دقة - حياد - موضوعية

أيام "الحوار التشاوري التمهيدي الموسع..." ما لها وما عليها؟

2015-09-16 05:56:13

دعا رئيس الجمهورية المعارضة الموريتانية وكافة الفاعلين السياسيين إلى حوار مفتوح وشامل دون قيد أو شرط، يبدأ في قصر المؤتمرات يوم 7 سبتمبر ويستمر إلى يوم 14 منه. وقد لبت تلك الدعوة أحزاب الأغلبية وبعض الشخصيات الوطنية وكثير من منظمات ما أصبح يعرف بالمجتمع المدني وشيء من النقابات والهيئات "المتبرجة" وثلة من أشياع المعارضة، وتغيب عنها تحالف الأحزاب والهيئات والشخصيات المنضوية تحت لواء المنتدى، وحضرت كتلة المعاهدة ممثلة برئيسها وطالبت بتأجيل الحوار بغية تمكين كافة الطيف السياسي الموريتاني من الحضور والمشاركة في  الحوار

.

        ويبدو أن حجم مشاركة المعارضة الضعيف لم يفاجئ القائمين على تنظيم الحوار ففضلوا عدم إيصاد الباب في وجه المتغيبين، وحولوا بذكاء ذلك الحوار إلى "لقاء تشاوري تمهيدي موسع  للحوار الوطني الشامل".

        وقد تميزت أيام ذلك اللقاء الواسع بأمور أساسية من بينها على سبيل المثال لا الحصر:

- غياب المعارضة المنضوية تحت لواء المنتدى، رغم حضور بعض عناصرها وأحزابها النسبي جدا، لحد لا يؤثر على مقاطعتها.

- كثافة المشاركة وتنوعها وشمولها كافة فئات وأطياف وعناصر المجتمع دون استثناء. وقد أجمع المتدخلون على التنويه بالمنجزات الكبرى، وتأييد الحوار والدعوة إليه كمطلب وطني؛ باعتباره النهج الحضاري الصحيح الذي يحقق ويحمي ويعزز الوحدة الوطنية ويخلق الشروط الضرورية الكفيلة بحل جميع المشكلات والتغلب على التحديات وصيانة وتوطيد المكتسبات الوطنية. كما أعربوا عن تمسكهم بالوحدة الوطنية وبالدولة الموريتانية وبالدستور وبالمواطنة، وعن نبذهم لجميع أشكال التفرقة ودواعيها التي فصلوها تفصيلا.. وقبولهم للاختلاف والتنوع.

- جو الحرية الذي ساد، بحيث تكلم الجميع وعبروا بحرية عما في أنفسهم. رغم أنه لم تتح - حسب علمنا- فرصة للنقاش والتمحيص والحوار، ولم يتح للراغبين في المشاركة الفعالة المجال لغير تدخل واحد مضغوط ومحدود جدا لكثرة المتدخلين.

- فوضى التنظيم؛ حيث اختلط الحابل بالنابل، وتداخلت مهمات اللجان، ولم يحترم جدول أعمال الجلسات ولا التوقيت.

        ومن خلال هذا العرض الموجز لوقائع تلك الأيام يمكننا أن نلاحظ ما يلي:

1.     أن اللقاء التشاوري التمهيدي الموسع - خلافا لما ذهب إليه بعض المرجفين- كان خطوة تحضيرية ضرورية ومتميزة أبرزت الحاجة الملحة للحوار؛ بوصفه خيارا وطنيا ومطلبا شعبيا مجمعا عليه، وتيارا جارفا لا يمكن الوقوف في وجهه أو النكوص عنه، وطرحت وبلورت المواضيع الجوهرية التي تشغل الرأي العام الوطني وهذبتها وصقلتها مما شابها من أدران، فتميز الحق من الباطل والسمين من الغث.

2.     أن الحكومة الموريتانية قد تعهدت على رؤوس الأشهاد في حفل اختتام اللقاء على لسان الوزير الأول بـ"العمل من تلك اللحظة على تبني وتنفيذ توصيات اللقاء، وخلق جميع الشروط الكفيلة بإنجاح الحوار الشامل المطلوب في أسرع وقت ممكن".

3.      أن الحكمة والعقل قد تغلبا في صف الموالاة على الجهل والطيش، ونجح ذلك الطرف في إلجام سفهائه ومغرضيه و"آمكاريظه" ونصيبه من المفسدين الذين يعملون كل ما في وسعهم من داخله، ويلعبون على جميع الحبال حتى لا تلتقي إرادات الخيرين والمصلحين من أبناء هذا البلد على ما ينفع الناس، وحتى تكون فتنة وتعثّر ونكوص. فما ذا سيكون موقف  المعارضة الوطنية، وما ذا عسى حكماؤها وعقلاؤها فاعلون بسفهائها ومغرضيها و"آمكاريظها" ونصيبها من المفسدين الذين لا يريدون لها ولا للبلاد الخير، وقد بدؤوا منذ أول أيام اللقاء يبشرون من فراغ بالانقلابات والفوضى والدمار؟ ومن سيقود من؟

 

الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

تابعونا على الشبكات الاجتماعية