منذ أمس الدابر أصبحت شوارع الفيس بوك وأمست أزقته مستنقعا لما أطلق البعض عليه أقفوا التمييزوبعد أن كاد الزقاق الذييقابلنا منه أن يغرق بالخربشات التي تطفوا عليها دعوات تحمّل طبقة اجتماعية معينة أسباب الاحتباس الحراري الاجتماعي وتجمّد طبقة الأوزون الفئوي وصبّت جام غضبها على التاريخ والجغرافيا وأذرف المدونون - الكبار - سيلا من الإعجاب والفخر والحماس بسبب وهج الجنود الصغار أصحاب القبعات المزركشة باللون الأحمر والأسود
.
إنّ هذه الطبقة تعتبر هذا فخرا ومكسبا وإلى حدّ الساعة لا يستطيع أحد من أرقائهم البوح بهذا فضلا عن المطالبة بتغييره رغم كثرة منابر الصهيل ومراكز النقيق وما يسمى بالاعلام الحر.
إنّ مجتمع " البيظان " يعيش حالة من شدّ الاعصاب بسبب امتحانه واختباره وتحميله أوزار الأولين والآخرين وأعتقد أنّه سيجد نفسه يوما من الأيام مضطرا للإفصاح عن شعوره تجاه الطبقات التي تسِمه بأشياء هو منها براء...
صحيح أنّ بعض قبائل " البيظان " كما هو الحال في " البولار والسوننكى " كانوا يسترقّون بعض الغرباء وليس هذا خاصا بلون من الناس؛ ولم يكن الدين يومها طرفا في هذه المشاكسة القائمة على سياسة العمل مقابل الغذاء، وإنّما استوحوا هذا من حكم أمر الواقع، وقد استوى في هذا مختلف الأجناس البشرية.
يحكى في الموروث الشعبي " البيظاني " أنّ لصوصا من قطاع الطرق وجدوا رجلا فيه سُمرة وأخذوه للبيع فقال لهم بأنّه "شريف" فقالوا له " بركت بوك وتربح " مما يدلُّ على أنّ سياسة الغاب - حينها - لم تكن تميّز بين شخص وآخر وإنّما المنفعة هي سيدة الموقف.
إنّ الطبيقية الآبارتايدية ليست موجودة في " البيظان " وحدهم، بل إنّ ما يوجد منها في " البولار والسوننكى " أشدُّ ومن خالط القوم يدرك أنّ للعبيد مقابرهم وقراهم وزيهم وعاداتهم التي تخصّهم ولا يمكنهم مجالسة طبقة العرب - منهم - وأصحاب الشأن العام على فراش واحد ولا حتى تجاوز الخطوط الحمراء.
أرجع وأقول علينا أن نفحص سبب التمييز الاجتماعي ودوافعه والتي في مقدّمتها الفقر والجهل فلولاهما لما استطاع أحد إقناع آخر بأنّه أفضل منه بحكم المستوى الثقافي والمادي وحينها نقضي على مخلّفات الاسترقاق الثقافي والاجتماعي ... أما سياسة التمييز الافتراضي والسباحة في بحار البوح والمشاعر الافتراضية وتطبيق جميع أنواع العنصرية الثقافية والاجتماعية في الواقع المعاش فلن تقدّمنا إلى مزيد من الاسترقاق الثقافي.
وصدق مارتن لوثر كنك حين قال للسود الآمريكيين في إحدى خطبه ... مشكلتنا مع الفقر والجهل وليست مع البيض