نواكشوط -« القدس العربي»: تابع الجنرال برينو كيبير قائد قوة «برخان» الفرنسية المرابطة في مالي أمس في نواكشوط، مشاورات مكثفة مع كبار المسؤولين العسكريين الموريتانيين حول التعاون العسكري بين موريتانيا وفرنسا في الساحل، وحول الخريطة العسكرية في الساحل الأفريقي التي ستتغير مع الانطلاقة المرتقبة للقوة العسكرية المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس.
.
وناقش المسؤول العسكري الفرنسي هذه الموضوعات خلال جلسة عمل عقدها مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ظهر الاثنين وكذا مع وزير الدفاع الموريتاني جالو ممدو باتيا، ومع القائد العام لأركان الجيوش الجنرال محمد غزواني.
وحسب مراقب متابع لهذا الملف، فإن مهمة المسؤول الفرنسي تتعلق بين أمور أخرى، «الاطلاع على آخر موقف يتبناه الرئيس الموريتاني في قضية تمويل وإطلاق القوة العسكرية المشتركة لمجموعة الساحل، باعتبار أن لموريتانيا الفضل أصلا، في تأسيس مجموعة الساحل، وأن لها الفضل كذلك في اقتراح بناء قوة عسكرية مشتركة تتولى مكافحة الإرهاب وتأمين منطقة الساحل».
وعلى قاعدة «قدموا التمويل لنحميكم ونحمي أنفسنا»، يعول قادة مجموعة الساحل الخمس على التمويل الأوروبي والدولي في توفير الوسائل المالية الضخمة لتسيير العمليات العسكرية والأمنية في منطقة الساحل التي ترسخ فيها وخاصة في مالي، سرطان الإرهاب والتي هي منطقة بالغة الوعورة وصعبة المسالك.
وينشغل قادة مجموعة الساحل هذه الأيام بإطلاق عمليات القوة العسكرية المشتركة التي أسسوها للقضاء على الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في منطقة تعج بالمجموعات المسلحة التابعة لـ «داعش» وتنظيم القاعدة وحركات إرهابية غير مصنفة.
وفيما بدأ قادة أركان موريتانيا ومالي والنيجر والتشاد وبوركينافاسو، كل على شاكلته، تجهيز الوحدات التي ستتألف منها القوة المشتركة التي يتوقع أن تتشكل من 5000 جندي وضابط، ينفد شيئا فشيئا صبر رؤساء دول مجموعة الخمس أمام مماطلة المجموعة الدولية في التمويلات اللازمة لنشاط هذه القوة التي يعتبرونها درعا يحمي منطقة الساحل بالدرجة عينها التي يحمي بها القارة العجوز.
وتعاني القوة المشتركة لدول الساحل من نقص حاد في التمويل، حيث أنها وهي التي تنوي إطلاق عملياتها الميدانية مع نهاية أكتوبر/تشربن أول المقبل، لم تحصل إلا على ربع التمويل اللازم لعملياتها المقدر بـ 450 مليون أورو حيث حصلت على 50 مليون أورو من الاتحاد الأوروبي و10 ملايين مساهمة من دول المجموعة و8 ملايين أورو من فرنسا.
وتعول دول الساحل وخاصة مالي، على القوة المشتركة التي ستشكل دعما لنشاط جيوش موريتانيا ومالي وبوركينافاسو والتشاد، في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي تهدد عموم منطقة الساحل بالعمليات الإرهابية وبتهريب الأسلحة والمخدرات، وبإعاقة حركة الأشخاص، وكبح جهود التنمية في المنطقة.
ويعتقد الأوروبيون أنهم منحوا دول المجموعة دعما ماليا مهما من خمسين مليون أورو، وهو دعم يضاف إلى عمليات دعم متنوعة أخرى، يقدمها الاتحاد الأوروبي لدول الساحل بينها عملية «أكاب- ساحل» المدنية التي يقدم الاتحاد من خلالها منذ عام 2012، دعما لقوات الدرك والشرطة في النيجر ومالي ونيجريا وبوركينافاسو في مجال سياسات الأمن والدفاع المشترك ومواجهة الكوارث.
وبدأت عملية «أكاب- ساحل» المدنية عام 2012 ومقرها انيامي عاصمة النيجر وجدد تمويلها عام 2014، وهي عملية مؤسسة لتحقيق جملة أهداف بينها استقرار وتنمية الساحل.
وتقدم هذه الأداة الأوروبية دعما للشرطة وللسلطات الإدارية في مواجهة الإرهابيين وفي حالة حدوث كارثة طبيعية، كما يقوم خبراؤها بإجراء التحقيقات في الجرائم المرتبطة بالإرهاب.
وتركز «أكاب- ساحل» على إعداد قوات الشرطة في منطقة الساحل إعدادا جيدا في مواجهة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، ودعم القدرات الفنية لوكلاء قوات حفظ النظام، ومحاربة الهجرة غير الشرعية.
وكان قادة مجموعة دول الساحل الخمس قد حصلوا مؤخرا على تعاطف دولي واسع حسب النتائج التي أسفر عنها اجتماع رفيع المستوى عقد الأسبوع الماضي في نيويورك على هامش الدورة الـ 72 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة وشارك فيه على الخصوص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وأنتونيو غوتاريس الأمين العام للأمم المتحدة، وتوماس بوسير مستشار الرئيس الأمريكي للأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب، والسفير كريستوف هيغن الممثل الدائم لألمانيا لدى الأمم المتحدة، إضافة لفدريكا موغريني الممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي.
وشكر المشاركون جهود مجموعة الخمس في الساحل في مجال التحضير لمواجهة الإرهاب، وأبرزوا الطابع الاستعجالي لمواكبة المجموعة الدولية لجهود المجموعة عبر تقديم الدعم المناسب والدائم لقوتها المشتركة، وفقا لقرار الدورة 679 لمجلس السلم والأمن الأفريقي المنعقدة في 13 أبريل/ نيسان 2017.
وجدد المشاركون الطلب الموجه من قبل، لمجلس الأمن الدولي من أجل المصادقة على قرار يدرج عمليات القوة المشتركة في إطار الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة.
وارتاحت الأطراف الدولية المشاركة في اجتماع نيويورك، لجاهزية وانطلاق القوة المشتركة لمجموعة الخمس في الساحل تطبيقا لقرارات قمة مجموعة الخمس في الساحل المنعقدة في باماكو يوم الثاني من يوليو/ تموز بحضور الرئيس الفرنسي.
واعتبر المشاركون في اجتماع نيويورك أن مجموعة دول الساحل الخمس، تشكل درعا واقيا لمواجهة مخاطر انتشار الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود، ما يبرز ضرورة حصولها على الدعم الدولي السريع والحازم.