نواكشوط – «القدس العربي»: استهجنت المعارضة الموريتانية أمس تصريحات أكد فيها وزير المالية الموريتاني المختار ولد أجاي في مداخلة أمام البرلمان أن برامج الحكومة تتطلب لكثرتها مأموريات متعددة.
.
وكان الوزير قد أكد في لحظة حماس سياسي»أن الإصلاح الذي يقوم به نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتطلب الكثير من الوقت»، مضيفاً «أن المواطن لن يتخلى عن الإصلاح وسيعطيه الفرصة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة»، على حد تعبيره.
وفتحت تصريحات الوزير جرح زيادة مأموريات الرئيس الذي كان قد اندمل بعد أن أثار لغطاً شديداً وأسال حبراً كثيراً منتصف السنة الماضية إثر قيام أحد الموالين للرئيس محمد ولد عبد العزيز بجمع مليون توقيع لمراجعة الدستور لزيادة مأموريات الرئيس.
ورفض وزير المالية التهم الموجهة إليه بالتلويح بخرق الدستور مؤكداً «أن تصريحه واضح ولا لبس فيه ولا يمكن استغلاله سياسياً ضده». واتهم المعارضة «بالعمل على المغالطة وتأويل التصريحات خارج سياقها الصحيح».
وانتقدت المعارضة الموريتانية الحساسة أصلاً إزاء قضية المأموريات تصريحات الوزير ولد أجاي التي قال فيها «إن بعض الأنظمة تستحق التجديد لثلاث مأموريات أو أربع»؛ مؤكدة في بيان وزعته أمس «أنه بقدر ما تشكل هذه التصريحات استخفافاً بإرادة الشعب الموريتاني واستفزازاً لقواه الحية، فإنها تمثل سقوطاً»، حسب تعبير المعارضة.
وشددت المعارضة على «استهجانها الكامل لتصريحاته المنافية، حسب قولها، لنص الدستور وروحه»، مشيرة إلى أن تلميحات الوزير تنم عن عدم المسؤولية وعن احتقار الدستور وإزدراء الشعب».
وطالبت المعارضة «بوضع حد لمثل هذه التصريحات التي ليس لها من مبرر سوى التملق والسعي وراء المناصب والمكاسب حتى ولو كان ذلك على حساب قدسية المواد الدستورية المتعلقة بالتداول السلمي على السلطة».
واعتبرت «أن أي تصريح أو تلميح يستهدف المكتسبات الدستورية المتعلقة بضمان التناوب السلمي على السلطة، عمل تخريبي تجب معاقبته لما له من عواقب وخيمة قد تؤدي – لا قدر الله – إلى تقويض السلم الأهلي وتفجير الوضع المحلي المتدهور أصلاً».
وكانت تصريحات الوزير قد أثارت يوم الاثنين نقاشاً حاداً داخل الجمعية الوطنية واعتبرها نواب حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان) مخالفة للدستور وغير مقبولة بالمرة.
وقد انضم كتاب ومدونون موريتانيون مقربون من المعارضة أمس للحملة منددين بتصريحات الوزير.
وفي مقال تحت عنوان «تعديل الدستور .. من هنا يبدأ الانفجار» أكد الكاتب الصحافي المدون محمد الأمين سيدي مولود «أن تصريح وزير المالية المختار ولد اجاي، وهو شخص مقرب من الرئيس بصفة ملفتة ومن أكثر وزرائه نفوذاً هو أول مؤشر مقلق حول سعي عزيز إلى تغيير الدستور بما يضمن له البقاء في السلطة فترة أطول».
وقال «هذا التصريح انتهاك صارخ للدستور وتهديد للاستقرار إن نحن عدنا إلى نص الدستور نفسه، ومن المخجل أن يكون التصريح تحت سقف هيئة تشريعية».
«كنت دائما أستبعد أي خطوة أو تفكير من النظام بهذا الخصوص، يضيف الكاتب، وليس ذلك ثقة في حكمته، ولا استناداً على تاريخه المليء بالقفز على الدستور واحتقار إرادة الشعب، أما الآن وقد تجرأ النظام على أن يكشف عن بعض نياته بهذا الخصوص فإنه يتوجه على الحكماء من الشعب ومن جميع القوى الحية موالاة ومعارضة للتعبير عن رفض هذا النمط من الطرح لأنه سيكون بداية لهزات قد ندفع جميعاً ثمنها، ولا نعرف إلى أين ستؤدي بنا».
وقال «إن عزيز ونظامه ووزيره وكل من يتورط معهم في هذا الأمر هم المسؤولون عما قد يؤول إليه واقع البلد، عاجلاً أو آجلاً».
يذكر أن الدستور الموريتاني ينص في المادة 29 على «تسلم الرئيس المنتخب مهامه فور انقضاء مدة رئاسة سلفه، ويؤدي رئيس الجمهورية قبل تسلمه مهامه، اليمين الذي يضمن قسماً بالله العلي العظيم «ألا أتخذ أو أدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أي مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من هذا الدستور».
وتنص المادة 28 من الدستور الموريتاني أيضاً على «أنه يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة»، كما تنص المادة 99 على أنه «لا يجوز الشروع في أي إجراء يرمي إلى مراجعة الدستور، إذا كان يطعن في كيان الدولة أو ينال من حوزة أراضيها أو من الصبغة الجمهورية للمؤسسات أو من الطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية أو من مبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدأ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك طبقاً لما تنص عليه المادتان 26 و 28».ب