وضع رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم الأحد من بلدة “تويميرت إفلان”، جنوب مدينة كيفه، حجر الأساس لمشروع تزويد مدينة كيفه بالماء الصالح للشرب انطلاقا من نهر السنغال.
وفي كلمتها بالمناسبة، أعربت معالي وزيرة المياه والصرف الصحي، السيدة آمال بنت مولود، عن بالغ ترحيبها وتقديرها بفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وبضيوف موريتانيا الكرام، في حفل إطلاق مشروع تزويد مدينة كيفة وعدد من المدن والقرى المجاورة بالمياه الصالحة للشرب، مبرزة الأثر الإيجابي المباشر لهذا المشروع على حياة المواطنين وتعزيز التنمية المستدامة.
وكان رئيس جهة لعصابه، السيد محمد محمود ولد حبيب، قد أوضح في كلمة قبل ذلك، أن مدينة كيفه التي تعتبر ثاني أكبر مدن البلاد ستتجاوز من خلال انطلاق أشغال تنفيذ هذا المشروع أكبر عائق تنموي كان يعاني منه سكان هذه المدينة.
وعبر عمدة بلدية كيفه، السيد جمال ولد كبود، عن سعادته بزيارة فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، للولاية التي أشرف خلالها على تدشين وإطلاق جملة من المشاريع التنموية الهامة التي ستكون لها نتائج إيجابية على سكان الولاية.
ومن جانبه، عبر الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، رئيس ائتلاف الممولين، الأستاذ سلطان بن عبد الرحمن المرشد، عن سعادته بوجوده اليوم في موريتانيا للمشاركة في حفل وضع حجر الأساس لمشروع تزويد مدينة كيفه بالماء الصالح للشرب الذي يسهم الصندوق في تمويله عبر قرض تنموي ميسر بقيمة (100 مليون دولار)، وهو ما يشكل أكثر من 30% من مبلغ تمويل المشروع البالغ 317 مليون دولار، مشيرا إلى أن هذا المشروع يجسد الشراكة التنموية الوثيقة الممتدة لأكثر من 45 عاما بين الصندوق وموريتانيا.وأضاف أن هذا المشروع الذي سيسهم في تعزيز الأمن المائي ويسهل الوصول إلى مصادر المياه لأكثر من 500 ألف مستفيد، يأتي في إطار ما يقدّمه الصندوق السعودي للتنمية منذ عام 1979، لدعم وتمويل (31) مشروعا وبرنامجا تنمويا عبر القروض التنموية الميسرة والمنح المقدمة من المملكة العربية السعودية من خلال الصندوق، بقيمة تقارب مليار دولار، في القطاعات الحيوية بمختلف المناطق الموريتانية.
وبدوره عبر رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، السيد فوزي يوسف الحنيف، عن سعادته بالمشاركة في وضع حجر الأساس لهذا المشروع، منوها بمستوى الشراكة المتميزة بين موريتانيا والصندوق، ومبرزا أن قطاع المياه في موريتانيا يأتي في مقدمة أولويات تدخلات الصندوق.
واستعرض مساهمة الصندوق في تمويل برامج تنموية متنوعة في مختلف مناطق البلاد، مشيرا إلى أن مشروع تزويد كيفه بالمياه يعد من أهم المشاريع المنفذة، ويشكل نموذجا رائدا للشراكة العربية، حيث سيستفيد منه 92 مدينة وقرية، مما من شأنه أن يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وعبر عن شكره للسلطات الموريتانية على ما بذلته من جهود لإنجاح هذا المشروع، مجددا تأكيد الصندوق على دعم موريتانيا في مختلف برامجها التنموية.
ومن جانبه أكد مدير المكتب الإقليمي للبنك الإسلامي للتنمية في الرباط، السيد أحمد آج ابوبكرين، أن المشروع الذي يتم إطلاقه اليوم سيمكن من تحسين النفاذ إلى مياه الشرب لمئات آلاف المواطنين في ولايتين من البلاد، مما سيسهم في الحد من الفوارق وتحسين الظروف المعيشية للسكان، إضافة إلى خلق فرص عمل دائمة.
وأوضح أن هذا المشروع يندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية للمياه، ويتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف السادس المتعلق بضمان النفاذ الشامل إلى المياه وتعزيز البنية التحتية، في ظل التحديات المناخية والديموغرافية.
واعتبر أن هذه المحطة تمثل لحظة مفصلية في تطوير قطاع المياه في موريتانيا، مشيدا بقيادة فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ويقظته في دعم هذا القطاع الحيوي.
وأعرب في ختام كلمته، باسم رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، عن خالص الشكر لفخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وللحكومة والشعب الموريتانيين، على حفاوة الاستقبال، متمنيا أن يحقق هذا المشروع آثاره الإيجابية على الأرض ويسهم في مستقبل أفضل للمجتمع الموريتاني.
أما المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، السيد وليد شملان أحمد البحر، فقد هنّأ سكان مدينة كيفه بمناسبة بدء تنفيذ هذا المشروع الهام الذي يشكل امتدادا لمسيرة التعاون المثمر بين موريتانيا ودولة الكويت الشقيقة.
