لتوشيح ببها ولد أحميديت أثر وأصل في التاريخ استحضرته وأنا أرى الفتى العاقلي يتقلد الوسام عن عمل ما نافسه فيه أحد من سكان هذه الأرض.
لببها قصة مع البيئة باتت حديث الجميع بعد أن خرجت للعلن ولوسائل الإعلام الرسمية والدولية؛الآن بات الجميع يدركون حجم محافظته على الطبيعة ورفقه بالدواب وخاصة منها تلك التي لايمتن لها أحد،ولا يعطف عليها أحد، وطبعا لايستغني عنها أحد في هذه البلاد، بل في بلاد عديدة..
ببها بشطحة مجذوب أو صحوة انسان وجد نفسه ذات مفترق طرق في حياته أمام بيئة مريضة وحيوانات تعاني،ومن هنا بدأت القصة الطويلة التي انتهت بمراكز كبيرة لحماية الطبيعة وأخرى لعلاج حيوانات الجر، واتسع هذا المسعى ليشمل كل الدواب التي تعاني..قصة هذا الشاب الذي نشأ في الحلية ليست نمطية ولا تقليدية فما بال أمثاله ومثل هذه الأعمال!!!
خلال عقدين تقريبا لم يعرف طبيعة وأهمية العمل الذي يقوم به الشاب الا الضعفاء من مالكي الدواب والدواب نفسها..هناك في سيزييم وبعيدا في بوكي وروصو، لاحديث للساكنة الا عن منظمته التي تعطف على ذوات الأظلاف والحوافر..وتفتح مدارس لحماية البيئة..كنا نصف صديقنا في اهتماماته بغريب الأطوار وأظن الأصدقاء يتذكرون مواقف بعضهم بهذا الشأن..قصة ببها باتت معروفة اليوم لكن الكثيرين قد لايعرفون كيف ان توشيحه لم يكن بدعا، فقد سبقه له أسلافه الأقربون وكذا من سبقوهم
القاضي الأبرز محمذاً ولد محمدفال "اميي" الذي ذاع صيته في القطر والأقطار المجاورة تم توشيحه من قبل الرئيس الفرنسي بصفته أحد القضاة الذين يثق الناس في أحكامهم ولايستأنفون بشأنها ولايبغون عنها حولا،فالعلامة القاضي فرض الحكم بالشرع وأقنع الفرنسيين بأن هذه الأرض لن تقبل من القانون الوضعي إلا ما وافق هذا الشرع، وبعد سنوات من الاستعمار تبين للإدارة بأن الهدف قد تحقق وبأن شرع الله هو الضامن الأوحد للاستقرار وثقة المتقاضين.
ثم بعد سنوات أخر كان النائب البرلماني والاطار المالي الرجل الشهم لمرابط علما (ببها الثاني)موضع تكريم من قبل الرئيس لحبيب بورقيبة حيث كان أحد الساعين الجادين في توطيد علاقاتنا بدولة تونس التي كانت الداعم الأول لاستقلالنا وأول بلد يعترف بنا كدولة مستقلة..محمدفال(ببها) الذي ودعناه قبل أعوام عاش قرنا من النزاهة والنبل والبعد من الشبهات المالية والدنيوية وهو الذي قالت له المخازن والخزائن :خذني فأنت ابن الأكرمين وأحد المؤسسين والبلد مغنم يفترسه الجميع،لكنه لم يفعل ولم يغتر.
ثم جاءت لحظة تتويج ببها الثالث وهذه المرة لمحافظته على الطبيعة ورفقه بالدواب وعلى عمله الجاد في مجال البيئة الذي لايفترض أن يهتم به أحد في منظمات غير حكومية عرف جل أصحابها بتحويل التمويلات الى قصور وبيوت أمام أعين من كان يفترض أن يكونوا مستفيدين.
بالنسبة لببها ولد أحميديت لايختلف المستفيدون من مشاريعه عن المستفيدين من قضايا أميي وشفافية ونزاهة لمرابط،فالارض تحتاج الرفق وتخفيف الوطء عليها، والدابة تحتاج هي الأخرى الرفق والعدل والرحمة، وكونها لاتراقب ولا تعترض ويمكن بسهولة سرقة مال وجهه إليها الأغراب دون جلبة ولانهيق فذلك مالم يؤثر على الشاب طيلة عقدين تقريبا من بسط سياسة بيئية راقية ومن علاج ورعاية دواب نستفيد منها لكننا لانسمع تألمها ولانهتم لها رغم وصايا ديننا بهذا الشأن..
مبارك لصديقنا وأخينا الشريف هذا التوشيح الذي لا أعتقد أنه سيكون الأخير،ففي البلاد الأخرى بدأ الحديث عن تجربة مختلفة وشفافة في منظمات غير حكومية تحتاج لتنفيذ مشاريعها الشفافية والنزاهة أكثر من حاجتنا للأكسوجين.