تتعرض كتيبة الأمن الرئاسي - والجيش عموما- منذ 6 أغسطس 2008 - وحتى من قبل ذلك- لهجوم لاذع ومركز كانت آخر حلقاته غير البريئة تلك التي تزامنت مع أحداث الشقيقة بركينا فاسو؛ حيث يرى بعض متكلمينا أن "الدرس البوركينابي" بالغ الدلالة، دون أن يضعوا في الحسبان عور "القياس مع وجود الفارق"
.من جهة، ثم أن موريتانيا المعاصرة - من جهة أخرى- هي التي تعطي الدروس في الديمقراطية والإصلاح ومحاربة الإرهاب وريادة التنمية، ولا تأخذ الدروس من أحد؛ وخاصة من البلدان التي ما تزال في بداية طريق التحول الذي اجتازته موريتانيا بنجاح وسلام منذ أعوام.
ومع أننا نعلم علم اليقين أن الذين يشنون هجومهم الغادر على كتيبة الأمن الرئاسي ويطالبون بحلها والقضاء عليها لا يكنون خيرا أو ودا للجيش عموما، وإنما يسعون بتركيزهم على كتيبة الأمن الرئاسي إلى بذر الشقاق والتفرقة بين مكونات الجيش والعمل على القضاء عليه تدريجيا، فإننا نعترف معهم، ولكن على طريقتنا في البحث والتحليل والاستنتاج، بأن لا "ديمقراطية" مع كتيبة الأمن الرئاسي..
نعم أيها السادة، أنتم على حق: لا "ديمقراطية" مع كتيبة الأمن الرئاسي، إذا كانت الديمقراطية هي ما عرفته موريتانيا من بؤس وهوان قبل تدخل كتيبة الأمن الرئاسي وباقي وحدات جيشنا الوطني الشجاع في 3 أغسطس 2005 عندما كانت السجون ملْأى بالأحرار والأئمة والعلماء، والآفاق مسدودة، والفساد يبلغ عنان السماء، والوحدة الوطنية مدوسة قتلا وتشريدا، والأحزاب محلولة، والصحف مكممة ومصادرة، والانتخابات مزورة، والإنسان مهدورا حيثما كان، والعلم الصهيوني يرفرف في سماء وطننا الحبيب. ترى هل نحن بهذه الدرجة من ضعف الذاكرة أو الانتهازية حتى ننسى - أو نتناسى، لحاجة في نفوسنا- تلك المأساة التي عشناها منذ نحو 10 سنوات؟
1. نعم، إن كتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع، رغم ما عاناه من تصفية وإنهاك وتجويع وإهمال ونقص في العتاد والتدريب والانضباط، هي التي تدخلت في ذلك اليوم الأغر.. يوم 3 أغسطس 2005 فكسرت قيود الشعب، وفتحت باب سجن ذلك العهد البغيض الذي عجزت جميع نضالاتنا واستحقاقاتنا الانتخابية المتتالية وزعامات وأطر أحزابنا ومقالاتنا وخطبنا النارية المجلجلة عن زحزحة ذرة من هوله.
2. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي كرت يومي الثامن والتاسع يونيو 2003 فأنهت تلك المغامرة التي لو قدر لها النجاح في نواكشوط لأدت إلى حرب أهلية وفوضى عارمة لا تبقي ولا تذر.
3. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي قادت المرحلة الانتقالية بنجاح نسبي، وجنبتنا فتنة التصويت بالبطاقة البيضاء الذي يهدف إلى تمديد الفترة الانتقالية إلى أجل غير مسمى.
4. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع، وإن كانت قد اجتهدت وأخطأت في اختيار "الرئيس المؤتمن" فإنها هي التي أنقذت البلاد من الفتنة والنكوص، وحافظت على وحدة الجيش ومسيرة التقدم، وقامت بعملية التصحيح غداة انقلاب أعداء الديمقراطية على الجيش والشعب ووسوستهم للرئيس المؤتمن وإقناعهم له بالانقلاب من فراغ فجر 6 أغسطس على شرعية حركة تغيير 3 أغسطس وبقطع رؤوس الجيش والقوات المسلحة دفعة واحدة.
5. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي حافظت على المؤسسات الديمقراطية والإصلاحات التي أنجزتها المرحلة الانتقالية الأولى، ونظمت بنجاح الأيام التشاورية والإصلاحات الوطنية وحوار داكار في المرحلة الانتقالية الثانية، حتى وصلت سفينة الوطن إلى بر الأمان بعد تلك الهزة العنيفة.
6. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي شكلت درع الدولة الآمن، وحاربت الإرهاب والجريمة المنظمة في عرينهما، ووضعت يد الدولة - لأول مرة منذ حرب الصحراء- على كافة أرجاء التراب الوطني، وأخضعته لرقابتها. لقد قيل يومها إن حربنا على الإرهاب حرب استعمارية بالوكالة. لكن تبين بعد ما آلت إليه أمور بعض البلدان أن حربنا تلك حرب وطنية استباقية. ولولاها لكنا اليوم في عين العاصفة.
7. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي خلقت الظروف المواتية للمصالحة الوطنية وعودة المسفرين وطي ملف الإرث الإنساني وشن الحرب على الفساد، وتخطيط أحياء الصفيح وإنشاء وكالة التضامن، وتنمية مثلث الأمل وغيره من المناطق المهمشة والمعزولة، وإنهاء هدر وعذاب وتهميش وعزلة الإنسان الموريتاني في مواطن كثيرة.
8. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي أنزلت – وداست- العلم الإسرائيلي من سمائنا في أول حادثة من نوعها في العالم العربي، بينما كان معظم زعمائنا يتسابقون إلى القول سرا وعلانية بأن علاقتنا الآثمة مع الكيان الصهيوني الغاصب هي لمصلحة موريتانيا، وأن التفكير في قطعها يشكل مغامرة صبيانية. وقد طردنا إسرائيل صاغرة ولم تسقط السماء على الأرض.
9. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي هبت لنجدة الشعب والوطن والدولة إبان محنة إصابة الرئيس حين تداعى المفسدون والانتهازيون والمغرضون يصطادون في الماء العكر ويروجون الشائعات ومختلف الدعايات ويناشدون الجيش على أمواج الأثير أن "يتحمل مسؤولياته" وينقلب على النظام الوطني الديمقراطي.
10. وكتيبة الأمن الرئاسي ووحدات جيشنا الوطني الشجاع هي التي تتحمل اليوم العبء الأكبر - في غياب المؤسسات الوطنية السليمة- في ضمان بقاء الدولة وسلامة الوطن ودوام نعمة الاستقرار وحرية القرار التي جعلت من بلا دنا نموذجا يحتذى وبلدا يحسب له حسابه في السلم والحرب مثلما كنا قبل 1978 وأكثر.
ولذا، فلا غرو أن تكون "كلمة السر" بين جميع أعداء موريتانيا الوطنية الديمقراطية القوية المتصالحة الآمنة السائرة في نهج الإصلاح والتقدم، من "إيرا" وغيرها إلى بعض الأحزاب والقوى الأخرى، هي معاداة كتيبة الأمن الرئاسي وباقي وحدات الجيش؛ لأنها درع الوطن وحصن التقدم، ومرتكز إرادة الإصلاح أيا كان نوعها. صحيح أنه ما يزال يوجد هنا وهناك مفسدون ولصوص وخونة مختبئون في صفوف السلطة ومرافق الدولة يعيثون في الأرض فسادا، كما هي حال أمثالهم في صفوف المعارضة. ولكن مسار العمل الوطني الدؤوب سوف يؤدي حتما إلى تلاقي إرادات الوطنيين والمصلحين في معسكري الموالاة والمعارضة؛ وبذلك تستفحل قوى الإصلاح وتقوى وتتعزز وتنتصر إرادتها، ويتعرى المفسدون، وتتقزم وتنهزم جميع محاولات الفساد والنكوص العبثية المتكررة.
يقول الشاعر أحمدو ولد عبد القادر:
ولست بمداح لقوم وإن علــوا ** ولكن فضل الأرض للأرض يذكر.
الأستاذ محمدٌ ولد إشدو