القدس العربي»: بحضور ألف منتسب لمهنة الصحافة، تنطلق اليوم في نواكشوط أشغال المنتديات العامة لإصلاح الصحافة في موريتانيا، بدعم من الحكومة وبإشراف الروابط والنقابات الصحافية، لكن في ظل تحفظ عدد من شيوخ المهنة.

وتنعقد هذه الأيام ضمن استنجاز وعد كان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد تعهد به في السابق وهو تحويل التوصيات التي ستصدرها هذه المنتديات إلى قوانين حاكمة للعمل الصحافي بموريتانيا، بغية تطهيره وتحويله إلى قطاع مهني صرف». وستتدارس هذه المنتديات، حسب المنظمين، واقع الصحافة الموريتانية الذي يتميز بالاختلاط والاضطراب، من أجل رسم خاطة طريق تفضي إلى «خلق إعلام حقيقي، يقوم بواجباته بكل مهنية ومسؤولية ويتمتع بحقوقه بكل قوة واعتزاز».
وأكدت اللجنة المشرفة «أن إطلاق الأيام التشاورية يشكل فرصة ثمينة تبعث على التفاؤل والارتياح، ويجب اغتنامها في إيجاد حلول لمشاكل الحقل الإعلامي الذي ظل يرزح تحت وطأتها خلال العقود الماضية».
وأوضحت اللجنة «أن الحقل الإعلامي الوطني لم يتمكن من توطين التمهين وغرس المأسسة والتقيد بأدبيات وأخلاقيات المهنة الصحافية، كما لم تسع الجهات المعنية بشكل جاد إلى توفير الظروف المواتية له للنهوض كأحد الأسس القويمة للمشهد الديمقراطي، وبصفته عنصراً أساسياً من عناصر التطور». وأوضح بيان اللجنة «أن الهدف من هذه الأيام هو جمع الممارسين للمهنة الصحافية على طاولة واحدة «دونما أي تهميش أو إقصاء وفي جو من الانسجام والحيوية يمهد «لمرحلة جديدة» ستشكل «تحولاً جذرياً يفتح الأفق واسعاً أمام خلق صحافة حرة، متحدة، مهنية ومسؤولة». وعبرت اللجنة عن أملها «في الخروج بالإعلام من حالته الفوضوية وما يطبعها من تجاوزات مخلة بالمهنية ومواثيق الشرف من أجل ضمان حرية الصحافة والدفاع عنها والسعي الجاد لدى السلطات العمومية لتوفير المتطلبات الضرورية لتمكين الحقل الإعلامي من النهوض».
هذا وأعلنت مجموعة تسمت بـ»حراس المهنة»، تضم عدداً من شيوخها وشبابها المتميز في بيان وزعته أمس عن مقاطعتها لهذه المنتديات.
ودعت المجموعة «الجهات المنظمة للقاء باسترجاع الأنفاس هنيهة في تروٍ صادق في الأمر، وبعدم الغفلة عن كون مهنتنا ينتمي إليها من يغار عليها ولا يرضى المساس بها أيا كان مصدر التجني، وذلك لتوسيع المشاورات الممهدة للقاء التشاوري، بحيث نتمكن معاً من معرفة ما نريده لهذه المهنة، ونحدد من له الحق في أن يمثلها في منبر كهذا، ومن لا يد ولا قلم له فيها أصلا، ثم يصار بعد ذلك إلى الحديث عن الإصلاحات التي يقتضيها تطوير هذا المرفق الحيوي للأمة».
«وانطلاقاً من هذه الاعتبارات مجتمعة، أعرب «حراس المهنة» عن أملهم في أن تصغي الجهات المعنية من سلطات عمومية، وهيئات صحافية إلى نداء العقل، بتأجيل موعد انعقاد هذا اللقاء من أجل تشاور أوسع وأعمق حول سبل تنظيمه».
«ونحن، يضيف حراس المهنة، نحمل من يتجاهلون دعوتنا الموضوعية هذه المشفقة على مهنة مؤيمة، كامل المسؤولية عن ذلك، ونحتفظ بحقنا في تحديد المسلك السليم الذي به وحده سيكون إصلاح المهنة وحقلها».
وأكد البيان «أن الصحافة في موريتانيا تشهد منذ سنوات، فوضى عارمة تتمخض مفرزاتها في كل مرة عن تعثرات توشك أن تقضي اليوم على هذا المكسب العظيم عبر التمييع والاستغلال السيء وسيطرة منتحلي الصفة على المشهد الإعلامي وإقصاء أهل المهنة الحقيقيين». «وإذ نتفق على مركزية هذه المهنة – أو السلطة كما يسميها البعض- الغائبة بين السلطات الثلاث والتي تعتمد عليها الدول والمجتمعات في ترشيد وعي المواطنين وإسداء النصح الموضوعي لصناع القرار، فإننا، يضيف حراس المهنة، نقف اليوم مشدوهين أمام واقع المشهد الإعلامي الذي صار مغذياً للمسلكيات والممارسات التي يفترض فيه التصدي لها ومعالجتها، وفي هذه الوضعية وبعد مرور كل هذا الوقت تأتي خطوة غريبة في سياقها وتجليات تنظيمها تتمثل في الشروع في عقد مشاورات يطبعها الارتجال، وتتجاهل آراء المهنيين العارفين بدقائق أمور مهنة أحبوها ومارسوها وما يزالون على الوجه المتعارف عليه في عالم يرى ويسمع كل شيء».
«ونحن إذ نعرب عن استيائنا البالغ، يتابع الحراس، من عدم التشاور مع وجوه مهنية معروفة لها إسهامها الكبير، وكان من الممكن أن تساهم بفاعلية في وضع تصور أفضل للمنتديات، فإننا لا نقلل من شأن زملاء مهنيين آخرين رضوا بأن يسيروا في ما يجري القيام به». ‏ومع أن تنظيم هذه المنتديات قد قطع أشواطاً متقدمة، فقد تحدثت مواقع محلية عن خلافات بين منظميها والوزارة الوصية على الإعلام.
وأكد موقع «ميادين» في معلومات نقلها أمس عن «دخول منتديات الصحافة في موريتانيا في نفق مظلم، وذلك بعد تراجع الجهات الرسمية عن تخصيص ثلاثين مليون أوقية لتنظيم هذا النشاط لتقرر الموافقة على تخصيص 15 مليون أوقية فقط». وأشار موقع «ميادين» إلى «وقوع أزمة تتعلق بطريقة التسيير المالي لهذه المنتديات بين المنظمين الجهات الحكومية، وهو ما جعل القضية تدخل نفقاً مظلماً».