على هذه الأرض ما يستحق الحياة كما قال محمود درويش ، وفي ارض المليون شاعر كانت ولا زالت لغة الضاد بيرقا لماعا وحاضنة إبداع وثقافة بلا حدود ، بل سفارة حقيقية لموريتانيا في المشرق والمغرب بشعرائها وعلمائها الأفذاذ ، وبأجيال جديدة اليوم تغرف من بحر هذا المحيط الغطمطم ، وهي تتطلع في كل المحافل والمنابر لاستمرار العطاء والالق الدافق من ربى شنقيط الغراء.
.وقد كانت تلك الرؤية هي نعت البدايات الأولى لإشراقة اول كيان ثقافي موريتاني ، أسس على الأدب والفن والإبداع هو اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين ، الذي حول آنذاك إسم رابطة أقلام الصحراء قبل ان يتحول إلى رابطة الأدباء والفنانين الموريتانيين ، ثم رابطة الأدباء والكتاب الموريتانيين ، وهي تحولات فرضتها ظروف مختلفة من الحراك الثقافي والاجتماعي العام في البلاد ، إلى أن استقر السفين على شاطئ مزدحم بمختلف الأصوات الأدبية الفصيحة والدارجة هو اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
غير ان نظرة فاحصة اليوم وتقييما موضوعيا لأداء ومسيرة هذا الاتحاد ، والاختلالات العميقة في بنيته التنظيمية وحصاده العام ، تفرض علينا كنخبة أدبية وثقافية في عرين لغة الضاد الفصحى العربية ، أن ندافع عن الرسالة التاريخية التي أنشئ من أجلها هذا الاتحاد كعضو مؤسس في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في مؤتمره الأول عام 1976 ، ألا وهي حمل رسالة الأدب العربي في موريتانيا إلى كل الأصقاع ، والدفاع عن الهوية الثقافية العربية والإسلامية لبلاد شنقيط ،ورفد مسيرة الإبداع العربي في هذه الديار بالمزيد من العطاء والتواصل الخلاق بين أجيال الأمس واليوم.
ومع إدراكنا العميق لأهمية الأدب الشعبي كعنصر اساس في تراثنا الوطني وموروثنا الاجتماعي عموما ،فقد بينت التجربة المحلية ان التعايش بين جيلين مختلفين في نمط الإبداع وهموم الثقافة شكل أكبر عائق حقيقي في وجه تطور وتقدم اتحادنا ، وتلبية تطلعات وآمال أعضائه من مختلف المشارب والأذواق والمدارس الفكرية والعلمية ، إضافة إلى خروج ذلك كله عن أنظمة وقواعد الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ، التي لا تعتبر اللهجي ايا كان ، ضمن دائرة اهتمامها القومي المشترك ، ذلك أن اللغة العربية الفصحى هي الخيط الناظم والذاكرة الجمعية الحية الموحدة بين كل أطراف واطياف الثقافة العربية والأعضاء المنتسبين في هذا الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب.
وسبيلا إلى توسعة مجرى النهر العام لكلا التيارين الفصيح والشعبي في ساحتنا الأدبية الموريتانية ؛ وتقديرا لإسهام كل واحد منهما في تشكيل الوعي الثقافي والمخيال العام للفرد والمجتمع ، فإننا باسم تيار الأدب العربي الموريتاني ( تداني ) الأصل في اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين نتمسك بالصورة التاريخية الناصعة لاتحادنا الأم ، ونطالب ببقاء هذا الصرح العريق كيانا مستقلا فقط لأصحاب القلم بالفصحى من سدنة الضاد الذين اسسوه اول مرة هنا بواد غير ذي زرع عند هذه التلال والرمال ، حاملين ريشة الفن والإبداع ،بين البحر والتيه والذاكرة وفي ظلال النخيل ، يسكنهم هاجس الإبداع المرفف بجناحيه كطائر الفينيق منبعثا من رماد الصحراء هنا من ربوع شنقيط حتى افياء المربد في العراق ومهرجانات الشعر العربي في دمشق وبيروت والرياض وسائر مدائن العروبة
إننا نعتبر ان انضواء إخواننا الآخرين من مريدي ورواد الأدب الشعبي في إطار تنظيمي آخر منفصل وخاص بهم لوحدهم ، افضل وانسب لهم من الزحام معنا في مركب واحد اسسناه قدما لأنفسنا خالصا للغة العرب من دون اللهجات واللغات الأخرى على ذات ألواح ودسر تسبح فقط في بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي وهي تتسنم هنا عبق فحول الشعر الشنقيطي بين تلك المحاظر والمحابر.
عاش اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين راية للثقافة والإبداع والفكر ، ومشكاة تضيئ بزيت العربية الوقاد داخل وخارج البلاد.
أنتم الناس ايها الشعراء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نواكشوط 7 رمضان 1442 هجري الموافق 20 إبريل2021