دقة - حياد - موضوعية

ولد محمودي يكتب في الذكرى السادسة لرحيل الصحفي احمد لطالب:

2021-12-30 06:38:33
 
أحمد،كيف أنت؟
بخير،لاشك في ذلك فأنت طيب القلب مؤمن وبين يدي غفور رحيم..سنوات مرت ومازلت نديا في عيني وقلبي وذاكرتي،فمثلك لايتحلل ولايضمحل،لست ذكرى ولايمكن أن تكون..أنت معي دائما وأبدا..أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى..أين بلقيس ملكة سبأ؟ أين حكايانا،أين جلساتنا،أين الضحكة المدوية وأين أناقة حديثك..أين أنت لأخبرك بأنني تعرضت بعدك لهزات وآخرها تقتلني الآن ولست معي لأحدثك ولأدفن فيك آهاتي وزفراتي..الحياة التي لاتعنيك مملة،صدقني باتت مملة لأن الحب فيها يتقهقر ويضعف أمام جشع القلوب والنفوس وأمام الظنون والشكوك،والحياة بلاحب كما تعرف موت غير رسمي،صاحبه لايخرج من المشفى..كنتَ دائما أشجعنا لذا واجهت الموت قبلنا،وتركتنا للاختباء ولعب الغميضة مع الزائر الذي نحاول الفرار منه وننسى في فرارنا هذا اننا نفر من العزيز الجبار لكن اليه وهو الغفور الرحيم،..لامفر منه الا اليه،فلماذا الخوف ومحاولة الفرار من لقاء الحبيب!
الموت أحيانا يكون حلا،اذ يبعدنا عن البغضاء والضغائن والأحقاد والطبقية والآثام والركض وراء المال وتملق من يملكون الأقوات بسبب كونهم استيقظوا مبكرا وسرقوا ما في الخزنة..انه حل طالما فكرت في ان يكون أحد طلباتي لخالقي، لكنني أجبن كل مرة وأتذكر بأنني بلا زاد ولامتاع ولا أطيق الاجهاد والنصب، فأتردد وأسأله البقاء لفترة أخرى سرعان ما أكرهها هي الأخرى لأنها ستكتظ بالأسى والحزن والرهبة والضجر.
أخي أحمد، في ذكراك كما يسمونها يمكنني الآن التحدث بكل حرية لأنك لاتراني ولن تسخر مني ولن تُضحك مني الأقران المتبطلين: مكانك في القلب حجزته مني حين كنا مراهقين ثم رحلت ومازال على حاله،كم من واحد أتى وجلس متحمسا على كرسيك لكنه بعد برهة يكتشف انه جلس بالخطأ وفي المكان الخطأ، فينصرف ويظل المكان شاغرا غضا بذكرياتنا معا وضحكاتنا معا ومناجاتنا لبعضنا.
كم سخر الرفاق منا كحالمين وعاطفيين،بلقيس،وغيرها والعطور،والحب،والموسيقى و السياب حين يسأل: هل كان حبا،،كل هذا كان مثار سخريتهم..أما وقد كبروا فقد عرفوا كم كنا صادقين حين كشفنا مشاعر، هم الآن يتكلفون في بثها بعد ان نضجت وغلبتهم..كنا أعقل حين لم نكتم وحين عبرنا وحين عشنا وحلمنا وتخيلنا.
أحمد
نظريا لست معي،فأنت هناك وأنا هنا،لكننا نجلس معا بدليل أني أحدثك ولم أفقد عقلي ولم يقل لي أحدهم: اسكت فأنت مجنون تخاطب الهباء.
الهباء لايمكن ان يكون صفة لك فأنت صفات ومشاعر وأخلاق وكل شيئ مما يستحيل ان ينعت بالهباء.
ست سنوات،شاب فيها الشعر وتساقط(انظر الصورة) وتحطم أناس في نظري وماتوا وهم أحياء لكنني مازلت وفيا لقلبي،لا أخالفه وان ظلمني أو ظلمت بسببه..الحب في سيظل المتغلب والكره لامكان له..أليس هذا اول عهد قطعناه..اطمئن،قلبي بخير وسيظل حتى حين أكون معك في مرقدنا..سيظل صادقا ولايجامل،سيظل الحب شعاره..وسيتوهم الحب في أشخاص ثم يكتشف خيانتهم لكنه سيحبهم رغم ذلك لأنه لايمنح من المشاعر الا الحب..فاقد الكره لايعطيه.
أخي، وألذ مخلوق عرفته،
اصبر وحدتك وانشغل عنها وعن دنيانا برحمة الله ثم استمتع بنعمه حتى ننتقل اليك ونسعد بالجنة، وسننعم بها، لأننا نحب الله حقا وأحببناه معا، وانتقل حبنا له الى حب مخلوقاته.والحبيب لايعذب حبيبه،.قريبا صديقي نلتقي، فالحياة تركض ونحن نحو الأخرى راكضون..وداعا والى زيارة قادمة..لك الحب الأبدي.
* بالمناسبة بلقيس لم تعد ملكة سبأ فقد سرق الزمن عرشها للأسف،و تعيش أيامها الأخيرة بلقب "ملكة سابقة",تتبضع ببضع سنتات لاغيرْ.

تابعونا على الشبكات الاجتماعية