دقة - حياد - موضوعية

حديثُ المُقاومة ...

2024-11-02 12:24:11

حديثُ المُقاومة ...

جاءَ تشرين الثاني وبدأ الحديث عن الاستعمار والمُقاومة والاستقلال والنضال وغيرها مِن مواضيع ذات علاقة بتشكيل الوجدان الوطني للشعب الموريتاني ...

وبخصوص المُقاومة بالتحديد، أتعجب دائما أشدَّ التعجُب، عند سماع الكلام عنها، مِن إغفال الدور الكبير والمُوَثَّق الذي لعبه فيها الأمير المُجاهد المُظفَّر : مُحَمْدْ لِحبيبْ بن أعمرْ بن المختار بن الشرغي بن إعلي شنظورَه بن هدي بن أحمد بن دامان ...

فمِن المعروف أنه أول من واجه الفرنسيين وأذاقهم الأمَرَّينِ في الدفاع عن مناطق نفوذه بمنطقة "والُو" جنوب النهر، وردْعِ أطماعهم في التغلغل شمالا ...

وقد قارع الأمير محمد لحبيب الاستعمار الفرنسي في حرب ضروس استغرقت ما بين أربع إلى خمس سنوات (1854-1858م)،  كاد أن يسيطر خلالها على مدينة "انْدَرْ" قاعدة الاستعمار آنذاك. وقد كتب الوالي الفرنسي بالسنغال حينها "لويسْ فيدربْ" عن تلك الحرب بإسهاب، وسمَّاها "حرب أو حروب اترارزة" ...

وفي إطار تلك المواجهة، فرض الأمير على الفرنسيين حصارا اقتصاديا بمنعه بيع مادة الصمغ العربي (العِلْكْ)، كما أعْمَل الحِيلة السياسية بتزوجه من أميرة والو "دمبتْ امْبدْجْ" والدة ابنهِ منصورِ الرايةِ : "الأمير اعلي"، ذلك الزواج الذي وقفتُ على كتابة للفرنسيين ترى "أنه قد ينسف المستعمرة الفرنسية في السنغال من أصلها" ...

إذا كان مُثقفونا ومُؤرخونا، لحد الآن، قد أغفلوا هذا الجانب من المقاومة، فقد نوَّهَ به صوتُ الشمال الصادحُ : شاعرُ موريتانيا الكبير العلامة القاضي ابن القُضاةِ : امحمد بن الطلبَه اليعقوبي الموسوي في شعر جميلِ يخاطب فيه الأمير المقاوم المُجاهد :

ألا أبلغْ محمدَنا الحبيبا
سلاماً مثلَ نَفْحِ الطيبِ طِيبا

تحيةَ ناصحٍ لكَ ذي ودادٍ
يرى ما قد عناكَ لهُ مُصيبا

فلا تدعِ السلاحَ فإن فيهِ
لأهل الدينِ عندكمُ نصيبا

بذبكمُ الغوائلَ عن ذويهِ
إذا عدِمُوا لنائبةٍ مُجيبا

فلا عَدِمتْ بنو دامانَ يومًا
ولا تاشُمْشَ منظرَكَ النَّجيبَا

وما مَلاحِمُ هذا الأمير إلا امتداداً لملاحمَ خالدةٍ وبطولاتٍ ماثلةٍ لآبائِه مِن قبله،  ومنهم والده المباشر خفير السفن : الأمير أعمرْ بن المختار، الذي يقول فيه الشاعر سيد المختار بن أحمد بن النعيم اليعقوبي، وهو يخاطب الأمير محمد لحبيب :

أبْلَى أبوكَ بلاءً في الوَغَى حَسَناً
يومَ "الكُراعِ" وأيَّاماً مَضَيْنَ أُخَرْ

تثني عليهِ بِما أثْنَتْ عليهِ بهِ
أيامُ "غسْرَمٍ" إذْ فَرَّ الجميعُ فَكَرْ

طاب يومُكم.

عز الدين بن ڭراي بن أحمد يورَ