دقة - حياد - موضوعية

هل فات الأوان لإتقان الأشياء؟/ أحمد ولد الشيخ

2016-11-23 20:22:33

بعد هدنة استمرت عدة أشهر من بين أسبابها شهر رمضان ومؤتمر القمة لجامعة الدول العربية والحوار المصغر، استأنف قائدنا المستنير زياراته الولايات بولاية تگانت. وبسرعة خاطفة جاب الولاية خلال ثلاثة أيام لزيارة مدرسة ومستشفى وتدشين توسعة الشبكة الكهربائية والوقوف وسط الجماهير وقوفا يبدو أنه كان يتوق إليه.

.

ويشكل كل هذا أشياء كلاسيكية لا تبرر مثل هذه الزيارة الرئاسية. فلا حاجة إلى هذا السفر البعيد وتعبئة كل الوسائل للإطلاع على حالة التعليم والصحة، وهما قطاعان في وضعية متردية جدا ويسيران من سيء إلى أسوأ، مع تقدم سن تصحيحنا، حيث لم تعد المدرسة سوى لوحة سوداء وتوجد الصحة في سكرات الموت. إن الذين يمتلكون وسائل ضخمة يستطيعون وحدهم تقديم تعليم جيد (نسبيا) لأبنائهم أو الحصول على العلاجات الطبية، ويفضل أن تكون في الخارج. لقد أصبحت مستشفياتنا مآوي حقيقية للمحتضرين ولم تعد تستقبل سوى من ليس لديهم خيار آخر. ولكن كل هذا لا يهم ولد عبد العزيز إطلاقا. يريد ان يرى الناس يتدافعون ويضرب بعضهم البعض للمس يد الرئيس المباركة ولا بد له من سماع صوت موريتانيا الأعماق – إنه يحبه حبا جما… – ويضحك بنشوة أمام سيل الإطراء والمدائح القادمة من المواطنين “الصادقين” ليؤدوا حق “الإنجازات العظيمة” التي حققها رئيسهم. وقد نال الرجل مبتغاه. وكانت المسرحية التي اعتقدنا أنها ولت إلى غير رجعة والتي عرضت لنا، رغم كل شيء، في مطار تجگجة، تليق بمقام ممثلها المركزي: حماقة مؤسفة ويعجز اللسان عن وصفها، مثل اجتماع “الأطر” حيث كان الغباء سيد الموقف. فعلى سبيل المثال يقترح هذا المتدخل “باسم الشعب” تغيير الدستور للسماح لرئيسه المدلل إنجاز ست مأموريات لا اثنتين فقط. تبسم ولد عبد العزيز، سعيدا على ما يبدو بأن أحدهم وضع إصبعه على الجرح الذي لم يستطع هو نفسه حتى الآن إيجاد علاج سحري له. وعلى الرغم من حوار منظم بشق الأنفس والدعوات غير المباشرة لبعض المحاورين المكلفين بمهمة المطالبة بإصرار بفتح بعض المواد المتعلقة بالمأموريات الرئاسية ومحاولات حزبه اليائسة لفرض دستور جديد، فلم يمكن تمرير الحيلة.

وفي نهاية المطاف، تمكنت ضغوط الشارع والمعارضتان المقاطعة والمشاركة والشركاء الأجانب والجيش، بدون شك، من الانتصار – مؤقتا؟ – على نهمه للسلطة.

دعونا لا ننخدع! لم يحسم الأمر حتى الآن. وربما تشكل هذه الزيارات فرصة جيدة لجس نبض موريتانيا الأعماق والاقتناع بأنه بعد رحيله ستأتي الطامة الكبرى ومحاولة مناورة أخيرة لإزاحة القفل التي يخيم على لياليه من الآن فصاعدا. فلنأخذ حذرنا. دعونا نكون يقظين. فلا يكفي أن عزيز قال إنه لن يمس المادة 28 لننام في اطمئنان وراحة بال مكتفين بأمجادنا الماضية الهشة. فما لم يتم تنظيم انتخابات توافقية وحرة وشفافة لا ينزل فيها النظام ولا الجيش أحد المرشحين فإن الساحة السياسة لن تعرف السلام والهدوء أبدا. وسنظل نعيش نفس الأزمة… حتى اليوم الذي يقوم فيه المشردون والمنسيون والجياع بقلب كل شيء في طريقهم. وعندها يكون قد فات الأوان تماما. ولكن الوقت لا يزال اليوم مناسبا لإتقان الأشياء…

تقدمي

تابعونا على الشبكات الاجتماعية