دقة - حياد - موضوعية

خبير مالي معارض يحذِّر من انعكاسات خطيرة لتغيير العملة

2018-01-09 22:01:02

«القدس العربي»: حذر موسى فال رئيس الحركة من أجل التغيير المعارضة وهو أحد أبرز خبراء المال والأعمال في موريتانيا أمس من انعكاسات خطيرة يتوقعها للتغيير للجاري حاليا للعملة الموريتانية التي خفضت قيمتها بالعشر.

.

وأوضح في تصريحات صحافية أمس «أن أي تغيير للعملة لا بد أن تكون له انعكاسات اجتماعية واقتصادية تكون مضاعفة إذا ما رافقها تخفيض في سعر العملة»، مبرزا «أن الانعكاسات ستشمل حاليا اضطرابا في سوق الأوراق النقدية وصدمات لدى أصحاب الأرصدة النقدية الذين سيفاجأون بأن قيمة أموالهم خفضت لعشر أصولها».
وأكد موسى فال «أن الانعكاس الأكثر خطورة، هو النزعة الدائمة الى رفع الأسعار، بغض النظر عن تخفيض سعر العملة، لأن تغيير قيمة العملة يشجع على زيادات في الأسعار لا يكاد يشعر بها المستهلك المتعود على العملة القديمة؛ فزيادة عشر أواق من العملة الجديدة قد لا تصدم المستهلك بينما هي في الحقيقة زيادة مئة أوقية من العملة القديمة».
وأضاف «إن سعر بيع اليورو الواحد ارتفع من 376,72 يوم 2|1|2017 إلى 429,51 يوم 3|1|2018 وهو ما يمثل انخفاضا في قيمة الأوقية بنسبة 14 من مئة خلال سنة واحدة، ومن المنتظر أن يتزايد نسق هذا الانخفاض خلال الأيام والأشهر المقبلة لأن انخفاض سعر العملة ينتج عن المصاعب الاقتصادية، وعندما يستمر تدهور قيمة العملة فذلك يعني أن الاقتصاد في حالة اضطراب».
وأوضح «أن الاقتصاد الموريتاني يعاني أزمة ناجمة عن السياسة الاقتصادية المتبعة طوال التسع سنوات الماضية، حيث اندفعت الدولة، حسب قوله، في سياسة فوضوية للاستثمارات تتجاهل الحاجيات ذات الأولوية للبلد ومعايير الحكامة الرشيدة، وتمثلت هذه السياسة في تبذير واسع النطاق للموارد وفي تحمل ديون بلغت 4700 مليار دولار، أي بزيادة 279 من مئة على مدى التسع سنوات الماضية حسب التقرير الاقتصادي والمالي بتأريخ نوفمبر 2017 الذي تعده وزارة الاقتصاد والمالية سنويا».
وقال «هناك اختلال في توجيه الموارد يتم على حساب نوعية الخدمات العامة ذات الأسبقية التي هي التعليم والصحة، فعلى سبيل المثال، وحسب معهد إحصاءات اليونسكو فإن نسبة المنتج الداخلي الخام الموجهة للتعليم في موريتانيا لا تتعدى 2,94 من مئة، بينما تبلغ هذه النسبة 7,22 ٪ في السنغال، و6,25٪ في تونس و6,7 ٪ في المغرب».
وأضاف فال «إن أي خفض لقيمة العملة من دون إجراءات مصاحبة لن ينتج عنه سوى خسارة في القوة الشرائية، وبالتالي سيؤدي إلى تدهور ظروف حياة المواطنين، في وضعية يجابه فيها البلد، هذه السنة، جفافا لم يعرف مثله منذ عشرات السنين».
وحول رأيه بخصوص الأسباب التي دفعت الحكومة لتغيير العملة، أكد موسى فال «إن السبب الأول هو ذر الرماد في الأعين للفت أنظار الرأي العام نحو إصدار عملة بقيمة إسمية جديدة وشكل جديد من أجل حجب تخفيض في قيمة الأوقية، والثاني هو استكمال عملية تغيير الرموز الوطنية، فبعد تغيير العلم والنشيد، لما يسميه النظام «موريتانيا الجديدة» الوهمية، وكل يتعارض مع كل ما أنجزته الأجيال السابقة».
