دقة - حياد - موضوعية

على أي أساس نصنف المدن التاريخية ؟

2018-11-21 20:55:49

مهرجان المدن القديمة المعانق للمولد النبوي الشريف ، فكرة نبيلة و ثمينة ونبتة وطنية من طينة هذه الأرض، لاشرقية ولاغربية ،وقد تجسدت على أرض الواقع وهي من صنع عقل وطني ولها أخوات وتوحي بأشياء كثيرة لا تتعلق فقط بتثمين تراثنا القيمي ،بقدر ما تعيد لهذه المدن التاريخية رونقها المادي وزخرف الحياة فيها ، إنها مساهمة اقتصادية لفك العزلة الحغرافية عن هذه المدن،إنه حوار ناطق بين التاريخ والجغرافيا والواقع ،

.

وقد ظلت هذه الفكرة من السهل الممتنع على مختلف أنظمةالحكم المتعاقبة على إدارة دفة السلطة في هذا البلاد، فليست المدن التاريخية من وجهة نظر هؤلاء إلا مدن أشباح لا تصلح إلا لمن كدر صفو الانظمة،إنها مكبة لنفابات سجناء الرأي ...وهذا يجعلنا نقول إن المشكاة التي خرجت منها هذه الفكرة مشكاة وطنية لا تبحث عن المزايا النفعية وتعرف كيف تدير بحنكة العلاقة بين ثالوث التاريخ والحغرافيا والواقع ،ومن هنا يكون لزاما على كل وطني غيور أن يسجل هذا المنجز في السجل الذهبي الخاص بإنجازات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ، فلاهو بالمسبوق لمثل هذا العمل الوطني النقي من كل الشوائب ...علينا أن نمنحه على الأقل براءة الاختراع...
وربما يكون من باب الحرص على هذا المشروع التاريخي أن تفكر العقول الرصينة بشروط سلامته و بقائه واستمراريته ، وعلى رأس أولويات المحافظة على بقاء هذا المنجز التاريخي ،موضوعية التصنيف ،فعلى أي أساس نصف المدن التاريخية ؟
هناك من يرى أن طبيعة الأرض هي العامل الحاسم في التصنيف ، فبيوت الحجر الصامدة أمام طغيان الصحراء وماتحتويه كهوفها من كنوز تراثية بالإضافة للعامل التاريخي ترجيحات تنوء بعصبة مرجحات الكفة الأخرى من وجهة النظر المهيمنة على مشهد التصنيف الحالي، لكن بالمقابل هناك طرح آخر لايخلو من موضوعية و إنصاف فالتاريخ القيمي للمجتمعات لايقيم على أسس مادية محضة ، فعلى لسان العلامة المختار ولدبونا الجكني:
فنحن ركب من الأشراف منتظم أجل ذا العصر قدرا دون ادنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة...بها نبين دين الله تبيانا
هناك أدوات ابتكرها العقل الشنقيطي في مواجهة طغيان الصحراء منها ظهور العيس وبيت الشعر واكواخ الطين واكواخ النباتات الأخرى...وقد احتضنت هذه المقرات المتنقلة ثقافة أطلق عليها علماء الاجتماع، البادية العالمة ،وليس من الإنصاف إقصاء مدنها أو تقيمها على أساس العامل المناخي...كما أن هناك مدنا انقرضت وأصبحت أثرا بعد عين لكنها كانت لها ما لها من شاو حضاري ،فإذا كان عامل الآثار والحضارة هو الحاسم فعلينا أن نصنف تنيكي على رأس مدن التاريخ وأن نعيد ترميم بناياتها، وكذلك كومبي صالح ومكسم بن عامر وازوكي،واذا كان عامل النصوص التاريخية وقلاع الحركة الثقافية وعامل مد جسور هذه الثقافة الشنقيطية إلى الجوار وحركة مدنيتها ومحاولات التدول فيها وأرشفة تاريخها وتوثيقه فعلينا كذلك ان نولي وجهنا شطر الجنوب ولو لمرة واحدة في العمر كالأذان ،بدء بالبصمات الحضارية للإخوة الزنوج في موريتانيا ففي هؤلاء رجال لاتلهيهم تجارة ولا لهو عن المقاومة و الجهاد وفيهم كذلك مدن أثرية ومحاولات للتدول و إقامة الدولة الاسلامية وكانوا ظهيرا قويا عبر التاريخ لأهل هذا المنكب البرزخي...ومن هذا المنظور لن تسلم أكيدي ولا أوكار ولا صحراء اينشيري ولاتيرس من التمثيل المشع للمدن التاريخية...
علينا ان نوسع دائرة تفكيرنا عندما يتعلق الأمر بالشأن العام وأن ندخل مفهوم النسبية في معايير التصنيف وان نبتعد عن الأحكام الجاهزة...فصيغ العيش المشترك تفرض إكراهاتها...
هذه وجهة نظري الخاصة بشروط سلامة هذا المشروع التاريخي الكبير الذي أسسه رئيس الجمهورية...

الشيخ سيدي محمد معي

تابعونا على الشبكات الاجتماعية