يبدو أن قيادة مجلس الشيوخ فهمت تسمية مجلسها الموقر فهما مغايرا لواقعه الدستوري المحدد لمأموريات الفئات المكونة له، فصرفت معنى الشيوخ إلى الشيخوخة في الوظيفة البرلمانية
..
إن تحنيط المجلس؛ الذي تعاقبت عليه أربعة أنظمة باحتساب الفترة القصيرة التي تولى فيها المرحوم با امباري مقاليد السلطة، يصب في صالح القائلين بعدم احترام آجال المأموريات الدستورية، كما يصيب المراقبين بالحيرة والذهول وهم يرصدون تجديد مجلس النواب والمجالس المحلية في جو يطبعه الاحتقان السياسي، في حين لم يطل التجديد مجلس الشيوخ.
وحتى المجلس الدستوري، المعين من طرف رئيس السلطة الحاكمة، لم يحاب الحكومة في موضوع التجديد الجزئي المقترح، فحكم بعدم شرعية كافة فئات مجلس الشيوخ، ووصف الوضعية الراهنة للمجلس بأنها غير دستورية، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حينما طالب بتجديد كافة الفئات، معتبرا أنها تجاوزت المدة المحددة لها بمقتضى التفويض الانتخابي.
ومع كل ذلك؛ لم يعدم مجلس الشيوخ من يحاول صرف النظر عن وضعيته المخلة باحترام الدستور من خلال إيهام الرأي العام بقرب حل بقية المؤسسات الدستورية وتنظيم انتخابات مبكرة، رغم الأجواء غير المبشرة بحصول اتفاق سياسي عبر الحوار.
فبلغة الإنصاف والاعتراف لا يزال النواب والعمد والمستشارون البلديون يتمتعون بشرعية مستمرة إلى غاية انتهاء مأمورياتهم الدستورية، أو إلى حين إجماع الطيف السياسي على الاحتكام إلى انتخابات توافقية مبكرة، وما لم يتحقق أحد الشرطين فلا مجال لمقارنة شرعيتهم المستمرة بشرعية مجلس الشيوخ المنتهية.
ثم إن تنظيم انتخابات برلمانية وبلدية يتطلب رصد مبالغ مالية ضخمة لتسيير العملية الانتخابية الأوسع انتشارا، قد لا تكون في المتناول الآن، في حين يتطلب تجديد مجلس الشيوخ موارد مالية أقل بكثير مما يستوجبه انتخاب النواب والمجالس المحلية، فاللائحة الانتخابية للشيوخ محصورة في المستشارين البلديين الذين يعتبرون في وضع دستوري صحيح.
إن وجود مجلس الشيوخ في مربع خارج الإطار الدستوري، يحرم بعض المقاطعات الوليدة من حق التمثيل في المجلس، بعد أن أصبح لديها نواب، وتوفرت على مجالس محلية منتخبة، ويجعل المراقب ينظر بريبة تامة إلى شرعية القوانين التي يصادق عليها مجلس أضحت صلاحياته الدستورية في خبر كان