نواكشوط- «القدس العربي»: أعلن الأمين العام لوزارة البترول والمعادن والطاقة، عبدول ممادو باري، أنه “من المتوقع أن تكون سنة 2023، البداية الفعلية لإنتاج الغاز الموريتاني في حقل آحميم المشترك مع السنغال، مما سيسمح بإنتاج الغاز المنزلي وغاز الطاقة بجودة عالية وصولاً إلى نسبة صفر تلوث في أفق العام 2050 حسب الاستراتيجية المعتمدة من طرف الوزارة”.
جاء ذلك خلال مداخلة للأمين العام أمس أمام ورشة عمل منظمة من طرف وزارة البترول والمعادن والطاقة بتمويل من البنك الدولي، حول إطلاق الدراسة الاستراتيجية لوضع المخطط التوجيهي لاستغلال الغاز والبترول في موريتانيا.
وأضاف الأمين العام أن “الورشة ستشكل منصة للتبادل بين مختلف الشركاء حول الأفكار والمقاربة من أجل الاستفادة القصوى من العائدات على الاقتصاد الموريتاني”، مشيراً إلى أن “هذه الدراسة ستحدد المقدرات والإمكانات الوطنية في مجال المحروقات”.
وانتدبت الحكومة الموريتانية مكتب دراسات دولياً لإنجاز الدراسة المذكورة نهاية العام الجاري ولإعداد مخطط توجيهي عن الغاز والبترول على المديين المتوسط والبعيد من أجل دمجهما في النسيج الاقتصادي الموريتاني، وفي عمق التنمية المستدامة مع مراعاة الجوانب المتعلقة بالأمن الطاقوي وحماية البيئة.
ويعتبر حقل غاز آحميم/السلحفاة من أكبر حقول الغاز في إفريقيا، حيث تبلغ احتياطاته المؤكدة 1400 مليار متر مكعب من الغاز، ما يجعله من أضخم المشاريع المنفذة حالياً في إفريقيا.
واتفقت موريتانيا والسنغال على تناصف عائدات هذا الحقل المقدرة بما بين 80 و90 مليار دولار على مدى عشرين سنة.
وأكدت شركة “بترييش بتروليوم” التي تتولى استغلال الحقل أن أعمال مرحلته الأولى قد أنجزت بمعدل 58%.
وبسبب وباء كورونا، تأخرت أعمال إنجاز منصة الاستغلال وملحقاتها، حيث لم تبدأ إلا في السنة الجارية، وهو ما سيؤخر بدء عمليات الاستغلال إلى عام 2023 بدلاً من 2022.
وتشمل عمليات تحضير استغلال الحقل تهيئة 12 بئراً تحت مياه المحيط الأطلسي، كما تشمل إقامة حاجز للأمواج بطول 1200 متر يقي ناقلة الغاز من حركة البحر ليتسنى تسييل الغاز ونقله وتسويقه، وليمكن الوحدة الطافية من إنتاج سنوي يصل إلى 2.5 طن من الغاز السائل.
ووقعت موريتانيا مع جارتها السنغال في فبراير/شباط الماضي، اتفاقية تسويق المرحلة الأولى من حقل غاز “احميم الكبير” المشترك بين البلدين، حيث تُقدر احتياطاته من الغاز بـ 25 تريليون قدم مكعب.
وكان المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وهو هيئة بحثية مستقلة، قد حذر في تقرير أخير له، من انعكاسات سياسية واقتصادية كبرى لحقل الغاز المكتشف، قياساً على ما أحدثته هذه الطاقة تاريخياً، من تحولات استراتيجية في البلدان التي ظهرت فيها.
وتوقع المركز في تقريره أن “يحدث هذا الاكتشاف الطاقوي الكبير نقلة في اقتصاد موريتانيا وأوضاعها الاجتماعية والسياسية إذا أحسن استغلاله، لكونها المرة الأولى التي تتوفر فيها موريتانيا على موارد طاقوية بهذا الحجم”.
وعن التأثيرات السياسية لحقل “آحميم”، توقع المركز “زيادة في تأثير الأطراف الخارجية في الشأن المحلي الموريتاني من خلال دعمها للأطراف القادرة على توفير الاستقرار لأنه أهم شرط لضمان بيئة استثمارية آمنة، وفي هذا السياق ربما تترسخ المقاربة التي تبنتها الدول الأوروبية في موضوع الأمن والتي نظرت دائماً لاستمرار حكم الجيش الموريتاني بوصفه الأقدر على ضمان الأمن”.
كما توقع المركز “تنافس الأطراف الدولية، الساعية للحصول على فوائد اقتصادية من هذه الاكتشافات، على التأثير في صناعة القرار السياسي والاقتصادي داخل البلد”،
وعن الآثار الاقتصادية المتوقعة لهذا الاكتشاف، أكد المركز أن “السوق الجديدة للغاز المسال تتميز بميزات عديدة تجعلها مفضلة للمنتجين والمسوقين الكبار في السوق الدولية، مما يغريهم بشكل أكبر بالاستثمار في منطقة الاكتشافات الجديدة”.
وأشار المركز إلى أن “الغاز الموريتاني المكتشف يمتاز بالجودة والنقاوة وبسهولة الاستخراج، وقلة التكلفة، وبقرب من أوروبا وأمريكا الأكثر استهلاكاً للمادة”.
وكانت اكتشافات الغاز الكبيرة هي تلك التي أنجزتها شركة “كوسموس” التي بدأت العمل منذ العام 2012 في المنطقة الحدودية المشتركة بين موريتانيا والسنغال، واستطاعت سنة 2015 اكتشاف كميات كبيرة من الغاز على الحدود السنغالية الموريتانية المشتركة.
وفي العام 2016 أعلن عن وجود احتياطي مؤكد من الغاز يقدر بـ 25 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي عالي الجودة في هذه المنطقة، بل تشير تقارير الخبراء إلى أن مجموع احتياطي حقلي “السلحفاة” و”آحميم بير الله” قد يصل إلى 50 ترليون قدم مكعب قابلة للاستخدام لعدة عقود من الزمن.