نجحت الطبقة السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الشعبية الحية ببوركينافاسو في فرض رضوخ قادة انقلاب فيلق الأمن الرئاسي في البلاد لإرادة الشعبوالتخلي عن سلاحهم، والخضوع للمساءلة القضائية.
.
وكانللمجموعة الإقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إيكواس) بقيادة الرئيسالسنغالي ماكي صال دور فاعل في حماية العملية الانتقالية التي كانت تتولىالإشراف عليها. كما كان انحياز القوات المسلحة البوركينابية، بكافة أركانهاوفروعها، إلى جانب إرادة الشعب وثورته عاملا حاسما في إفشال الانقلاب علىالسلطة الانتقالية التوافقية التي اختارها البوركينابيون بإجماع طبقتهمالسياسية وهيئاتهم المدنية.
وقدولد نجاح الشعب البوركينابي في حماية خياره الوطني وإرادته الحرة أملاجديدا لدى باقي الشعوب الإفريقية التي ترزح تحت نير أنظمة حكم استبداديةظلت تستهتر بإرادتها وخياراتها.
ففيالغابون، عادت جموع المتظاهرين إلى الخروج للشارع تعبيرا عن رفضهم لمساعيالرئيس علي بونغو أوديمبا لمراجعة دستور البلاد كي يتسنى له الترشح لعهدةثالثة خلال رئاسيات 2016، فيما يكثف قادة الأحزاب السياسية مهرجاناتهمواجتماعاتهم بهدف وضع إستراتيجية سياسية لمنع الرجل من التلاعب بترتيباتالقانون الأساسي.
وفيبوروندي يزداد الوضع توترا في ظل إصرار الرئيس بيار نكورونزيزا على تجاوزعائق الترتيبات الدستورية التي تمنعه من الترشح لأكثر من عهدتين فقط، قصدخوض غمار الاستحقاق الرئاسي المزمع تنظيمه في غضون نحو شهر من الآن.. وقدزاد من تعنته وإصراره على تحدي إرادة البورونديين فشل محاولة الانقلابالعسكري التي تعرض لها قبل نحو شهرين.
وفيجمهورية الكونغو ـ برازافيل، لا يفوت الرئيس دنيس ساسو نغيسو فرصة للدفعباتجاه إجراء استفتاء شعبي بغية تعديل البنود الدستورية المتعلقة بعددالمأموريات الرئاسية والتي تمنعه ـ في صيغتها الحالية ـ من الترشح مجدداللرئاسة.
وأمامرفض قوى المعارضة السياسية الكونغولية لهذا المسعى، وإعلانها إنشاء إطارسياسي موحد يجمعها لهذا الغرض؛ عمد الرئيس نغيسو إلى تنظيم “حوار وطني بمنحضر”؛ يشارك فيه 500 شخص يمثلون حزبه وبعض الأحزاب الصغيرة الداعمة لهومنظمات وجمعيات غير حكومية وشخصيات تقليدية.. كما كثف من الإجراءاتوالقرارات الهادفة إلى استمالة فرنسا لدعمه في إيجاد صيغة دستورية تتيح لهخوض غمار رئاسيات 2016، أو التغاضي عما يدبره، على الأقل..
وتشهدجمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة وضعية مشابهة، إذ ما يزال الرئيسجوزيف كابيلا يرفض التصريح بعدم نيته الترشح لعهدة رئاسية ثالثة؛ بينماتكثف القوى السياسية الموالية له من مساعيها إجراء تعديلات دستورية تشملمراجعة البنود المتعلقة بعدد مأموريات الرئيس..
وقدتم تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 27 نوفمبر 2016، بحجة عدم توفر الظروفالمادية والأمنية لإجرائها في موعدها الأصلي قبل ذلك ببضعة أشهر.
ونقلمقربون من كابيلا عنه قوله إن الشعب هو وحده من يقرر ـ عبر استفتاء شعبي ـإن كان يخق له الترشح لعهدة ثالثة أم لا.. وهو ما أثار مخاوف مبررة لدىخصومه السياسيين ولدى الرأي العام المحلي والدولي.
فهلتتكرر تجربة بوركينا فاسو في تلك البلدان من خلال ثورات “مكنسات” تزيحأنظمة الحكم المتعفنة الجاثمة على صدور تلك الشعوب منذ عقود من الاستبدادوغياب التناوب الديمقراطي على السلطة؟، أم أن ما يجري في بلاد “أرض الرجالالشرفاء” (بوركينا فاسو) يبقى حالة معزولة حتى إشعار آخر؟
ننتظر لنرى
السالك عبد الله المختار