هذا وتتواصل في موريتانيا للأسبوع الثاني عمليات تبديل أوراق العملة الوطنية بأوراق وقطع نقدية أخرى.
ومع أن السلطات النقدية تكرر بأن هذه العملية لن يكون لها أي انعكاس على الأسعار وأن المتغير فيها إنما هو نزع الصفر من قاعدة العملة لا غير، فإن الكثيرين يتحدثون عن إقبال البلد على مرحلة من التضخم وغلاء الأسعار بسبب ما ستؤدي له عملية التبديل من تعويم للعملة مقابل العملات الرئيسية التي يمر عبرها التوريد. ولوحظ أمس ارتفاع كبير للطلب على عملتي اليورو والدولار وانتشار كبير لصغار الصرافين في أرجاء السوق ضمن حركة جديدة ناتجة عن تبديل العملة المحلية. ويؤكد الصراف الهادي ولد محمد «أن الميسورين يقبلون حاليا على تبديل العملة الموريتانية بالدولار واليورو للاحتفاظ بأموالهم على شكل عملات صعبة حتى تنفرج الغمة، وتتضح الأمور».
وفند عزيز ولد داهي محافظ البنك المركزي الموريتاني في تصريحات أخيرة له الإشاعات التي تتحدث عن تعويم للعملة الموريتانية، مؤكدا «أن الأوقية ستحتفظ بقيمتها وأن القوة الشرائية للمواطنين لن تتأثر».
وأدرج «تغيير العملة الوطنية ضمن «تنفيذ استراتيجية البنك لا سيما محورها المتعلق بعصرنة وسائل الدفع».
وأوضح «أن تداول السلسلة الجيدة من العملة الوطنية في ظل المستوى المنخفض للتضخم والآفاق الاقتصادية الواعدة سيمكن من تعزيز تطور وسائل الدفع الأخرى».
وأشار المحافظ إلى «أن السلسة الجديدة من العملة الوطنية تتميز بتحديثين أساسيين هما تغيير قاعدة الأوقية وتعميم صنعها من مادة «البوليمير» على كافة أوراقها النقدية وهذا ما سيجعلها أكثر قوة وأمانا واحتراما لمعايير الصحة والنظافة والبيئة».
وأضاف «انطلاقا من الفاتح من تموز /يوليو 2018م ستتم العمليات التجارية كلها بالأوراق والقطع النقدية الجديدة فقط، وبالتالي ستفقد المجموعة النقدية القديمة قدرتها على الدفع لكن استبدالها يظل ممكنا لدى شبابيك البنك المركزي».
وأمام الموريتانيين مهلة سنة كاملة لتبديل أوراقهم النقدية القديمة لدى البنك المركزي الموريتاني، ومهلة ستة أشهر لتبديلها لدى شباك المصارف والخزينة العامة والبريد، على أن يتم ذلك بسلاسة وتدرج؛ غير أنه لن يتم تبديل ورقة 5.000 أوقية بعد الشهر الأول إلا لدى البنك المركزي الموريتاني، ونفس الأمر ينطبق على ورقة 2.000 أوقية بعد الشهر الثاني.
وسيكون هناك تداول مزدوج للإصدارين مدة 6 أشهر، فيما ستحتفظ العملة بقيمتها أثناء ذلك.
وفقدت الأوقية الموريتانية خلال الثلاث ســنوات الأخيـرة، نحـو 13% من قيمـتها، فـفي بداية سنة 2013 كان الـدولار الأمريكـي الواحـد يساوي 299.8 أوقيـة، وفـي بداية عام 2017 الجـاري أصـبح الـدولار يسـاوي 339.6 أوقـية.

تابعونا على الشبكات الاجتماعية