الحالة العامة فاسدة. أولاً لا نملك منظاراً لنعرف ما يحدث. وما يحدث يأتي في امتيازات الأسرار والأخبار الخاصة، فلا يمتلك صفة الثقة. الصّحافة ماتت. وثانياً لا نملك الأخبار.
.لأن النفاذ إلى الأخبار يحتاجُ لسياسة حزبية المعارضة فيها مرتبطة بنقد السلطة من خلال وجودِها في مؤسّسات الدولة: فتكون قادرة على مراقبة السلطة ونقل ما تراقب إلى المجتمع؛ ويكون لها أفراد في البيروقراطية، وتكون ممثلة في البرلمان. وفوق كلّ ذلك يكون البرلمان مممثِّلاً لرغباتٍ سياسية وليس داراً للتجارة. وتكون هنالك حكومة لها إيمان ليبرالي بما يكفي لأن تعترِف بحقِّ إعطاء المعلومة: أولاً من خلال فتح الإعلام. وثانياً من خلال تفعيل مؤسّسات المعارضة التي تستشيرُ فيها مع الحكومة.
هذه الأشياء لا توجد عندنا. ما يوجد هو مجالٌ عامٌ مغلق. وباستثناء محاولات الوسائط الاجتماعية الولوج إلى "الشيء في ذاته" فلا يوجد شيء. باختصار نحن نعيش في الثمانينيات وقد مُسِحت بالانترنت. العصر السيبرنيكي للجنة العسكرية للخلاص الوطني.
وقد صُبِرَ على هذه الحالة على أساس أن حواراً وطنياً سيقوم؛ وأن المرافق العام ستُفتَحُ للشعب وللمعارضة، وفي نفس الوقت تُشرّعُ الحكومة ويُقبل بالتعاون معها في أهداف واضحة ومُعلنة. وأنّه بعد الحوار ستتعاضدُ المعارضة والحكومة (أي المجتمع) في حلّ مشكل الهوية (المحاصصة والعنصرية واللغة)، وفوق كلّ ذلك مشكل العدالة ومشكل التوزيع.
ما يتبيّن هو أن للجنرال سياسة مختلفة: إنّه وعود الحوار ليقتل السياسة. إنه يستخدِمُ المماطلة من أجل التهدئة. ليس هذا محترماً لأنه يُفقِدُ الثقة ليس فقط في النظام وإنما في السياسة نفسها.
آن الأوان لتدخل القوى المعارضة في الخطة باء، وتتصرّف على أساس ألاّ حوار قائم أبداً. وهذه فرصة للعودة إلى الشعب وتنمية ثقافة سياسة مغايرة وفتح سياسة بديلة.
عن الصفحة الشخصية للكاتب عباس ولد برهام