«القدس العربي»: فجأة ظهرت صورة الفتاة الأزوادية الفاتنة وهي ترتدي ملحفة مصبوغة بلون «النيلة» الأزرق، على صفحات المبحرين الموريتانيين فتناقلوها مضرجة بتعليقات الحب وبالشعر المتغزل، وافتتنوا بها حتى ألهتهم عن شؤون البلد وعن شجون الحياة.
.هذا التغزل بفتاة أزواد وما رافقه من تعليقات تمجد الجمال الطبيعي وتهاجم الجمال المصطنع بأدوات الماكياج الحديثة، أغضب شابات موريتانيا اللائي اعتبرن تغزل شبابهن بفتاة أزواد، استهزاء بهن وعزوفا معلنا عن حبهن والغرام بهن.
كانت ردة فعل الشابات الموريتانيات عنيفة حيث نشرن الآلاف من صورهن وهن في وضعيات مختلفة مثيرة بعضهن نصف عاريات والبعض الآخر في سيلفات غنج ودلال.
واتجهت شابات موريتانيا لمنحى آخر حيث اخترن صورة شاب أزوادي وسيم وصببن عليه دموع الحب إغاظة لشباب موريتانيا المغرم بالفتاة، ونسجن حوله شعر التغزل النسوي المعروف محليا بمسمى «التبراع» وهو زجل حساني تظهر فيه الفتاة حبها وغرامها وتذكر محبوبها رامزة متبرقعة ببرقع شعر يقطر وجدا وشوقا وعشقا.
تبودلت في هذه الحرب، تعليقات كثيرة عبر دهاليز التواصل منها ما أكد فيه المدون سيدي أحمد «أن غالب من تناولوا صورة الفتاة الأزوادية وتبادلوها مع متابعيهم سرعان ما استنتجوا من خلال الصورة أن مواد التجميل تشوه الجمال الحقيقي للمرأة منبهين إلى ضرورة تخلي الفتاة الموريتانية عن هذه المواد التي اعتبروها سامة ومسرطنة».
«المضحك، يقول سيدي، أن أغلب أصحاب هذه الدعوة ما زالت أسماؤهم معلقة في خانة «أعجبني» بجانب صور فتيات نشرت من قبل وقد اكتست مواد التجميل وجوههن وربما أكثر؛ والمضحك أكثر أن بعضهم تجاوز حد الإعجاب إلى التعليق مشيدا بجمال من تضمنتهم تلك الصور ومتذكرا أشعار امرئ القيس وأبي الطيب ونزار، كل ذلك إعجابا واندهاشا بأجساد لطخت بالمواد المسرطنة التي ذكرتهم اليوم صورة الفتاة الأزوادية بخطورتها وضرورة التخلص منها».
يقول المدون عبد السلام سيدي أحمد «من الواضح أن هناك شبه اتفاق بين النشطين الفيسبوكيين على معايير الجمال الموريتاني، ما دامت صورة الفتاة قد نالت كما كبيرا من الإعجاب والغزل، شخصيا.. لا أرى فيها أكثر من إبداع الخالق في صنعه بجميع خلقه، وليس لها من حظ الجمال أكثر من قوله تعإلى:
(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)».
وأضاف «الراجح أن الغالبية العظمى قد تأثرت ببساطة الصورة وعفويتها وتلقائية اللحظة المسروقة من الزمن، في ظل صخب المدنية وحضورها القوي في كل مناحي الحياة كالملبس والمشرب والمظهر والسلوك».
ويتدخل لحزام الشين ليؤكد «أن هذه الصورة اكتسحت العالم الأزرق وأدرك الجميع أن الجمال الطبيعي ينتصر على الآلة وعلى كل ما يُنتج في شركة لوريال ونيفيا وشانيل و Olay».
وتقول المدونة ريم بنت «انتشرت هذه الصورة مؤخرا كأنها سلبت ألباب ذوي الألباب في أرض اليباب ..ووفقا للجمال الطبيعي فالحقيقة أن هذه الصورة لا تنافس الا في السوق الدخناء… مع احترامي لصاحبتها طبعا».
ويقول الشاعر الموريتاني الشيخ إبراهيم بلعمش «صورة الفتاة الأزوادية قصة اختلقتها المخابرات لتشغلنا عن القضية الأساسية».
ويقول موقع «نوافذ» معلقا على حرب التغزل «في وضع صورة فتاة أزوادية ونشرها وتداولها والتغزل عليها، تجن على النساء الموريتانيات تماما كما هو الفعل «الإنتقامي» الذى لجأت إليه نسوة بـ»فيسبوك» عندما نشرن صورة لشاب أزوادي و»تبرعن» عليه جريا وراء «توازن رعب» عاطفي ومواجهة «الاستفزازالذكوري».
وتدخل المدون الموريتاني الشهير حبيب الله ولد أحمد ليؤكد «أن الثقة بالنفس تستوجب عدم اكتراث الموريتانيات بصورة أي امرأة أجنبية مهما قيل عن جمالها ومهما حولها «فوتوشوب» إلى ملاك أسطوري ولا ينبغى أن تثير تلك الصور حفيظتهن تحت أي ظرف من الظروف».
وأضاف «هي نفسها الثقة بالنفس التي تتطلب من الرجل الموريتاني أن لا يستفزه أبدا ظهور صورة رجل أجنبي مهما دبج فيها من قصائد ومسحت ضوئيا لتكون آية في الجمال والروعة، أما المهم فهو احترام مشاعر الجميع فإن لم يحترم الرجل الموريتاني مشاعر المرأة الموريتانية فلا أحد خارج الحدود سيفعل ذلك وإن لم تحترم المرأة الموريتانية مشاعر الرجل الموريتاني فلا أحد سيحترمها خارج الحدود أيضا».
«ومن العار، يضيف المدون، أن تظهر صور تتعرض للنسخ واللصق والمسح والتزيين والتعديل لامرأة هنا أو رجل هناك، هذا الصراع الافتراضي الوهمي الذي يغفل أهم الحقائق على الإطلاق وهي أن المرأة الموريتانية هي الأجمل عالميا وأن الرجل الموريتاني هو وحده الأكثر قدرة على تفهم تلك الحقيقة والانسجام معها دون عقد أو تذويب شخصية أو تلاعب بمشاعر إنسانية مهما كانت وهو أيضا الأكثر قدرة على الثقة بنفسه عالميا».
أما النساء والفتيات الموريتانيات فقد ألجأهن غرام الشباب الموريتاني بفتاة أزواد للتغزل على شاب أزوادي ملثم نشرن صورته على صفحاتهن على فيسبوك وطالبن كل فتيات موريتانيا بالتغزل عليه انتقاما من الرجال الموريتانيين الذين عبروا عن انبهارهم من الجمال الطبيعي لفتاة أزوادية».
وأطلقت المدونة فرحة منت الحسن هاشتاغا داعية جميع النساء الموريتانيات للتغزل على الفتى الأزوادي الوسيم.
لقيت هذه الدعوة تجاوبا واسعا وامتلأت صفحات التواصل بالمئات من قصائد التغزل التي تفوح بالغرام وبالعشق.
وما تزال حرب التغزل هذه متواصلة على أشدها في تجاويف العالم الافتراضي، حرب أدواتها الشعر وخيالها الجمال وإيقاعها الحب.
عبدالله مولود