هسبريس -دعا محمد أبودرار، عضو مجلس جهة كلميم واد نون عن فريق المعارضة، المجلسَ ذاته إلى “الترافع عن ملف إحداث معبر بري بمنطقة المحبس عند خط التماس مع موريتانيا”، مبرزا “التأثير الإيجابي الذي سيكون لذلك على الجهة في إطار إشراكها ضمن المبادرة الملكية الأطلسية”.
أبودرار الذي كان يتحدث ضمن دورة مجلس الجهة لشهر يوليوز الجاري، شدد على “أهمية هذا المقترح إذا ما استحضرنا توفر الجهة على ميناء بسيدي إفني، وبالتالي خلق طريق تجارية بإمكانها خلق الرواج بالمنطقة ككل”، لافتا إلى أن “الأمور ستمر بسلاسة ولن يكون هناك مشكل كما هو الحال بالكركرات”، مشبّها الأمر بـ”الحلم الذي نريد الترافع عنه ودق الأبواب بخصوصه ليكون مطلبا رئيسيا لساكنة أسا الزاك بالنظر إلى الرواج الذي سيخلقه هناك”.
وخلق حديث عضو المعارضة سالف الذكر عن المعبر “البري الثاني” للمملكة مع الجار الجنوبي ردود فعل بين سكان الإقليم، الذين أكدوا “أهمية توفر المغرب على معبر آخر مع موريتانيا وإيجابيات ذلك بالنسبة لاقتصاد المنطقة”.
يذكر أن المغرب كان قد تدخل في نونبر 2020 من أجل إعادة تأمين المعبر الحدودي الكركرات المفتوح على الشمال الموريتاني بعد تحرشات بالعابرين من قبل عناصر موالية لمليشيات البوليساريو، ومنذ ذلك الوقت ظل المعبر آمنا بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين والعابرين صوب التراب الموريتاني ومنه إلى العمق الأفريقي.
ونقلت هسبريس تصورات إنشاء معبر برّي مع موريتانيا بالمحبس إلى عبد الفتاح الفاتيحي، باحث سياسي في شؤون الصحراء والمنطقة، الذي لفت إلى أن “هذا المقترح ذا الصبغة المحلية والوطنية كذلك، يتماشى مع طموح المملكة نحو الانفتاح الاقتصادي على دول الساحل والصحراء، على أن يكون ذلك بتفاهم بين نواكشوط والرباط”.
وذكر الفاتيحي، الذي تحدث لهسبريس، أن “المقترح سيُعزز الرؤية الوطنية حول تقاسم البنية التحتية مع دول المنطقة الجنوبية، وسيمكن من تشجيع المبادلات التجارية بين موريتانيا والمملكة؛ فمن المرتقب أن يكون له وقع اقتصادي وتنموي على الجهة ككل”، مضيفا جوابا عن سؤال حول مدى قابلية المنطقة الأمنية والاستراتيجية لاستقبال معبر حدودي بغض النظر عن خصوصيتها السياسية، بأن “التفاهم بين الجانبين المغربي والموريتاني كفيل بإنجاح هذا الاختبار، على أن يكون كل تشويش صادر عن عنصر ثالث موجبا للرد الثنائي”.
ولفت المتحدث إلى أن “ضمان أمن هذا المعبر يتطلب تفعيل الصرامة من الجانبين المغربي والموريتاني كما جرى تحديدا عند إعادة تأمين معبر الكركرات الحدودي قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، في وقت يظل التوفرُ على معبرين حدوديين بالصحراء أمرا استثنائيا ومفيدا للعلاقات الاقتصادية المغربية مع الخارج”.
وعاد المختص في شؤون الصحراء ليؤكد أن “معبر المحبس، حال إنشائه، سيكون أكثر تنافسية بالنظر إلى محاذاته للشمال الموريتاني مباشرة، في وقت لا يتناقض مع الرؤية المغربية بخصوص معبر الكركرات وتقوية البنية التحتية المؤدية إليه”.
وتعيش العلاقات الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا انتعاشة ملحوظة خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد التحركات التي حدثت من كلا الجانبين من أجل تيسير سبل التعاون الثنائي، في الوقت الذي يراهن فيه المستثمرون المغاربة على اكتساح السوق الموريتانية والاستثمار في مجالات مختلفة، بما فيها الخدمات والطاقة المتجددة والفلاحة، مع جعلها طريقا نحو جوف القارة.
بدوره، قال خالد حمص، أكاديمي باحث في الشؤون الاقتصادية، إن “فكرة معبر حدودي بمنطقة المحبس أمر مهم سيعزز التبادل التجاري مع موريتانيا والداخل الأفريقي بدوره، كما سيساعد على الرفع من منسوب الأمن بالمنطقة في وقت تعيش فيه على وقع تحديات جمة”.
وأورد حمص أن “منطقة المحبس في الأصل مستعدة من ناحية البنية التحتية، وهو ما سيعززه هذا المعبر الذي سيكون تنافسيا في حالة إنشائه على أرض الواقع، خصوصا إذا ما استحضرنا أن المنطق الاقتصادي يتطلب القرب اللوجيستي في نظر الفاعلين الاقتصاديين، إذ إنه سيكون أكثر قربا من معبر الكركرات نفسه”.
وهو يستحضر العلاقات التاريخية لموريتانيا مع المغرب، ذكر الأكاديمي ذاته أن “المقترح سالف الذكر يظل متناغما مع المبادرة الملكية الأطلسية التي أكدت على تبادل البنية التحتية بين دول المنطقة، على أن يكون له وقعٌ اقتصادي على جهة كلميم واد نون خاصة، والمغرب ككل، في إطار مساعٍ وطنية لاختراق أفريقيا اقتصاديا”.