بعد ما يليق بمقامك من تقدير، أكتب إليك هذه الخاطرة الخاطفة، لأطلب منك، على أعتاب الذكرى 64 للاستقلال الوطني، أن تتخذ قرارا حاسما بقلب صفحة الاحتكار الفئوي لما يعرف بـ"المقاومة". وأشد كريم انتباهك إلى أن كل الفئات الموريتانية قاومت الاستعمار حسب المتاح. وإن عليك أن تُحْدِث قطيعة تاريخية مع القراءة الأحادية، النمطية، الضيقة والمتخلفة لتاريخنا. ولعل أكثر ما ستجسد به ذلك هو أن تدشن، خلال فعاليات الاحتفال بهذا العيد، عهدا جديدا قوامه إنصاف أبطال الفئات المهمشة ممن ضحوا بحياتهم من أجل الوطن فتجاهلهم تاريخنا لأن من كتبوه كانوا مكبلين بأغلال الانحياز الفئوي وتضخم الأنا الطبقي.
سيدي الرئيس، إن عليك، إسهاما في تغيير العقليات البائدة، أن تكرّم الصانع التقليدي والمقاوم البطل احميد ولد اكريكل الذي شارك في العديد من معارك أولاد عبدوكه ضد الاستعمار، في منطقة الحوض، قبل أن يسقط شهيدا في ميدان الشرف دون أن نوليه أي اهتمان. وإن عليك، كي تهدم أسوار اللاموضوعية المعششة في عقولنا، أن تكرّم، يوم عيد الاستقلال المُطِل، المجاهد محمد ولد أحمد اعبيدي: الصانع التقليدي والشاعر الشهيد الذي يعتبر بطلا حقيقيا من أبطال المقاومة العبدوكية المجيدة. وإذا كنت ستسعى لتحقيق حلم المساواة في فرص الإجلال والتكريم بين أبناء الوطن، مهما كانت أصولهم الشرائحية، فإنني أدعوك إلى تكريم المجاهد البطل الشيباني ولد معطللّ ورفيق دربه المجاهد البطل المعروف بـ"اسويلم أهل عُمار": الحرطانييْن الذيْن استشهدا خلال بعض أشرس معارك المقاومة في الشرق الموريتاني. وإذا قُدّر لك أن تخطو خطوة جبارة في سبيل القضاء على احتكار أمجاد المقاومة، إعلاميا وسياسيا، فإنني أدعوك إلى تكريم المجاهد البطل الحرطاني، بلال ولد امريزيك، الذي شارك، بشجاعة مشهودة، في مناوشات ومعارك من أبرزها معركة العزلات ضد المحتل الفرنسي. وسيكون من باب إحقاق الحق، سيدي الرئيس، أن تكرّم البطل الحرطاني خيْنا ولد بيْ الذي كان على علاقة وطيدة بمقتل كبولاني، بل وتذهب بعض الفرضيات، بشأنه، إلى أبعد من ذلك.
سيادة الرئيس، ليست هذه الرسالة مأخذا على الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة، ولا هي تعنيها من قريب ولا من بعيد. بل تعني، أساسا وحصريا، رؤية الدولة لإسهامات أبنائها، وإشراكها لكل الفئات في التبجيل التاريخي، وإنهاء الغبن المعنوي على مستوى مناهج التعليم، والمساحة الإعلامية المشاعة، والأعياد الوطنية، والتكريمات، ليس إلا.. وأخيرا، لك مني وافر التمنيات، سيادة الرئيس، والشكر، مني إلى جنابك، مُسبقٌ ومُلحق.