في قلب الصحراء الموريتانية، تحديدا في وسط هضبة أدرار بالشمال الغربي للبلاد، تمتد دائرة عملاقة تبدو كما لو أن أحدهم رسمها بعناية في قلب الرمال. هذه هي عين الصحراء أو البنية الريشاتية التي تُعد واحدة من أكثر التكوينات الجيولوجية غرابة على وجه الأرض.
من الفضاء، تشبه عينا زرقاء ضخمة تحدق في السماء، ومن هنا جاء اسمها الشائع "عين الصحراء"، أما من الأرض، فهي عبارة عن سلسلة من الجبال الدائرية المتداخلة، بحسب وكالة ناسا، تفتح أبوابا على قصة جيولوجية بدأت قبل مئات الملايين من السنين.
عندما اكتُشفت عين الصحراء لأول مرة، ظنّ العلماء أنها فوهة نيزك عملاق، بسبب شكلها الدائري الدقيق. لكن الأبحاث الحديثة، وخاصة عبر صور الأقمار الصناعية وتحليل الصخور في الموقع، أثبتت أن الأمر أعقد من ذلك بكثير.
فالعين ليست نتاج انفجار من السماء، بل صنيعة الأرض نفسها، حيث ظهر أنها قبة جيولوجية ضخمة ارتفعت بفعل قوى من باطن الأرض، ثم نُحتت بفعل الرياح والمياه عبر ملايين السنين
تشير الدراسات إلى أن الصهارة الحارة (الماغما) صعدت من أعماق الأرض لكنها لم تخرج إلى السطح، بل توقفت تحت الطبقات الرسوبية، ودفعَت بها إلى الأعلى في شكل قبة هائلة. وبعد أن بردت الماغما وتصلّبت، بدأت عوامل التعرية في نحتها ببطء، كاشفة عن الطبقات القديمة.
إذا نظرت إلى صور الأقمار الصناعية، ستجد أن عين الصحراء تمتد لمسافة 40 إلى 50 كيلومترا، أي ما يعادل مساحة مدينة كبيرة، الدوائر البارزة فيها ليست متناسقة تمامًا، بل مائلة قليلا ومتآكلة في بعض الجوانب.
تتكوّن الحلقات الخارجية، بحسب الدراسات في هذا النطاق، من صخور صلبة مقاومة للتعرية مثل الحجر الرملي والكوارتزيت.