دقة - حياد - موضوعية

جاء أكتوبر

2016-10-02 05:28:51

على ذكر تشرين ومجيئه الذي ورد في تدوينات أهل الفيسبوك فإن أجدادنا قبل نزار قباني- كانت لهم بعض التجارب والعوائد إذا جاء شهر أكتوبر، وهي عوائد وتجارب ترتبط بحياة الناس ومسلكياتهم اليومية، وكنت قد ذكرتها في تدوينتين سابقتين وها أنا أجمع ذلك هنا

.

يروى أن الفاضل بن باب أحمد الديماني المتوفى سنة 1698 وهو من الحكماء المشهود لهم برجاحة العقل وبعد النظر كانت له حكم مستقاة من التجارب، ومن تلك التجارب أنه مع منتصف أكتوبر تقع عدة أمور منها:

1. زيادة ساكنة لحْريثَه (أي حقول الذرة) من ساكنة آسكر (آسكر الحي المقيم وسبب هذه الحركة نحو الحقول هو حلول فترة حصاد حقول الذرة أي البشنَه)
2. تزداد ساكنة آسكر من أهل البادية (لانتهاء زمن البادية وانحسار الخريف ورجوع الناس من الانتجاع)
3. يزداد إمِرْكي "أي الحوائل من البقر والإبل" من الشوائل "أي الإبل والبقر في أول النتاج": أي أن فترة نتاج وولادته قد ولت وأصبحت ضروع ما يحلب من الأنعام تجف وبالتالي تصير الحلائب حوائلَ.
4. يستعمل الشهاب ليلا (لبدء البرد وطلائعه)
5. يستعمل مسماك الخيمة نهارا (لأن يوم أكتوبر حار وليله بارد)
6. تكبر ربوة الرماد (لكثرة القوافل والأضياف التي تمر بالحي فيكثر الإطعام ويزداد الرماد)
ومما هو شائع عند الأجداد أن العشرين يوما الأخيرة من شهر سبتمبر والعشرين يوما الأولى من شهر أكتوبر تسمى ألاَوَ، ويقولون "حمَّارْ ألاوَ" أي ذروته لليومين الأخيرين من سبتمبر واليومين الأولين من أكتوبر، ففي هذه الأيام الأربعة تبلغ الحرارة أشدها في صحرائنا.
وشهر أكتوبر من أشهر "توْچي" إذ يطلق الموريتانيون قديما كلمة "توْچي" على فترة تبدأ مع منتصف شهر أغشت حين تخرج سنابل الحشيش (تتكليت) إلى منتصف نوفمبر حين يبدأ الشتاء. وخلال هذه الفترة لا تقبل الحيوانات على الشراب وهي الظاهرة المعروفة بـ"الززو" التي تبدأ مع أشهر توْچي وتنتهي مع انتهاء أشهر الشتاء. ويقال إن الحيوان "زازي" وهي صفة والمصدر "الززو"، ويكون الززو متواصلا في مناطق تيرس وآدرار وظهر ولاتة. أما في الگبلة ومناطق القتاد "أيروار" فإن الززو لا يتعدى بعض الأسابيع من فصل "توْچي".
وكلمة "الززو" تصحيف للفظ الفصيح "الجزء" من قول العرب: "جزأتْ الناقة" إذا اكتفت بالمرعى الرطب عن شرب الماء. وله شواهد منها قول لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه في معلقته:
حتى إذا سلخا جمادى ستةً ۞ جزءًا فطال صيامه وصيامها
وكقول أبي ذؤيب الهذلي رضي الله عنه:
به جزأتْ شهريْ ربيع كليهما ۞ فقد مار فيهِ نسؤها واقترارها
ومن المعلوم أن أجدادنا كانوا يعتمدون في الأشهر العجمية على التقويم اليولياني القديم الذي يفصل بينه وبين تقويمنا الحالي 13 يوما يسبق بها تقويُمنا الراهن وهو التقويمُ الغريغوري التقويمَ اليوليانيَّ. (وغريغور ويوليان من بابوات روما ولهما عناية بالتقاويم).
وعودة إلى حكم الفاضل بن باب أحمد رحمهما الله وتجاربه فقد كان يقول رحمه الله: "اصبرُوا ساعة ويومًا وأسبوعًا وشهرًا وسنةً والعُمُرَ: فالساعةُ عن الطعام، واليومُ للغضَبِ، والأسبوعُ للعكةِ وللبئر، والشهر للرفيق في السفر، والسنة للجار الْجُنُب، والعمرُ للزوجةِ والجارِ ذي القُرْبَى"
وقد نظمت هذه التجربة بقولي:
صبرُ الطعَامِ ساعةٌ تقَرَّرَا ۞ واليومُ للغضبِ صَبْرُهُ جَرَى
الاُسْبوعُ للعكة أو للبيرِ ۞ والشهر للرفيق في المسيرِ
وصبركَ السنةَ للجارِ الْجنُبْ ۞ والعمرُ للزوجة أو جارٍ قرُبْ
رويتُهُ عمنْ روَوْهُ مسندَا ۞ للفاضلِ الشهم بن بابَ أحمدَا
من  الصفحة الشخصية للباحث سيدي احمد ولد الأمير

تابعونا على الشبكات الاجتماعية