دقة - حياد - موضوعية

هل أثمرت السياسات المتبعة في المجال الزراعي؟

2015-09-17 02:57:37

 كان الحصاد حتي وقت ليس بالبعيد ، يحظي بدعم من الدولة ، تمثل ذلك في قيام شركة الإستصلاح الزراعي (أسناتsnat)، عليه ، ذراع الدولة في القطاع ، غير أن التسيير العائلي و الزبوني للقائمين عليها ، قد نخرا في قوتها ، و حدٌا من فعاليتها ، بشكل كبير ،

.

و تمثل ذلك في التمييز بين الزبناء علي تلك الأسس ، وضياع جزء كبير من الوقت الضيق للحصاد في تنقل الحاصدات ما بين حقول متباعدة في المسافة و تعطيل عمل آلية بعينها لأن أحد أصحاب الحظوة بدأ في الحصاد ، و لديه جزء لم يحن بعد ، و ستبقي عنده معطلة حتي يحين الوقت لأنه فلان تربطه علاقة بعلان ، ناهيك عن التكلفة الزائدة ، الناتجة عن توريد قطع التبديل بقيمة مضخمة. ونتيجة للفشل الذريع في الحصاد ، الذي تجسد في غمر مياه الأمطار ، لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ، خلال الحملة الصيفية 2013 ، و ما تلي ذلك من صدام بين أسرة الزراعة و الوزارة الوصية. قررت الدولة منفردة و من جانب واحد التخلي نهائيا عن خدمة الحصاد ، ببيع ألياتها لتجمعات المزارعين ، وضربت موعدا لذلك لا يمكن تخطيه ، مقابل 10 مليون للحاصدة ، أيا كان نوعها و عمرها في الخدمة ، و ما بين 3 و 4 ملايين للجرار الواحد. تعهدت الدولة بإصلاح جميع الأعطاب ، قبل التسليم ، فهل رصدت لذلك ميزانية أم لا ؟ ، أم كلفت به شركة الإستصاح الزراعي (أسناتsnat)؟ ، لا أحد من خارج الدائرة الضيقة التي أخرجت السيناريو التراجيدي للأحداث ، يمكنه الإجابة علي هكذا سؤالا فهي التي صاغت اللعبة ، و أنجزتها دون أن تلتفت إلي الوراء ، حتي ولو سقطت كل عربات القطار فوصول المقدمة لوحدها يكفي . تكثفت اللقاءات ، و كانت الرسالة واضحة ، و يحملها نفس الساعي ، الذي يؤديها بحدة ، و مفادها أن الدولة تخلت نهائيا عن الحصاد ، و لا تقبل نقله لأي من إداراتها العاملة في قطاع الزراعة ، رافضة بذلك أي إحتضان دائم أو مؤقت ، علي سبيل المثال ، رفضه مقترحا بتولي مزرعة أمبورية خدمة الحصاد للمزارعين ضمن حيزها الجغرافي. في غضون ذلك بدأت أغصان الأرز تحبل ، و سرعان ما أرسلت سنابلها ، التي بدأت تدر اللبن ، عندها جن جنون المزارعين ، خوفا من تناثر الحاصدات بين المشترين ، و بقائهم دون أضراس عند ساعة الطحين ، هنالك بدأو الضغط علي هيآتهم التي كانو قد إختاروها بأن يستلمو آلياتهم خوفا من فوات القطار. جمعٌتْ جميع الآليات في ساحة الشركة المكشوفة ، فيما سيتضح فيما بعد أنه ليس بدافع الإصلاح ، وإنما للترقيم في سبيل القرعة ، و فيما منع المزارعون من الإقتراب من الآليات ، كان عمال الشركة الذين أبلغو مسبقا بنهاية تعاقدهم مع الشركة بمجرد تسليم الآليات ، يمكنهم الإقتراب و التجوال بين الآليات ، في ساحة لا تحظي حتي بسياج بسيط يحميها من جولات الصائلين ، و تاريخ الشركة معروف بما يسمي(prelevement) ، و يعني إستخراج قطعة من آلية ، لإستخدامها في آلية أخري. أقيم حفل علي شرف الوفود ، إنبري فيه متحدثان ، كادا أن يتنازعا الأدوار ، وفيما عرف نصيب كل تجمع ، إرتأت التجمعات أن تتعاقد مع فنيين لتقييم الأليات مع العلم المسبق بأنها قد تجاوزت عمرها الإفتراضي مرتين أو ثلاثا ، ولعل من المفارقات أن بعض (الفنيين) ، كانو لا يزالون علي ذمة الشركة مما يجعلهم في دائرة الظنون ، أما الذين تمكنو من الحصول علي تقييم فني مستقل ، فقد أرسلو رسائل وصلت كل الإدارات و المؤسسات المعنية ، ليكون حظها التجاهل التام ، رغم ما تبين من أعطاب فنية وجب إصلاحها قبل