دقة - حياد - موضوعية

الشراء والبيع والتخمين.../ احمد ولد الشيخ

2018-04-08 08:44:29

بدأ "الاتحاد من أجل الجمهورية" (حزب الدولة، نسخة الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، من دون النقود) يوم الأربعاء الماضي، حملة الانتساب إليه، والتي أطلقها اثنان من المناضلين المرموقين: رئيس الجمهورية والسيدة الأولى،

.

واللذين انتقلا بشكل خاص للحصول على هذا الامتياز. إن ولد عبد العزيز، المؤسس الشخصي للحزب، على أنقاض أسلافه في السلطة، يريد بذلك إظهار مدى أهمية الحملة الانتخابية الحالية بالنسبة له. فبعد إنشاء لجنة، برئاسة وزير الدفاع، مكلفة بتقديم مقترحات "لإعادة تنشيط" القاطرة الكبيرة، أمر رئيس الدولة بتنظيم حملة انتساب ضخمة على امتداد التراب الوطني، من أجل "حزب "قوي وديناميكي وديمقراطي وذي هياكل تمثيلية".  ويبدو أن العملية سيئة القيادة.  قام وزراء وموظفون كبار، يسدد دافعو الضرائب رواتبهم، بالفرار من مكاتبهم للإشراف على العمليات في نواكشوط وفي داخل البلاد. ويدور الآن السباق إلى بطاقات التعريف، التي يتاجر بها جهارا نهارا وفي بعض الأحيان بسعر مرتفع. إن كل من يصطد منها أكثر عدد وبالتالي يحصل على أكثر الوحدات القاعدية تحت إمرته، سيحتل المرتبة الأولى، للحصول على "شيء ما". بالتأكيد، أعلن مسؤولو الحزب وكرروا أن الانتساب شخصي ـ وهو تصريح أساسي للحد الأدنى من المصداقية - لكننا نشاهد، في كل مكان، وأمام الملأ، عمليات مكثفة لشراء مئات من بطاقات التعريف.

يجري هذا النوع من السلوك في دم الموريتانيين. كل شيء يشترى وكل شيء يباع. إن الحزب والانتخاب والتصويت تشكل كلها فرصا لتحصيل المال بسهولة ولممارسة الغش، وعلى الأقل للقيام بمحاولة في هذا الاتجاه. لا شك أن هذه الحملة لن تحيد عن القاعدة. وعشية الانتخابات الهامة، التي ستشعل بكل تأكيد حروب الاتجاهات، من الضروري للمرء أن يتبوأ مكانة "جيدة" وأن يثبت توفره على قاعدة انتخابية تحتل موقعا يمكنها من الدفاع عن امتيازات مجندها.  انطلق السباق المحموم إلى المدن الداخلية حيث فقد المليكات [الوجهاء الصغار] كثيرا من كبريائهم، منذ ظهور حركة التصحيح، ولكنهم مع ذلك لا يصرون على عدم التنازل عن أي شيء.  وهكذا سنجد أنفسنا، كما حدث أثناء الانتساب الأخير، كما في جميع تلك التي سبقته، أمام ملايين المنتسبين الذين لا تعرف السواد الأعظم منهم إلى أي حزب انتمى ولا لماذا... باستثناء أقلية ضئيلة. ومن ثم سيقال لنا بأن "الحملة قد جرت في ظروف مرضية، وأن المناضلين كانوا "على المستوى المطلوب" وكيت وكيت. يا إلهي، ما أبله هؤلاء المناضلين!

ما هي فائدة كل هذا ؟ بعد إعلان ولد عبد العزيز رحيله عند نهاية مأموريته الثانية ـ والأخيرة ـ  (وهو إعلان عديم الفائدة، لأن ذلك الرحيل كان بديهيا)، هل لديه حاجة  في نفس يعقوب؟ لماذا يصر إلى هذه الدرجة على إصلاح حزبه في هذا الوقت وهذه اللحظة بالذات؟ ليترأسه بعد مغادرة الرئاسة، حتى لا يبقى خارج اللعبة؟ على أي حال، من المؤكد أنه لم يقل بعد كلمته الأخيرة، ونحن لا نعرف حتى الآن ماذا يدبره. أي خلف سيختار ؟ هل سيمس الدستور من جديد، لتغيير طريقة الحكم، بعد الانتخابات التشريعية هذا العام؟ كل شيء مجرد تخمينات. بل وأكثر من ذلك إذا تم تنظيم الانتخابات المستقبلية بشفافية كاملة: فهل سيحصل الاتحاد من أجل الجمهورية على الأغلبية؟ وهل سيتم انتخاب الشخص الذي اختاره ولد عبد العزيز ؟ إن اللعبة مفتوحة على جميع الاحتمالات... بشروط. وبالإضافة إلى الشفافية، فإن اتحاد المعارضة وإرادتها في المقارعة يشكلان الكتلة الحاسمة، وذلك طبعا مع احترام خيارات الشعب. لا شك أن هذا كثير. ولكن ألم يثبت لنا جارنا السنغال مرتين أن تضافر مثل هذه الشروط الضرورية للتناوب على السلطة ممكن حقا؟ فلماذا لا يحدث ذلك في بلادنا؟

احمد ولد الشيخ

تابعونا على الشبكات الاجتماعية