دقة - حياد - موضوعية

أسرار انقلاب 8/ يونيو ضد الرئيس معاوية (ح1)

2015-06-11 23:51:51

-نواكشوط - "السراج":-تبرز إلى واجهة المشهد السياسي أسئلة كثيرة، عن ماذا وقع وكيف تم التخطيط له، وعن عوامل فشل أول محاولة قوية استطاعت هز نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع وإحداث شروخ قوية في بييته غير الزجاجي جدا حينئذ.

.

تفتح "السراج" نافذة جديدة في جدار تاريخ الانقلاب، تسائل أبرز قادته العسكريين والسياسيين، محاولة إعادة تشكيل الصورة بعد سنوات تعددت فيها الروايات بحسب المواقع والمواقف بل بحسب الخلفيات السياسية والقبلية.

سبع سنوات من التخطيط

مع السنوات الأولى من عقد التسعينيات، كان العشرات من الضباط أولى الخلفيات القومية قد أخذوا مواقع متقدمة في مؤسسة الجيش، وفي المقابل كانوا هؤلاء المفعمون بمفاهيم "الشرف العسكري" وقيم المؤسسة العسكرية، بدأوا أيضا يظهرون "التزاما دينيا " كان لافتا جدا للمؤسسة العسكرية التي لم تكن ترغب في كثير من مظاهر " القومية ولا الأسلمة":

كان أول اصطدام بين مجموعات الضباط وقادتهم العسكريين، عندما طالبوا بإنشاء مسجد في إحدى مؤسساتهم العسكرية، طلب حينها العقيد العربي ولد جدين رأي قائده العقيد مولاي ولد بوخريص، قبل أن يبلغ النقباء برفض المؤسسة العسكرية لبناء مسجد في وحداتها.

كان الرد سريعا، عندما قام النقباء بجمع مبلغ مالي للشروع في بناء المسجد، لكن رئيس الأركان ولد بوخريص أمر بتوقيف البناء بشكل نهائي بعد أن شارف على الانتصاف

قادة الجيشكان من بين أولئك القوميين المتدينين ضباط متعددون من بينهم أربعة أشخاص مثلوا أول نواة لما سيعرف لاحقا " بتنظيم فرسان التغيير" ويتعلق الأمر بكل من "صالح ولد حننا، ومحمد ولد شيخنا، ومحمد الأمين ولد الواعر، وأحمد ولد أحمد عبد".

تفاقم الشرخ بين الضباط ومؤسستهم العسكرية، بعد الانتخابات البلدية والنيابية في 1994، لقد شهد الضباط والجنود على مستوى فظيع من التزوير، وآمن أغلب المتحمسين لقيم الجمهورية والجيش الذي يحمي الدولة المدنية، بأن النموذج الطائعي للحكم غير ديمقراطي بالقدر الذي يبنغي أن يمنحه ثقة الجيش.

ومع منتصف العام 1996، بدأ تشكيل أول خلية عسكرية، ضمت العناصر الأربعة السالفة الذكر، ظل الأمل في الإطاحة بولد الطايع يختمر في نفوس المعنيين، قبل أن تلوح أول بادرة لذلك سنة 2000، كان من المنتظر حينها بعد أن تجاوز عدد المنتسبين إلى التنظيم العنقودي أصابع اليدين، وكان من المقرر حينها أن يتم الانقلاب بواسطة الوحدات التي ستشارك في الاستعراض العسكري المنظم في 28/12/2000، لكن وشاية من ضابط سام أدت إلى تسرب الخبر إلى الجهات الرسمية 48 ساعة فقط قبل التنفيذ الموعود.

وبدأت أولى رحلات الاعتقال حيث اعتقل كل من المختار ولد التل يرب ولد باب أحمد، زيدان ولد سيدي، سيدي ولد اعل وصالح ولد حننا، أفرج بعد عن كل من زيدان ولد سيدي وسيدي ولد اعل، فيما تم تسريح البقية.

ثلاث سنوات من أجل 8 يونيو

بعد فشل المهمة العسكرية، الأولى وخروج ولد حننا رفقة زميليه، من المؤسسة العسكرية، بدأت مرحلة ثانية من التخطيط كان محمد ولد شيخنا العقل الأساسي والعنصر القيادي داخل المؤسسة العسكرية، فيما كان "التاكسيمان" صالح ولد حننا يؤدي هو الآخر أدوارا مهمة في سبيل التنسيق واكتتاب عناصر جديدة.