واستعرض مجالات التعاون القائمة بين البلدين الشقيقين، التي يعد هذا المشروع محطة محورية من ضمنها، معبرا عن تقديره للحكومة الموريتانية على البرامج التنموية التي تنفذها خدمة للتنمية الشاملة، ومشيدا في الوقت ذاته بدور الشركاء وما بذلوه من جهود أسهمت في إنجاح هذه البرامج.
وجدد استعداد الصندوق لمواصلة دعم برامج موريتانيا التنموية، متمنيا أن يحقق هذا المشروع النتائج المرجوة منه ويعود بالنفع المباشر على السكان.
وبدوره تقدّم المدير العام للعمليات بصندوق الأوبك للتنمية، السيد محمود خان، بخالص التهاني إلى السلطات الموريتانية بمناسبة إطلاق هذا المشروع التنموي المهم.
وقال إن الصندوق يعمل منذ عام 1976 على دعم الجهود التنموية في بلادنا، مشيرا إلى توقيع إطار للشراكة وتنظيم مائدة مستديرة أسفرت عن تعبئة تمويلات هامة لصالح موريتانيا.
وأبرز أهمية هذا المشروع في تحقيق فوائد تنموية كبيرة في عدة مجالات حيوية، لما له من أثر إيجابي على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للسكان، مؤكدا عزم الصندوق على مواصلة تعزيز التعاون ودعم جهود التنمية المستدامة في البلاد.
وسيوفر هذا المشروع، الذي سينفذ على مدى 30 شهرا بغلاف مالي يبلغ 317 مليون دولار، المياه الصالحة للشرب لمدن كيفه، سيليبابي، ول ينج، وكنكوصه، إضافة إلى عشرات القرى الواقعة على امتداد خط الأنابيب الذي سيربط كوري بمدينة كيفه.
ويهدف هذا المشروع الاستراتيجي إلى ضمان النفاذ للمياه الصالحة للشرب لأكثر من 180 ألف نسمة حاليا في ولايتي لعصابه وكيديماغه مع برمجة زيادة تصاعدية في الإنتاج لتوفير احتياجات 500 ألف نسمة في حدود 2050.
ويتكون المشروع من ثلاثة محاور رئيسية من ضمنها منشآت الإنتاج والمعالجة، التي تضم مأخذ مياه من النهر مجهز بجميع التجهيزات الفنية اللازمة، ومحطة معالجة بسعة 50.000 متر مكعب يوميا، قابلة للتوسعة مستقبلا لتصل إلى 100.000 متر مكعب، ومحطة لمعالجة الرواسب الناتجة عن عملية التنقية.
ومن المحاور الأساسية للمشروع منشآت الضخ ونقل المياه التي سيتم في إطارها بناء وتجهيز ثلاث محطات ضخ رئيسية على طول المسار، ونظام تحكم مركزي عن بعد للمراقبة اللحظية للمنشآت (المضخات، الخزانات، العدادات)، وتوريد وتركيب 254 كيلومترا من أنابيب الحديد بقطر 800مم لخط النقل الرئيسي، وتوريد وتركيب 526 كيلومترا من أنابيب البولي إيثيلين عالية الكثافة.
وسيتم في إطار منشآت التخزين والتوزيع في هذا المشروع بناء خزانين أرضيين بسعة 10.000 متر مكعب لكل منهما، وإنشاء 24 خزانا علويا، وإعادة تأهيل 12 خزانا علويا قائما.
ونظرا لحجم المشروع وتعقيده، تم تقسيم الأشغال إلى خمسة مقاطع رئيسية، روعي فيها التوزيع الجغرافي، وضمان الانسيابية الفنية، وتوازن حجم الأعمال، وسهولة التتبع والمراقبة.
ويبدأ المقطع الأول من مأخذ المياه على نهر السينغال وحتى الكلم7، بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، أما المقطع الثاني فيبدأ من الكلم7 إلى مدينة سيليبابي عند الكلم 45، بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، فيما يتضمن المقطع الثالث جزءين يتعلق أولهما بالربط بالأنابيب بين سيليبابي وحاسي شكار بتمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية، ويتعلق الجزء الثاني بالربط بالأنابيب بين حاسي شكار والخزان الرئيسي بتغاده الذي تبلغ سعته 10.000 متر مكعب، بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية.
أما المقطع الرابع من المشروع فيتضمن الربط بالأنابيب بين الخزان الرئيسي بتغاده وكنكوصه بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، في حين يضم المقطع الخامس جزءين يتعلق أولهما بالربط بالأنابيب بين كنكوصة وكورجيل بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ويتعلق الجزء الثاني بالربط بالأنابيب بين كورجيل والخزان الرئيسي بكيفه بتمويل من صندوق الأوبك للتنمية الدولية.
جرى الحفل بحضور معالي الوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، ومعالي وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية، ووالي لعصابه، ووالي كيدي ماغه، ورئيس جهة كيدي ماغه وحاكم مقاطعة كيفه، والمفوض السامي لمنظمة استثمار نهر السنغال، وسفير المملكة العربية السعودية، وسفير دولة الكويت، والقائم بالأعمال بسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة، وممثلين عن المؤسسات المالية المساهمة في تمويل هذا المشروع، ومنتخبي وأطر ووجهاء ولاية لعصابه