في حوار مفصل أجرته صحيفة نواكشوط مع السياسي والإطار البارز محمد فال ولد بابه ولد أحمد الديد، الملقب ولد عمير، حول احتمال ترشحه للانتخابات النيابية القادمة كنائب عن الجاليات الموريتانية، قال: "إن العقود التي أمضيتها في كندا وفي أمريكا الشمالية تجعلني من أكثر الناس اطلاعا على ما تعانيه جالياتنا هناك، وعلى مطالب المغتربين بشتى أنواعها.كما أن علاقاتي بالمغتربين مكنتني من أن أكون أحد أمثل الأشخاص وأكثرهم استعدادا لتمثيل الجاليات ورفع قضاياها والدفاع عنها بكل جدية وموضوعية".
وأردف محمد فال يقول: "سأترشح للترشح. بمعنى أن حزبي (حزب الإنصاف) هو من يقرر الترشح، وأنا منضبط لقراراته. إذن، بالإضافة إلى استعدادي الشخصي، هناك أيضا جماعات عرضت علي أنها ستقترحني، وقبلت العرض لأنني اعتبر أن الدفاع عن المغتربين وحمل مطالبهم واجب وطني لا يمكنني إلا الانصياع له. غير أنه من المعلوم أن النائب يعتبر، قبل كل شيء، مشرّعا، مع أنه مخول أيضا بالمرافعة عن مشاكل ناخبيه. ولعله من المفيد التذكير بأن حزب الإنصاف الذي أنتمي إليه سيحصد الأغلبية البرلمانية دون شك لأن قيادته كفيلة بفرز خيارات مقنعة، فضلا عما يتمتع به الحزب من مرجعية مهمة مجسدة في شخص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي حاز ويحوز على إجماع غير مسبوق. هذان البعدان سيمكنان الحزب من الحصول على أغلبية مريحة سنعتمد عليها لنقاش قضايا الجالية وإيجاد حلول لمشاكلها.
وعن سؤال حول الظروف التي شجعته على الترشح، قال محمد فال: "يشجعني عليه أننا نعيش عهدا أصبحت فيه سلطاتنا العليا تعتمد سياسة الباب المفتوح، أي أن آذانها صاغية لكل المواطنين، وبكل أريحية وهدوء، فهي تحسن الاستماع والتعاطي مع مطالب الشعب ومشاغل الناس. إذن هناك استعداد غير مسبوق للاستماع الجيد والتعاطي الإيجابي السريع مع الفاعلين السياسيين والنقابيين والحقوقيين في موريتانيا. هذا الجو الذي يطبعه الانفتاح والشفافية، نريد أن نستغله لنكون في موقع يسمح لنا بحمل مطالب الجاليات والمرافعة عنها أمام السلطات العليا، والبحث، مع الجهات المعنية، في السبل الكفيلة بالرد الإيجابي على تلك المطالب وتلبيتها في أقصر الآجال. ولكي أكون أكثر وضوحا، أقول لكم بأن عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني جعل كل الأصوات مطمئنة على أن هناك من يستمع إليها ويهتم بها ويتجاوب معها. وهو أمر لم يكن معروفا من قبل، وبالتالي نسعى، من خلال البرلمان، إلى استغلال هذا الانصاف الجليل وهذا الانفتاح الديمقراطي الكبير لكي نعرض مشاكلنا في الخارج، ونناقشها مع القائمين على أمرنا، ونجد لها حلولا مقبولة ومنصفة".
