دقة - حياد - موضوعية

نواكشوط تعيد نشر نص وترجمة رسالتي المقدم احمد سالم ولد سيدي لزوجته مان وأخيه باب

2024-03-16 13:39:43

بعد43 سنة على محاولة 16 مارس الانقلابية تظل رسالتا المقدم أحمد سالم ولد سيدي، رحمه الله،  شاهدا على ما يتمتع به  من بسالة ورباطة جأش، وهو يكتب رسالتين لزوجته مانه و أخيه الوزير السابق بابه ولد سيدي، في وقت كان ينتظر فيه الموت المحقق إعدامًا بعد ساعات قليلة.

كان الوقت ليلا، وقد علم قادة المحاولة الانقلابية أن طلب العفو الذي تقدم به لفيف المحامين تم رفضه، وأنّ تنفيذ حكم الإعدام بات مؤكدا، وأنه سيتم خلال فجر نفس الليلة (26 مارس).

 

دعا المقدم أحمد سالم الشاب العسكري وداد ولد اسويدات ولد وداد (المتوفى، رحمه الله، سنة 1998). وكان المقدم صديقا حميما لوالده اسويدات: الضابط المغوار الجسور المتوفى في حرب الصحراء. طلب منه أن يأتيه بورقة وقلم، فخرج وجاء بما طلب منه. قسم المقدم الورقة إلى نصفين، كتب في أحدهما رسالة إلى زوجته مانه بنت احبيب. وقد كشفتْ الصحافة الوطنية عن تلك الرسالة، قبل سنوات، ونشرَتْ ترجمة لها مع صورة تأكيدية بخط الفقيد وتوقيعه. ثم كتب، في النصف الآخر، رسالة إلى أخيه بابه (المتخرج حينها من الجامعات الأوربية).

طوى العسكري الرسالتين وأخفاهما في جيب بزته. غير أن الحراس ارتابوا في ما كان يتحدث فيه مع المقدم، فأخضعوه للمساءلة دون أن يعترف لهم بأي شيء. وفي الغد، بعد تنفيذ الحكم، تم توقيف وداد ولد اسويدات لمدة 45 يوما، لكنه ظل يحتفظ بالرسالتين في مكان ما باعتبارهما أمانة تستحق منه كل التضحية: فالشهيد كان بمثابة عمّه لأنه كان كالأخ لوالده. بعد إطلاق سراح العسكري ولد اسويدات، النبيل والأمين، اتصل، وَهْنًا من الليل، ملثما ومتسللا ومتخفيا، بزوجة المقدم وسلمها رسالتها، فيما اتصل بأخيه بابه، على حِدَة، وسلمه رسالته التي بقيّت طي الكتمان إلى أن عثر عليها أحد أفراد العائلة وهو يبحث عن بعض الوثائق داخل دولاب  وهذا نص الرسالتين مع ترجمتهما:

 

الرسالة الموجهة الي مانه:

"زوجتى الغالية علمت أن الأخذ بالعفو قد رفض، و أنني انتظر التنفيذ لذلك سأغادر هذا العالم دون أن أتمكن من رؤية لا أنت و لا الأبناء كوني شجاعة كما كنت دوما واهتمي بتربيتهم واحترمي ذكراي ولاتتزوجي إلا رجلا من رتبتك سيعامل أبنائي بالغالي و النفيس تماما كما كنت أنا أعاملهم، احكي لهم عني كما كنت دائما شريفا صريحا مخلصا نزيها .

لن اندم على حياتي إن يكن في مماتي مصلحة موريتانيا.

سلامي على اعمر عيشه امبيريكه وعلى كل الاهل ان استطعتم ان تحصلوا على جثماني فادفنوه في جوارهم في الميمون.

ادفعوا الديون التي يطالبني بها محمدو"

الرسالة الموجه الي بابه:

عزيزي بابه،

علمتُ للتّو برفض طلب العفو.

إذن، سأغادر هذا العالم دون أن يكون بمقدورنا أن نلتقي.

إني أوكل إليك أمْرَ أبنائي: إذا لم تكن قد أعْدَدْتَ لمشروع نهائي، أطلب منك أن تتزوج بوالدتهم. إنها شجاعة، ومستقيمة، ونزيهة. كذلك ستخدم أبناء أخيك عن قرب. قُمْ على تربيتهم. إنهم يحتاجونها، إذْ كانوا، عندي، مُدَلّلين.

بلّغ تحياتي للأخوات ولباقي الإخوة.

وداعا.

أخوك أحمد سالم.

...................................

ملاحظة: كتب المقدم أحمد سالم ولد سيدي كلمة "إلى اللقاء" في آخر رسالته المقتضبة، وبدا أنه تذكر أنها ليست الكلمة المناسبة لشخص سيغادر إلى الأبد. فشطب عليها (كما هو واضح في صورة الرسالة بالفرنسية)، وكتب مكانها كلمة "وداعا" الأنسب.

 

 

تابعونا على الشبكات الاجتماعية