دقة - حياد - موضوعية

الإرهاب يطارد السياحة في موريتانيا

2016-01-15 20:38:38

يعيش قطاع السياحة في موريتانيا أسوأ فتراته في ذروة الموسم السياحي بسبب السياسات المتبعة في تسيير القطاع رغم الإمكانات المهمة التي تتوافر عليها البلاد.

.

وتسود القطاع أجواء قلق وخوف من انعكاسات هذا الركود الملحوظ على الاستثمارات السياحية  والعمالة التي تنشط فيها، فقد تراجعت خلال السنوات الأخيرة أعداد السياح الأجانب بشكل كبير وتواصل إهمال الحكومة وهروب المستثمرين من القطاع.

وكانت السياحة في موريتانيا تعيش فترة ذهبية ما بين 1998 و2007 حيث كانت تحقق مداخيل مهمة لخزينة الدولة رغم تواضع البنيات التحية، لكن الاعتداءات الإرهابية على السياح من قتل وخطف وغيرهما أدت إلى تراجع كبير في أعداد السياح.

ويعتبر المهتمون بالقطاع أن إلغاء سباق "باريس دكار" الدولي الذي كان يعبر موريتانيا من شمالها إلى جنوبها بسبب مقتل عدد من السياح الفرنسيين قبيل انطلاقة دورة 2008، كان السبب الرئيسي لهذا الركود الذي يعيشه قطاع السياحة، حيث كان هذا الحادث سببا في إلغاء نسخة 2008 ونقل السباق من أوروبا وأفريقيا إلى أميركا الجنوبية.

سباق دكار

وشكل السباق على مدى سنوات حدثا مهما في المنطقة يجذب آلاف السياح الذين يبرمجون رحلاتهم في فترة السباق للاستمتاع بالصحارى الموريتانية والأجواء التي تتخلل هذا الموعد الرياضي، خاصة أنه كان ينظم في فترة أعياد الأوروبيين حيث يكون جو الصحراء مناسبا لتنظيم رحلات البر.

كما تسببت الانقلابات العسكرية في موريتانيا خلال الفترة من 2003 إلى 2008 والتسيب الأمني خلال هذه الفترة في التأثير سلبا على وضعية السياحة، خاصة بعد خطف تنظيم القاعدة لمجموعة من السياح الإسبان وقتله جنودا موريتانيين في حوادث مختلفة.

ونتيجة لهذه الأحداث وضعت عدة دول أوروبية موريتانيا ضمن قائمة الدول التي تحذر من السفر إليها ففقدت موريتانيا حصة كبيرة من السياح الأوروبيين الذين يشكلون %80 من السياح الذين يزورون البلاد، فيما يمثل الآسيويون والأميركيون نسبة 20 % الباقية.

ويقول محمد إبراهيم ولد الداه (مالك وكالة أسفار) لـ "العربي الجديد": "قطاع السياحة يعيش أزمة منذ 2008 بسبب تراجع أعداد السياح الفرنسيين. السوق الفرنسية مهمة جداً بالنسبة للسياحة الموريتانية.. وتفاقمت الأزمة بعد عام 2011 بسبب تراكم سنوات الإهمال الحكومي".
 

ويشير إلى أن الأوضاع الحالية لا تسمح بتنظيم رحلات مهنية وسياحية عديدة إلى موريتانيا رغم أن البلاد في ذروة الموسم السياحي وهي الفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار، رغم أن الفاعلين في القطاع الخاص بالسياحة قاموا بمبادرات لإيجاد بدائل لتقليص آثار الأزمة.

ويطالب ولد الداه، بتطوير السياسات المتبعة في تسيير قطاع السياحة وتشييد بنية تحتية تدعم السياحة والاهتمام بالمزارات السياحية ودعم القطاع الخاص ليعود المستثمرون بثقة إلى الاستثمار في القطاع السياحي الذي يشغل حاليا 8 آلاف شخص.

سياسة فاشلة

ويرى الخبير في القطاع السياحي محمد محمود ولد التقي، أن الإرهاب والإهمال والبيروقراطية وضعف البنية التحية أسباب أدت إلى انهيار قطاع السياحة، حيث كانت عائدات موريتانيا من القطاع السياحي تقدر بنحو 25 مليون دولار عام 2007 وهو ما يعادل 3.5% من ميزانية الدولة آنذاك، لكن هذه العائدات تراجعت بشكل كبير حيث باتت لا تتجاوز حاليا 7 ملايين دولار سنويا.

وأشار في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن المبادرات التي قامت بها الدولة مؤخرا، مثل دعم التراث وإنشاء منطقة حرة وتعزيز البنية التحية والترويج لموريتانيا كبوابة أفريقيا، لم تكن كافية ليسترد القطاع عافيته.

وأضاف أنه من الضروري وضع خطة مدروسة لإحياء القطاع وإشراك الفاعلين فيه ودعم المستثمرين وتسريع إجراءات الحصول على التأشيرة بالنسبة للسياح.

ويرى ولد التقي، أن  الموسم السياحي الحالي فرصة لتحريك سواكن السياحة الداخلية خاصة في الجهة الشرقية من البلاد والتي سادها الكساد منذ سنوات، حيث من المهم أن يتعاون الجميع في إحياء المهرجانات التراثية وجذب السياح الأجانب والزوار المحليين لحضور فعالياتها والاستمتاع بالصحراء والواحات والمناطق الرطبة، وزيارة بعض المكتبات الشهيرة والأماكن التاريخية في المدن العتيقة للتعرف على تاريخها وما تزخر بهمن كتب ومجلدات قديمة.

ومن أجل مواجهة هذا الوضع واستعادة السياح الهاربين، تقوم الحكومة الموريتانية في كل موسم صيفي بعدة حملات لثني الموريتانيين عن السفر للخارج وتشجيعهم على السياحة الداخلية لتنمية المناطق الداخلية وتعويض أصحاب المهن السياحية عن أضرارهم وتشجيع السياح الأجانب على زيارة المناطق السياحية الزاخرة بالمناظر الطبيعة حيث الأودية والجبال والواحات الغناء

 

صحيفة العربي الجديد

تابعونا على الشبكات الاجتماعية