وعن تعداد مشاكل الجاليات الموريتانية، قال محمد فال: "هناك جملة من المشاكل يستوي فيها الجميع تقريبا: مثل مشكل الحالة المدنية، إذ لا توجد مكاتب لتقييد الأطفال الذين يولدون في الخارج أو تجديد جوازات السفر. فمن تنتهي صلاحية جواز سفره هناك يبقى في انتظار إجراءات بطيئة يقام بها في نواكشوط قد تحتاج أشهرا وأشهرا. كما تعاني بعض الجاليات من عدم وجود سفارة، مثل كندا حيث توجد جالية من قرابة 6000 شخص يحتاجون إلى سفارة أو على الأقل قنصلية لمتابعتهم والاطلاع على أحوالهم وحل مشاكلهم. هناك أيضا في بعض مناطق العالم، خاصة شمال أمريكا وأوربا، معضلة كبيرة تتعلق بالمسخ الديني والثقافي للأطفال الموريتانيين، إذ لا توجد مدارس لتدريسهم القرءان والأحكام الشرعية واللغة العربية. إذن لابد من نقاش مستفيض مع الدولة الموريتانية لإيجاد حل لهذا المعضل، ولو عن طريق فصول موسمية للدراسة عن بعد بحيث يستخدم معلمون موريتانيون، في نواكشوط، وسائط التواصل لتلقين الأطفال وتعليمهم قيمنا الدينية والثقافية واللغوية، وإلا فسيضيعون في أتون حضارة لا ترحم غير من دخولها مسلحين أصلا بأصول دينهم وثقافتهم. هناك أيضا مشكلة تتعلق بالأسماء، فنحن، مثلا، وصلنا إلى كندا بأسماء، واستصدرنا أوراقنا فيها بتلك الأسماء، وبعد سنوات غيرت موريتانيا أوراقها الثبوتية واعتمدت الإسم الثلاثي، فأصبحت لدينا أسماء أخرى غير تلك المرسومة في وثائقنا بكندا (وباقي الدول طبعا)، ما أدى إلى الارتباك وضياع الكثير من حقوق المغتربين. هناك أيضا مشكل معادلة الشهادات، مثلا: ما نسميه الباكالوريا في موريتانيا ليس إلا امتحان تجاوز في كندا، بالتالي لا يمكن للناجح في امتحان التجاوز في السنة الأخيرة من الثانوية في كندا أن يتقدم لامتحان يتطلب شهادة الباكالوريا في موريتانيا. إذن لابد من حل سريع لمشكل معادلة الشهادات. هناك أيضا المغتربون الذين تتقطع بهم السبل ويصبحون فريسة لعصابات التهريب، وهناك الأموات الذين يحتاجون إلى النقل إلى بلادهم الأم. كما أنه لابد من خطوات فعالة لتخفيف أعباء الجمركة على الجاليات كي تلج ميدان التجارة والمال والأعمال في البلاد، ولابد من خطوات جبارة لتمكين الجاليات من التعاقد مع محامين للدفاع عن مصالحهم والتكفل بملفاتهم في محاكم الدول الأجنبية، وذلك ما لا يمكن إلا بالتنسيق بين مكاتب الجاليات ووزارة الخارجية وممثلي الجاليات في البرلمان. إذن هناك جملة من الإجراءات العملية التي يتوجب القيام بها لنجعل جالياتنا في مأمن، ونسهل عليها ظروف الحياة، ونجعلها نشطة وفعالة ومنتجة، مع ربطها الدائم بقيمها الدينية والثقافية، وتطوير علاقاتها بالشعوب المضيفة من خلال تنظيم المهرجانات الفلكلورية والسهرات الموسيقية والندوات التي تُعرّف بتاريخ البلاد. كل ذلك يساهم في تحسين صورة البلاد بما يضمن زيادة الاهتمام بها من الناحية السياحية، وزيادة الاهتمام بها على مستوى المستثمرين أيضا".
وخلص محمد فال (ولد عمير) ولد بابه ولد سيدي إلى القول: "هذه الأمور، وغيرها، لا تمكن مواجهتها بشكل فعال وموضوعي وعملي إلا من خلال قبة البرلمان، وهو ما نصبو إليه بعون من الله، وبتفهم من الحزب، وبمباركة من الجاليات"..