يعود ظهور الغرف التجارية إلي ما قبل الميلاد حيث عرفت بمسميات مختلفة ؛ وقد ظهرت هذه الكيانات نتيجة لتنامي ممارسة المجتمعات للأنشطة الاقتصادية ، وقد تحدثت بعض الدراسات التاريخية أن منتجي السلع والخدمات في مختلف الحضارات القديمة خاصة الرومان و الصينين وقدماء المصريين انشؤوجمعيات واتحادات بهدف التنسيق فيما بينهم و حماية مصالحهم التجارية والدفاع عنها.
.وامتدت هذه الكيانات حتى القرون الوسطى لتكون أساسا لظهور الغرف بشكل منظم بداية من الدول الأوربية ، حيث أنشئت أول غرفة تجارية عام 1599م في مدينة مرسيليا التي تعتبر من أهم موانئ فرنسا ، ثم توالى إنشاء الغرف بعد ذلك في كافة قارات العالم .
وقد تطور دور الغرف التجارية وواكب التغيرات الاقتصادية التي حدثت في العالم كما تزايدت أهميتها في هيكل الاقتصاديات الوطنية ، ومن ثم جاء التوسع في دورها من مجرد الدفاع عن مصالح قطاعات الأعمال إلى الإسهام في دعمها وتطويرها ومعاونتها بسبل متعددة لتحقيق أهدافها وتوسيع علاقاتها.
وقد أنشأت غرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية سنة1958 ،أي في نهاية حقبة الاستعمار، تحت مسمي غرفة التجارة والزراعة والتنمية الحيوانية والصناعة والمعادن، كما ظهر في بعض الوثائق التي ترجع إلي تلك الحقبة، وعلي امتداد مايقاب الستين عاما الماضية وهو عمر هذه الهيئة العريقة كانت هناك العديد من الانجازات التي تحققت خاصة في السنوات الاخيرة والتي تميزت بعصرنة مباني الغرفة ومقار هيئاتها وبناء علاقات دولية مع أهم الغرف العربية و العالمية توجت بترأس الغرفة للاتحاد العام للغرف العربية علي مدي السنتين الماضيتين ومساهمتها الفعالة الي جانب الهيئات الرسمية في وضع العديد من الاستراتيجيات التنموية التي اصبحت اليوم اساسا لجذب الاستثمار وتطوير الرؤية الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد بالاضافة الي تنظيم العديد من الملتقيات والمنتديات الاقتصادية التي جاءت بالنفع العام.
وعلى الرغم من ما حققته غرفة التجارة والصناعة والزراعة علي مدي العقود الماضية، فإنها لازالت تواجه العديد من الانتقادات وتعاني من بعض الاختلالات نتيجة عوامل بنيوية أدت بدورها إلى ضعف الثقة فيها خاصة لدي الشركات المحلية وإفراز علاقة مترهلة بين الغرفة ومحيطها، حيث لا يزال دور الغرفة يتسم بالضبابية لدي فئات كبيرة من مجتمع الأعمال وتتهم بالتقصير في أداء هذا الدور في بعض من الأحيان ويرجع تردي هذه العلاقة في جزء منه إلي ضعف "ثقافة الغرف ودورها" لدي المجتمع وحتي لدي بعض مكونات أجهزة الغرفة نفسها وعدم توفر رؤية مستقبلية واضحة المعالم لاليات عمل الغرفة.
ولا يختلف أكثر الواقعيين من الاقتصاديين والمتابعين للشأن الاقتصادي الوطني علي ما يشهده البلد من نهضة اقتصادية كبري في شتي المجلات خاصة فيما يتعلق بتحديث وتحيين الهيئات الاقتصادية والمنظومة القانونية التي تنظم التعاملات الاقتصادية مايتطلب عصرنة هذه الهيئة من أجل مواكبة هذه التحولات الكبيرة لتلعب دورها الأساسي والحيوي وبوصفها ممثلا رئيسيا للقطاع الخاص ودورها الفاعل كبوابة تواصل وتنسيق من أجل بناء علاقة شراكة حقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص لتحقيق التنمية المستدامة.
وقد شكل قرار فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز قبول واستضافة موريتانيا للقمة العربية والظروف المشرفة التي صاحبتها إضافة نوعية وفرصة حقيقية للترويج لموريتانيا كدولة ناجحة تنعم بالامن والاستقرار بالاضافة إلي الثروات الطبيعية الهائلة والحوافز الاستثمارية الكبيرة، ما سيساهم بشكل كبير في جذب الاستثمار العربي وخاصة الاستثمار الخصوصي وتعزيز الثقة في مستقبل السوق الموريتانية كوجهة آمنة ومربحة للمستثمرين العرب وهو ماسيفتح فرصا جديدة أمام الغرفة للعب دورها في الترويج والتعريف بالفرص الاستثمارية المحلية ولمنتسبيها من رجال الاعمال الوطنيين لتطوير علاقاتهم التجارية مع اشقائهم العرب وصولا لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي الذي يعد أحد أهم أهداف الجامعة العربية و أبرز أهداف الاتحاد العام للغرف العربية الذي كانت غرفتنا تتولي رئاسته خلال المؤمورية المنصرمة.
ويتطلع مجتمع الأعمال إلي الانتخابات التي ستجري في الغرفة نهاية سنة 2016 الجارية والتي سيتم خلالها انتخاب مكتب جديد أو التجديد للمكتب الحالي للغرفة؟ ودون الخوض في الموضوع فالمهم هو أن تنتج هذه الانتخابات هيئات من رحم مجتمع الأعمال تمتلك رؤية وطنية اقتصادية واجتماعية طموحة ومتناسقة من أجل أن تلعب هذه الؤسسة دورها الكبير خدمة للبلاد والعباد، ومن خلال العمل علي بعض النقاط الهامة التي ستساهم في تطوير هيكلة الغرفة من اجل تحسين أدائها المستقبلي والتي من بينها:
- العمل على إعادة النظر في النظام الأساسي المنظم لهذه المؤسسة، أو بالاحري كتابة نظام أساسي لهذه المؤسسة لأنه غير موجود أصلا لإبراز دورها في تأطير وتنظيم المنتسبين لها، وفي تمثيلها لقطاعات التجارة والصناعة والزراعة والخدمات والدفاع عن مصالحهم.
- إعادة صياغة دور الغرفة وترتيب أوضاعها الداخلية والخارجية لمواكبة المتغيرات الاقتصادية المحلية منها والخارجية
- إشراك رجال الأعمال الشباب في كافة هيئات الغرفة وبنسب ومناصب مؤثرة
- مراعات الكفائة في اختيار اعضاء المكتب التنفيذي والهيئات التنفيذية للغرفة بشكل عام وإغنائها بحملة افكار جدد وطنيين بعيدا عن تدخل أي حسابات اخري
- تفعيل ادوار اللجان القطاعية المتخصصة المنبثقة من الجمعية العمومية
- إنشاء غرف أو ممثيليات للغرفة في بعض المدن الداخلية الكبري لمواكبة السياسات الرسمية الرامية الي انشاء اقطاب اقتصادية وتنموية متعددة.
- تحيين اللوائح الانتخابية استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي ستشهدها هذه المؤسسة نهاية 2016 ، بهدف ضمان الحصول على تمثيل حقيقي للنسيج الاقتصادي الوطني ودعم الحضور الامثل لرجال الاعمال الشباب وسيدات الاعمال.