي-أوهايو.
وتوضح كرزيزانوفسكي: "هذا يعني أن التلوث في هذه المناطق قد يحتوي على المزيد من جزيئات الاحتراق الناتجة عن حركة المرور والمعادن الثقيلة الناتجة عن التصنيع والتي تم ربطها بموت الخلايا في جزء الدماغ المتورط في مرض باركنسون".
وحددت الدراسة الجغرافية القائمة على السكان نحو 90 ألف مصاب بمرض باركنسون من مجموعة بيانات الرعاية الطبية التي تضم ما يقارب 22 مليونا. وتم ترميز الأشخاص المصابين بمرض باركنسون جغرافيا إلى الحي الذي يقيمون فيه، ما مكن الباحثين من حساب معدلات مرض باركنسون داخل كل منطقة. كما تم حساب متوسط التركيزات السنوية للجسيمات الدقيقة في هذه المناطق المحددة.
وبعد التكيف مع عوامل الخطر الأخرى، بما في ذلك العمر والجنس والعرق وتاريخ التدخين والاستفادة من الرعاية الطبية، تمكن باحثو بارو بعد ذلك من تحديد الارتباط بين تعرض الشخص السابق للجسيمات الدقيقة وخطر الإصابة بمرض باركنسون لاحقا.
وبحسب كرزيزانوفسكي، فإن "الدراسات الجغرافية القائمة على السكان مثل هذه لديها القدرة على الكشف عن رؤية مهمة حول دور السموم البيئية في الإصابة بمرض باركنسون وتطوره، ويمكن تطبيق هذه الأساليب نفسها لاستكشاف نتائج صحية عصبية أخرى أيضا".
ويأمل الباحثون أن تساعد البيانات المستمدة من هذه الدراسة الجديدة في فرض سياسات أكثر صرامة من شأنها خفض مستويات تلوث الهواء وتقليل خطر الإصابة بمرض باركنسون والأمراض الأخرى المرتبطة به.