التسليم ، و مكره أخاك لا بطلا تسلم الجميع تحت مطرقة التاريخ النهائي الذي وضعوه ، وفوق سندان الجماعات الخائفة من ضياع المحاصيل. تم وضع تاريخ نهائي ، و وضع الجميع في ورطة حقيقية ، لا يمكن تصور الشعور العام لمن لم يقع في نفس الموقف ، كان محرجا ، إما أن تأخذ آلية عقيمة تلعب بها علي عقل نفسك ، و إنما أن تبقي تسمع أخبار بعض الآليات التي تبعد عنك عشرات و لربما مئات الكيلومترات ، و أخيرا تسلم الجميع بسقيا حنظل. كانت هناك تعهدات ضرورية لم يتم المرور من جانب تنفيذها و من أهمها: _ إصلاح الأعطاب قبل التسليم _ الدعم الفني _ خط قروض لمواجهة الأعطاب و كانت النتيجة تساقط الآليات في الطريق حتي قبل وصولها و جهتها الجديدة ، و عدم قدرة الباقي علي الخدمة ، و إرتفاع تكاليف الصيانة مع إرتفاع أثمان قطع التبديل هذا إن توفرت أصلا و عدم المردودية. و جراء تعاظم المشاكل ، طالب المزارعون بفتح مخزون (أسنات( snat من قطع التبديل أمام التجمعات ، و هو ما أستجابت له الحكومة لكن التنفيذ كان بطريقة الشركة الخاصة ، حيث قامت بإحتكار البيع علي رجال الأعمال الذين طبعا سيدفعون علي البياض ، وهذا ما جعل الحاج غلام أسنات ، ينفجر علي بعض حملة الشهادات المزارعين و أمام المدير المساعد الذي لم ينبهه علي خطأه ، حيث قال :" أحن مان لاه نفتصلو " ، أفلا جلس عند دار أهله ليعرف هل سيزوره زائر ، كما أن عدم التمكن من تسديد الأقساط فيما بعد حرم هذه التجمعات من إمكانية الشراء المباشر عبر الصناديق. و كانت الدولة قد رفعت التعرفة الجمركية عن الآليات الزراعية ، لكن معظم المستثمرين قد جلبوا خردات تالفة لا تقل تعاسة عن باليات أسنات الخربة. إلا أن الأدهى و الأمر أن ال50 حاصدة الجديدة التي وردتها الدولة عن طريق خصوصي ، جلبت مفاجئة غير سارة ، فبالرغم من سعرها الغالي البالغ فيه 50  مليون أوقية ، و إنحصار ما تم تسليمه منها في قلة من أصحاب الحظوة ، عجزت عن العمل بفعالية و تعرضت لأعطاب مبكرة ، أقعدتها فترات طويلة من الحصاد ، و أدت لخلافات قوية بين شخصيات نافذة ، و يميل الكل لأنها إما صناعة رديئة او غير صالحة لظروف مناخية كالتي ببلادنا ، أو لسوء إستصلاح القطع الأرضية التي تقع مسؤوليتها علي شركة (أسناتsnat) . كما لم يظهر أي أثر لأشخاص قيل إنه تم إعطائهم أموالا علي شكل قروض ، ليتاجروا بقطع التبديل في ظروف مبهمة. و أمام وضعية كهذه ، عجزت كل الآليات الوطنية عن الحصاد ، للأسباب آنفة الذكر ، وهو ما مكن حفنة من المضاربين من إستجلاب آليات سينغالية فعالة ، كانت نوعيتها جيدة ومصانة ، و تمكنوا من السيطرة علي سوق الخدمة ، لكنهم ظلوا يرفعون الأسعار حتي وصلت لسقف خيالي 120000 أوقية للهكتار الواحد بدل 40000 أوقية ، مستقلين الحاجة الماسة للحصاد في وجه الأمطار ، و متفننين في الشروط المجحفة تارة حاصدة بدون جرار حيث يؤجرونه لأغراض أخري ليضطر المزارع لتعويض ذلك من جيبه بالصرف علي نقل محصوله بوسائل مختلفة ، فيما كان يجب نقله بجرار يجب أن يرافق الحاصدة. و في حين كانت الحاصدات السينغالية تحصد قرابة 10 هكتار في اليوم ، كانت جاراتها الموريتانيات إما متعطلات ، أو عديمات الفائدة ، لكثرة الأعطاب وقلة الكفاءة ، ونذكر أنه في الوقت الذي تقوم فيه السينغال بتدريب المشغلين علي كل حاصدة جديدة ، لا تكترث موريتانيا لذلك ، و النتيجة أننا لا نحصد ما ننتج ، و البعض إختار وسائل بدائية بطيئة ، وفي كل الأحوال السينغال هي المصدر و المخرج في نفس الوقت ، فأين نتائج سياساتنا التي نتحدث عنها ؟.

الدحي ولد اليدالي

تابعونا على الشبكات الاجتماعية