.... حدثت نفسي في منولوج داخلي انني لن اتوجه الى المذرذره عن طريق سيارات النقل العمومي، لأن الإجراءات الأمنية المشددة تلزمها بالمرور بفرقة الدرك عند الوصول الى المدينة، ويمكن للدركيين تفتيش أية حقيبة يشكون في صاحبها ، فكرت في ترك المناشير ،ورفض تنفيذ المهمة ، لأنني ببساطة لا اريد ان اقع فريسة في يد قائد فرقة الدرك في "الصنكه" (لحرور) المعروف بصرامته مع مناضلي الحركة ،وانا مستعد لأي نتيجة قد تترتب على ذلك مادام الوصول الى "المذرذرة" لا يمكن دون ركوب النقل العمومي، او السير علي الاقدام، وهما خياران احلاهما مر.
.
وبينما انا افكر حائرا ماذا افعل؟. هل اغامر لأداء مهمتي رغم ما يكتنفها من مخاطر ، ام اتراجع عن تنفيذها و في هذه الحالة سأكون خنت الحركة، و قد يتهمني الرفاق حتى بالخيانة العظمي،
وانا للتذكير طيلة سنين النضال تحاشيت دائما ان اعتقل، رغم ما قمت به من مهام صعبة في بعض الأحيان اذكر منها انني استطعت ان اضع منشورات للحركة شملت نسخة من الوثيقة الاساسية للكادحين، و عدد خاص من صيحة المظلوم فيparapheur المختار ول داداه. كيف؟: كنت موظفا في ادارة الوظيفة العمومية مكلفا بمتابعة القرارات و المراسيم، تلك الصفة تسمح لي بدخول رئاسة الجمهورية، لترقيم الوثائق، وكان معظم الموظفين في الرئاسة يعرفونني جيدا، وان كانوا يجهلون انتمائي السياسي، بل ان بعضهم يعتقد ان ابن السفير محمد عبد الله رحمه الله، لا يمكن ان يعارض النظام، وفي احد ى المرات تمكنت من استغلال العلاقة الجيدة التي تربطني بكاتبة مدير دوان الرئيس ليلي شريف اخت السيد الوزير محمد عالي الشريف مدير الديوان، فتحينت الفرصة و هي خارج مكتبها فوضعت الوثائق في اسفلparapheur ،و عندما رجعت وهي لم تعلم اني كنت في مكتبها اصلا، اخذت الوثائق ووضعتهم مباشرة على مكتب الرئيس المختار ، وقد شاءت الاقدار ان الرئيس لم ينظر فيها نفس اليوم نظرا لانشغالاته وعندما فتحها بعد ذلك، تفاجأ بوثائق الكادحين، فاستفسر معاونيه متهما اياهم، بان من بينهم الطابور الخامس، ثم طلب حضور مدير الوظيفة العمومية "كامارا سيدي بوبو"، و استفسر هو الاخر فرجع غاضبا و طلب حضوري، فأجبته انني مريض منذ ايام ، و لم احضر الى الادارة و لا الرئاسة و شهد لي بعض العمال، لحسن الحظ اقتنع "كمارا سيدي بوبو"، بذلك، فلم اعتقل لكنه منعني من الذهاب الى الرئاسة، بعدها ،وكلف شخصا آخر بملفها .
من ناحية اخرى كنت اربط الاتصال بالكادحين المختبئين في احياء الصفيح "البركه" و"حلت شرويطة"، هربا من الاعتقال، حيث ازورهم يوميا وازود ذويهم بأخبارهم.
و مرة كلفت ليلا ان اذهب الى حي "احسي الشرات" في نواكشوط الذي كان بالضبط شرق المولد الكهربائي "لزين الخظره" في حي "كرفور" الحالي، فتوجهت دون ان اعرف مهمتي ا ، كانت الساعة تقاربمنتصف الليل، وصلت الى المكان الذي حدد لي وكان "ابراك" مظلم، دخلت فلم اجد احدا، فشعرت بالخوف، وعندما هممت بالخروج ، امسكني شخص ملثم، و قال لي خذ هذه "ازكيبة" و انتظر حتي اغادر ثم اخرج، و سر في اتجاه معاكس لطريق قدومك الى هنا، ففعلت، وكانت الخنشه تحوي اعدادا من صيحة المظلوم، ستوزع نفس الليلة في نواكشوط و في بعض مدن الداخل، وقد علمت بعد ذلك بفترة، ان الرجل الذي التقيت في "احسي الشرات"، هو خالي يسلم ول ابن عبدم، حفظه الله، الذي لم اكن اعرفان له علاقة بالحركة...
وقد اعتقلت طيلة سنوات النضال، و كانت اعتقالات بسيطة في الاضرابات، وكان قائد فرقة الحرس المكلفة بمكافحة الشغب آنذاك المرحوم" سيد محمد ول بكي"، دائما يخلى سبيلي فورا
وكان المرحوم سيدى محمد، يعطي الأوامر ان اوضع في سيارته الخاصة، و لا اضرب ،ولا و اعامل بالعنف حتي ينتهي كل شيء، يذهب بي الى منزله في حي اîlot A و بعد المقيل يقول لي: اذهب ،" واعرف ذ ما عندك لو شي" .
للرجوع الى قضية المذرذرة ،ظلت انتابتني حالة من اليأس وفقدان الأمل بعد ان فكرت مليا، ولم اجد حلا انتهت بي الي نوم عميق لم يقطعه الا حديث بين اشخاص في المنزل أحدهم يقول انه امر سائقه بتجهيز سيارته للسفر الي المذرذرة فطننت اني احلم ، لكنني نهضت فاذا به رئيس المحكمة العليا وقتها السيد احمد ول ابا حفظه الله...
يتواصل
محمد ولد اعلي ولد سيدي يعرف