بعد أن انتظرَته ساكنتُها سنين عددا ، و سلكت في سبيله طرائق قددا ، عُبــِـــدَ طريق المذرذره - تكند. سعادة بطول خمسين كيلومترا تشعر بها و أنت تسلك ذلك الطريق ، لكن خيبة أمل بحجم المدينة تستقبلك و أنت على أبوابها ، فكأنها ضيعة ضائعة ،
.ما زالت تعيش في عصر ما قبل التاريخ ، و قد حلت عليها لعنة الجغرافيا. هنا لا تحتاج لكثير جهد لتكتشف أن الجميع استقال من دوره ، فالشوارع تحتلها النفايات ، و المدارس تحاصرها ألسنة الرمال و الإهمال ،أما المستشفى الوحيد في المدينة - وإن طالته يد الترميم مؤخرا – إلا أنه بحاجة ليد دعم مبسوطة كل البسط ، فـضعف الخدمات المقدمة فيه ما زال هاجسا يؤرق طالبي العلاج. الصحة و التعليم و ما شاكلهما مطالب على كل الشفاه ، لكن ثمة مطلب لا يقل أهمية ظل يتدحرج يين النسيان و التناسي ، و إن حاول البعض مؤخرا إعادته الى الواجهة ، و الحديث هنا عن الثقافة ، فمدينة المذرذره عرفت كإحدى قلاع العلم بموريتانيا ،كما كان لها دورها البارز في المقاومة الثقافية ضد المستعمر. لكن المفارقة اليوم أن المدينة بدأت تفقد بريقها الثقافي شيئا فشيئا ، إذ يغيب الإهتمام بالثقافة هنا ، فقبل حوالي عقدين من الزمن فـُــتِحَ في المدينة فرع من "مركز القراءة و الإنعاش الثقافيCLAC" كان له دوره في تكوين أساس ثقافي متين لدى جيل من أبناء المذرذره عبر تخصيص حصص يومية للقراءة ، لكن المركز اندمج مع دار الكتاب قبل أن تتحول الدار الى مكاتب للحالة المدنية و على المطالعة السلام. المذرذره الآن لا تتوفر على مركز ثقافي ، وهي التي كانت مركز دائرة الثقافة في موريتانيا ، كما أنها لا تتوفر على أندية أو روابط ثقافية بعد أن ذاع صيتها و شاع ذكرها كرحم ولادة للمبدعين و الشعراء و المثقفين ، لكن شبابها اكتفى بنشاط رياضي سنوي يبدو أن تنظيمه أصبح يكلفهم الكثير من الجهد والوقت. الكرة الآن في ملعب شباب المذرذره لإنشاء أندية ثقاقية و روابط ، كما أنه على السلطات و المنتخبين المحليين تحمل مسؤوليتهم لتستعيد المدينة دورها الريادي و مكانها على الخارطة الجيو-ثقافية ، أم أن المذرذره ستترك عرشها ؟؟
بقلم: عبد الله ولد محمد ولدالناهي