اقتضى الأمر وفق مصادر السراج أسفارا متواصلة لولد حننا إلى أطار وأكجوجت وألاك وسيلبابي، حيث توجد مناطق عسكرية مستهدفة بالاكتتاب العسكري

وفي داخل المؤسسة العسكرية، بدأ محمد ولد شيخنا، عبد الرحمن ولد ميني، أحمد ولد امبارك، موسى ولد سالم، محمد الأمين ولد الواعر، محمد ولد سعد بوه ..أسماء كثيرة لكنها لم تتجاوز 50 ضابطا من مختلف الوحدات العسكرية.

تنظيم عنقودي وبنية قبلية

الرائد محمد ولد شيخنارغم أن بعض قادة التنظيم يرفضون بشكل قاطع أن يكونوا قد اتفقوا على قيادة محددة، إلا أن قادة مركزيين آخرين يؤكدون في تصريحات للسراج أن البناء العنقودي لتنظيم فرسان التغيير في طبعته الأولى، ما قبل 2003 لم يكن يسمح للعنصر المنتمي بأن يتعرف على أكثر من قائده المباشر، فيما كانت هنالك قيادة ثنائية ضمت كلا من صالح ولد حننا ومحمد ولد شيخنا باعتبارهما عنصري المبادرة الأصلي وربما أقدم عنصرين أيضا في مشروع الانقلاب العسكري.

وعلى صعيد الاكتتاب اعتمد التنظيم ما يعتقد أنه وسائل الأمان الضرورية، ولذا اعتمد الاكتساب العسكري على ثلاثة معايير أساسية

-        القرابة التي تمنع صاحبها – إذا لم يوافق على الانخراط – من الوشاية بمن فاتحه في موضوع الانقلاب

-        الزمالة الإيديولوجية التي تضمن الرعاية

-        الثقة المطلقة في العنصر

وفي النهاية أنتجت هذه المعايير متتالية من الأقارب يديرون تنظيما عسكريا ويسعون بشكل قوي إلى الإطاحة بأعتى رئيس لموريتانيا، وفي الجملة كانت الأغلبية الكاثرة مقسمة بين أقارب صالح ولد حننا، والمنتمين إلى فضاء الحوض الغربي، وأقارب محمد ولد شيخنا

ويرفض قادة مهمون في تنظيم فرسان التغيير تهمة القبلية والجهوية، ويؤكدون في تصريح للسراج إن دوافعهم الفكرية والسياسية كانت أكبر من هذا الانتماء، ولم يكن ليعيق تحقيق الأهداف الأساسية التي يسعون لتحقيقها.

ساعات قبل الانقلاب

قبل الانقلاب بساعات قليلة، كان الجميع على علم بمواقعه وتكاليفه، تلقت أعلى حلقات التنظيم اتصالا من الرائد محمد ولد فال يؤكد أن الضابط والعقيد الحالي الحسن ولد مكت لم يعد مستعدا لمواصلة المسيرة، وأنه ربما يبلغ قائد الأركان، تطلب الأمر تدخل الرائد محمد ولد شيخنا، من أجل تبديد مخاوف الحسن ولد مكت، وفي النهاية أعلن الحسن نهاية المخاوف.

مساء عند الساعة الرابعة، حاول ولد حننا التواصل مع العنصرين " محمد ولد فال، والحسن ولد مكت" لكن ولد فال أكد أن كل الأمور تحت السيطرة.

تم تكليف محمد ولد فال بمتابعة الحسن ولد مكت واعتقاله في أسوء الظروف إذا عادوته المخاوف، كان الأمر يقتضي انتزاع هاتف السيد ولد مكت، وإغلاق غرفة عليه لغاية تنفيذ الانقلاب في وقته المحدد عند الساعة الثالثة من صباح الثامن يوليو 2003

عند الساعة 11 مساء، اتصل ولد فال بقيادته في التنظيم ليؤكد لهم أن ولد مكت ذهب إلى قيادة الأركان لإبلاغهم بالمخطط، اعتبر القادة حينها أن ولد فال هو المسؤول الأول عن التبليغ باعتبار مخالفته للأوامر الصريحة بمنع ولد مكت من تنفيذ مخططه.

وهنا تسارعت دقات الزمن، ومع منتصف الليل بدأ الثامن من يونيو...

 

يتواصل

تابعونا على الشبكات الاجتماعية