نظم البنك المركزي الموريتاني، اليوم بقصر المؤتمرات في نواكشوط، يومًا وطنيًا للشمول المالي، تحت شعار "الشمول المالي من أجل تسريع النمو والرفاه المشترك"، وبمشاركة خبراء وفاعلين ماليين محليين ودوليين، بهدف تعزيز الولوج إلى الخدمات المالية لجميع الموريتانيين.
وخلال إشرافه على انطلاق اليوم عبر الوزير الأول محمد ولد بلال عن تشرفه بترأس حفل افتتاح اليوم الوطني للشمول المالي، باسم رئيس الجمهورية، الذي تعكس رعايته لهذا الحدث ما توليه الحكومة من عناية فائقة لخلق الظروف الملائمة لولوج كافة الموريتانيين إلى خدمات مالية متنوعة ذات جودة عالية وبتكاليف في متناولهم.
مضيفًا أن أهمية الشمول المالي، لا تكمن فقط في توفير كافة الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع لتستخدمها من خلال القنوات الرسمية، بل إن هذه الأهمية تظهر أيضا من خلال العلاقة الوثيقة بين الشمول المالي من جهة، وبين الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي من جهة أخرى، وكذلك من خلال الدور الحيوي للشمول المالي في تحسين مستويات معيشة الفئات ذات الدخول المتوسطة والضعيفة، فضلا عن الانعكاسات الايجابية لمؤشراته على خفض معدلات البطالة وتحسين توزيع الدخل وعلى الرفاه الاجتماعي.
وقد أشار الوزير الأول إلى أن السياسة المتبعة ضمن إطار الحكامة النقدية، مكنت من احتواء التضخم وتعزيز استقرار النظام المالي وتحديث أنظمة الدفع والمساعدة على الشمول المالي، واستمرار عصرنة إطار السياسة النقدية وسعر الصرف.
وفي مجال الدفع، تم تشغيل أنظمة التسوية الآنية للمبالغ الكبيرة، والمُقَاصَّةِ عن بعد، والإيداع المركزي للأوراق المالي، كما مكن اعتماد النصوص التطبيقية للقانون المتعلق بالخدمات ووسائل الدفع الإلكترونية، من اعتماد العديد من مؤسسات الدفع ومؤسسات النقد الإلكتروني، وتوسيع النفاذ الشامل للخدمات المالية، وخاصة للمواطنين الأكثر احتياجا.
كما نوه الوزير إلى أن تنظيم هذا اليوم يأتي في سياق مصادقة المجلس الوطني للشمول المالي، على الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي، التي تهدف إلى تطوير قطاع مالي شامل ومرن ومستدام، وزياد الوعي المالي وتعزيز التمويل الأخضر الشامل لجميع الجهات الفاعلة الاقتصادية المقيمة في موريتانيا وخاصة للشباب والنساء وسكان الريف والنازحين قسرا والشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وقد حددت خارطة الطريق الخاصة بهذه الإستراتجية - حسب الوزير الأول - كهدف لها الوصول إلى نسبة شمول مالي تصل 63% على الأقل بحلول عام 2028.
وفي كلمته أكد محافظ البنك المركزي محمد الأمين ولد الذهبي أن تنظيم هذا اليوم يعكس مدى الاهتمام بإشراك كل الجهات المعنية واتخاذ كافة التدابير الضرورية، بغية تأمين الظروف الملائمة لضمان ولوج جميع المواطنين إلى المنتجات والخدمات المالية اللازمة لتحقيق تطلعاتهم؛ كما يعبر في نفس الوقت عن التزام البلاد المستمر بتعزيز الاستقرار والاستدامة والشمول من أجل الرفاه المشترك، على حد تعبيره.
مضيفًا أن اليوم يأتي في سياق جملة إصلاحات في القطاع المصرفي تم تنفيذها منذ سنة 2022 شملت من بين أمور أخرى مجالات إصلاحات الحوكمة في البنوك، وتعريف نموذج التقرير السنوي حول موضوع حوكمة تحديث عمليات الرقابة، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى البنوك الأولية.
كما شملت الإصلاحات تحديث الإطار التنظيمي وتفعيل صندوق الضمان الموريتاني، وتنفيذ نظام ATS-CSD والنظام التنظيمي المصاحب له، وتطوير المنتجات والخدمات المالية، هذا بالإضافة إلى المصادقة على الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي والإستراتيجية والوطنية للتثقيف المالي والإستراتيجية الوطنية للدفع الرقمي، وخارطة الطريق للتمويل الأخضر الشامل.
منوهًا إلى أن الجلسات المبرمجة خلال هذا اليوم ستتيح للجميع فرص الاطلاع على مختلف الجوانب المتعلقة بالشمول المالي، حيث ستتناول الحلقة النقاشية الأولى دور الشمول المالي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فيما ستحاول الحلقة الثانية الإجابة عن التساؤل المتعلق بما إذا كانت شركات التكنولوجيا المالية والعملة الرقمية للبنوك المركزية، أما الحلقات الثلاث الأخرى، فستبحث في مسؤولية جهة التنظيم: ما بين ترقية الشمول المالي وواجب الإشراف، ودور التثقيف المالي وحماية المستهلكين في دعم الشمول المالي، وفي التأثير المحتمل للتمويل الأخضر والشامل على التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي.
اليوم من المبرمج أن يشكل فرصة لتسليط الضوء، على إنجازات وتحديات وآفاق الشمول المالي في موريتانيا، وذلك بعد المصادقة الأخيرة على الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي من طرف المجلس الوطني للشمول المالي، فضلا عن إطلاق مبادرات تهدف إلى تسريع تنفيذها.
وتلتزم الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي بتوسيع نطاق الولوج إلى الخدمات المالية لجميع طبقات المجتمع الموريتاني، وخاصة الفئات السكانية الأكثر هشاشة كالنساء والشباب والمؤسسات الصغيرة.
كما تهدف الإستراتيجية إلى إنشاء نظام مالي شامل ومستدام وموات للرفاه المشترك بحلول عام 2030، تماشيا مع رؤية استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك.
وستجمع حلقات النقاش خبراء وطنيين ودوليين وممثلين عن الحكومة والقطاع المالي والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني لاستكشاف المواضيع الرئيسية المتعلقة بالشمول المالي.