من سيكون الرجل الأقوى في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أو بالأحرى من سيكون الرئيس الفعلي للولايات المتحدة؟ أهو مايك بنس؟ أم رينس بريبوس؟ أم ستيف بانون؟ أم لا هذا وذاك؟
هذا هو السؤال "الكبير" الذي حاول ديفيد روثكوف رئيس تحرير مجلة (فورين بوليسي) الأميركية التي تُعنى بقضايا السياسة الخارجية الإجابة عنه في مقال مطول استعرضت فيه الفترات الانتقالية التي مر بها رؤساء أميركيون سابقون قبل توليهم مناصبهم رسميا في 20 يناير/كانون الثاني كما درجت العادة.
ووصفت المجلة الفترة الانتقالية الحالية التي تسبق تولي ترمب سدة الحكم في البلاد بأنها "الأكثر استثنائية في انتقال السلطة في التاريخ الأميركي الحديث". فدونالد ترمب سعى إلى تأكيد صلاحيات الرئاسة ورسم السياسة الخارجية للبلاد منذ اللحظة التي انتُخب فيها بدلا من الانتظار حتى يؤدي اليمين الدستورية أو التريث لحين مغادرة سلفه.
إن أكثر السمات إثارة في هذه الفترة الانتقالية -كما يرى روثكوف- يمكن استخلاصها من الهيكل التنظيمي للحكومة المقبلة، فقد اتخذ ترمب الآن من بعض الخطوات ما يجعل من تركيبة البيت الأبيض الأكثر تعقيدا في الذاكرة الحديثة التي تتحدى الدروس المستفادة من الرئاسات السابقة، وتبدو كأنها صفحة اجتُزئت من ماضي ترمب نفسه في مجال الإدارة.
ولعل هذا ما جعل روثكوف يتساءل في مقاله "من سيكون المسؤول الفعلي عن تصريف شؤون الإدارة اليومية في الحكومة الأميركية؟"، مضيفا أن ما يظهر الآن من هيكلة تجعل الإدارة المقبلة أقرب إلى "شركة قابضة فضفاضة" منها إلى بنية محكمة سهلة القيادة.
"ما من سبب يجعل المرء يعتقد أن دور ترمب في الحكومة الأميركية سيكون مختلفا عما دأب على القيام به في مؤسسته التجارية، بل سبق أن ألمح إلى ان نائب الرئيس المنتخب مايك بنس سيناط به دور أكبر في الإشراف على السياستين الداخلية والخارجية على السواء"
ونسبت (فورين بوليسي) في مقال رئيس تحريرها إلى تقارير من داخل مؤسسة ترمب أنه ليس من المديرين الذين يصرفون شؤون شركتهم اليومية، فقد ركز على بناء هوية شركته التجارية باعتباره واجهتها وممثلها، وكان يتخذ قليلا من القرارات بشأن الصفقات الرئيسية أو جانب من جوانب مشاريع البناء لكنه يترك بقية الأمور لمساعديه.
وخلصت إلى أنه ما من سبب يجعل المرء يعتقد أن دور ترمب في الحكومة الأميركية سيكون مختلفا عما دأب على القيام به في مؤسسته التجارية، بل سبق أن ألمح إلى أن نائب الرئيس المنتخب مايك بنس سيناط به دور أكبر في الإشراف على السياستين الداخلية والخارجية على السواء.
وقد أحاط ترمب نفسه بفريق عالي المستوى يركز على الأفكار والسياسة بدءا من مستشاريه الكبار، مثل ستيف بانون وكيليان كونواي إلى ثلة من مساعديه للشؤون الصحفية والإعلامية.
في السابق كانت مسؤولية التصدي للأمور المتعلقة بتضارب المصالح تقع على رئيس موظفي البيت الأبيض، لكن مشكلة ترمب أن من اختاره لهذا المنصب -وهو رينس بريبوس- ليس لديه من المؤهلات ما يجعله قادرا على لعب هذا الدور.
وفي أي شركة قابضة تكون السلطات بيد الشخص الذي يتولى مهام تنسيق الهيكل التنظيمي وحل تضارب الاختصاصات والمصالح التي تظهر داخله، فهل يكون هذا الشخص هو مايك بنس أو بريبوس أو ربما شخصا آخر من شاكلة بانون؟ وهل يستعيض ترمب عنهم بلجنة مصغرة من المستشارين التي قد تضم صهره جاريد كوشنر أو ابنته إيفانكا ترمب؟
الجواب عن هذه الأسئلة غير واضح كما تقول فورين بوليسي. لكن كلما كانت تشكيلة إدارة ترمب أكثر تعقيدا بالنظر إلى شخصية الرئيس المقبل وسجله، بات جليا أن صلاحيات أوسع ستكون بيد شخص لم ينتخبه الشعب الأميركي لتولي المنصب الأرفع في البلاد.