وجه الهجوم الأخير، الذي تعرض له نادٍ في ولاية أورلاندو الأمريكية، ضربة جديدة إلى سياسات الرئيس باراك أوباما، والتي أثبتت فشلها في التصدي لهذه الظاهرة على مدى ثمانية أعوام.
.لم يهدأ الجدل، الذي رافق انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما. فعلى مدى ثمانية أعوام، وجد المنتقدون في شخصية الرئيس الأمريكي، التي نعتوها بالضعيفة، وفي استراتيجيته لمواجهة التحديات الخارجية وسياساته الداخلية، مادة لزيادة الانتقادات. وفي سنته الأخيرة، يزداد الوضع سوءا وعلى كل الصعد.
فها هي السنة الأخيرة له في البيت الأبيض، لا تختلف عن سابقاتها؛ بل تزداد التحديات والانتقادات وتبقى السياسة على حالها.
داخليا، تعمق الخلاف حول عدة قضايا:
ناضل أوباما من أجل قانون الرعاية الصحية فيما أصبح يعرف بـ"أوباما كير"، وما زال رافضوها يتعهدون بمواصلة المحاولات لنقض القانون.
وحظ التغير المناخي لم يكن أفضل حالا مع رفض العديدين للخطط التي تقدم بها أوباما، ورفضهم بشكل قاطع اتفاقية باريس للحد من انبعاث الكربون.
أما الخلاف على قانون حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة، فدخل من أوسع الأبواب، ولا سيما أن نسبة إطلاق النار العشوائية في الولايات المتحدة تشكل ثلث هذه الحوادث في العالم. وتزداد هذه الحوادث ويزداد معها عدد الضحايا. وبعد كل حادثة إطلاق نار عشوائية في الولايات المتحدة، يتجدد الجدل بين مؤيدي حيازة الأسلحة متمسكين بذلك بالتعديل الثاني في الدستور الأمريكي، وبين من يطالب، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي، بتقنين حيازة الأسلحة؛ وتشاركه في هذا الطرح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وانتقل الجدل ليشمل الحرب على الإرهاب، ساحةً جديدة لانتقاد أوباما وتوجيه أصابع الاتهام إليه.
وعلى الصعيد الخارجي، فبينما يقول أوباما إن هدف التحالف الذي تقوده واشنطن هو إضعاف وهزيمة "داعش" والتنظيمات الإرهابية، يواجَه الأمريكيون بواقع جديد، وهو ظاهرة ما أصبح يعرف بالذئاب المنفردة؛ حد ليس فاصلا بين الإرهاب الذي يواجهه أوباما في الخارج، والذي يواجهه الأمريكيون ككل في الداخل. وأصبحت سياسة أوباما لمواجهة الإرهاب تحت المجهر. وهذه المرة، ليس لما يقول المنتقدون إنه فشل أوباما في وضع استراتيجية واضحة وقوية للقضاء على الإرهاب في الخارج؛ وإنما، لقدرة هذا الإرهاب على التسلل إلى الأراضي الأمريكية من دون القدرة على تحديد المتطرفين وإحباط أعمالهم.
أما الاتفاق النووي مع إيران وإعادة العلاقات مع كوبا، فلا يشفعان للرئيس الأمريكي عند خصومه الذين يَستغلون سنته الأخيرة في السلطة للحكم على أعوام ثمانية زاد فيها الانقسام الداخلي وأصبح الاستقطاب بين الحزبين الرئيسين والأمريكيين غير الراضين عن الحزبين والمستقلين وأنصار الأحزاب الصغيرة جليا ومؤثرا على الشارع الأمريكي، وفشل في تحقيق أي من أهدافه التي وضعها: سواء في بداية حكمه مثل إغلاق معتقل غوانتانامو سيئ السمعة، أو تلك التي ظهرت مع الأزمات الطارئة في العالم العربي، وعلى رأسها مواجهة الإرهاب. بل، يجادل المنتقدون أنه حتى فشل في احتوائه.
وبنظرة سريعة إلى أوباما في السلطة، من دون الحكم على الأهداف، فالإرهاب يزداد، وتشتعل الحروب في دول بالشرق الأوسط، قال أوباما إنه ذهب لمساعدتها في مواجهة تنامي الإرهاب والحركات الإرهابية، تسوء علاقة واشنطن بحلفاء أساسيين على رأسهم دول الخليج، وتعود قوات أمريكية على شكل مستشارين عسكريين إلى الدول التي وعد أوباما بالخروج منها، العراق وأفغانستان، وتتوسع رقعة عملهم لتشمل سوريا.
ومع كل هذا وذاك، تحول إطلاق العلاقات مع روسيا إلى ساحة مواجهة جديدة، في حين أن علاقة واشنطن ببكين ليست بأفضل حال، فيما يسعى في الأشهر الأخيرة في الحكم للحفاظ على إرث وصل فيه الانتقاد من الخصوم إلى حد الرفض، وعلى سياسات لم تحقق أهدافها، وعلى حزب بدعمه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي عارضته وعارضت سياساته - أشهر أخيرة في الحكم، قد لا يستطيع أوباما فيها سوى الحفاظ على الوضع القائم إلى حين انتخاب رئيس أو رئيسة في البيت الأبيض. وإلى حين ذلك، يبقى كل شيء على حاله.
وبحسب كثيرين، واهمٌ من يعتقد أن أوباما سيستغل الأشهر الأخيرة لاتخاذ خطوات جريئة - فلن يسعى لجمع الفلسطينيين والإسرائيليين في مؤتمر شكلي لالتقاط الصور والإيهام بدفع جهود التسوية، وهو يأمل ببقاء المحادثات السورية واليمنية وإن تقطعت وتعطلت، ولن يدفع باتجاه الضغط على حلفائه الذين اختلف معهم حول سبل حل الأزمة السورية لتغيير سياساتهم، وقد يكتفي باتفاق إيران والعلاقات مع كوبا كإرث يشكل ويميز ثماني سنوات من الوع