لقد عانى قطاع التنمية الريفية كغيره من القطاعات الدولة، في العقود الخمسة الماضية من كثير من المشاكل الهيكلية والتنظيمية و التمويلة، ادت الى اتخاذ بعض الاجراءات الارتجالية، بدأت مع الاسف تظهر انعكاساتها السلبية الى السطح. و بدأ المستفيدون من هذه الاجراءات، بالقاء اللوم على من يحاول جاهدا وبكل جدية ووطنية و اخلاص وشفافية، و لاول مرة الاقلاع بقطاع عانى من غياب الشفافية و من عدم مواكبة المستفيدين مواكبة مهنية
..
ان المتتبع للاسراتيجية التي اعتمدها معالي وزير التنمية الريفية السيد ادي ول الزين، منذ الوهلة الاولى التي وصل فيها القطاع ، يرى جدية في حل المشاكل طبقا لاولويات لا بد البدء بها، و بانفتاح تام وباريحية مع جميع المزارعين والمنمين، وخصوصا مع ممثليهم النقابيين و المهنيين.
وقد بدأ معاليه بالاهم وهو اعادة الثقة بين القطاع و جميع المستفيدين منه سواء منتجين خواص كنوا او تعاونيات ومع مقدمي خدمات من مقشرين و منتجي بذور..... الخ.
كما قام معاليه بجملة من الاجراءات الاساسية لتصحيح مسار القطاع حيث تم على مدار الحملات الزراعية الماضية تصحيح بعض الامور الاساسيات منها:
▪تحديد فترة الحملة الزراعية و إلزامية الجميع بمواعدها الزمنية الموصى بها فنيا، بغية الحيلولة دون تداخل الحملات في مابينها وما ينتج عن ذلك من خسائر؛
▪زيادة كميات بعض المدخلات الاساسية كالاسمدة ومبيدات الحشائش الضارة و دعمها دعما معتبرا؛
▪ البدأ في وضع الالية الكفيلة لادخال الكهرباء الى مناطق الانتاج بغية خفض تكلفة الانتاج، وهي عملية بدات بالفعل، و ستغطي 250 موقع؛
▪ اعادة هيكلة و تنظيم شعبة البذور و تزويد مهنيي هذه الشعبة بمنظومتين لغربة و تنظيف البذور، من اجل اعادة الثقة بين المنتجين الزراعيين وشركات انتاج البذور. و قد ظلت هتين المنظومتين مطلبا ملحا لمهنيي البذور منذ ازيد من عقدين من الزمن، حيث تعتبر الوسيلة الوحيدة للتفرقة بين الارز الخام"paddy " و البذور؛
▪ فك العزلة عن اهم مناطق الانتاج عن طريق بناء جسور، تمت برمجة 3 منها في الحملة المقبلة هي ميسوخ، كاراك و....
و ستبرمج الاخرى لاحقا؛
▪ اقتناء في اسرع الآجال معدات زراعية متنوعة تخدم حرث التربة : 60 جرارا و 60 محراثا ومعدات تخدم الحصاد 100 حاصدة و 60 مقطروة. ان هذه الترسانة من المعدات ستساعد في خدمة و استصلاح وحرث التربة وحصاد المنتوج في الوقت المناسب خشية ان نقع مرة اخري في خسارة المحصول قبل الحصاد؛
▪مواصلة وتقوية نشاط تنظيم المجاري المائية للحيلولة دون نقص المياه في الروافد وبالتالي انقطاع مياه الري في الفترات الحرجة من حباة النبات؛
▪ اعادة الاعتبار لنشاط حماية النباتات بعد ما عانت هذه المهمة الاساسية من تفكك و عدم فعالية، خلال السنين الماضية، وسيتم ذلك عن طريق اعتماد مكافة متكاملة صديقة للبئة، تتبنى المكافحة الآمنة و اللجوء للمكافة بالمبيدات عند الضرورة، فضلا عن تكثيف المراقبة على الحدود خوفا من دخول امراض او آفات نباتية وافدة؛
▪وضع استراتيجية و البدء في تنفيذها، لحل مشكلة زراعة الخضروات بصورة جذرية، عن طريق تشجيع القطاع الخاص للدخول بقوة ومهنية في هذه الشعبة ومواصلة دعم التعاونيات و مهنيي الخضروات، و وضع محفزات للاستثمار في شعبة الخضروات تتناسب و مستوي المتدخل، و وضع برانامج لحل المشاكل الخاصة بالتخزين و الحفظ و عملية التسويق فضلا عن ادخال فنيات جديدة و بذور هجينة ذات مردودة عالية؛
▪مواكبت كل هذه البرامج بطاقم ارشادي مكونا تكوينا جيدا على مختلف تقنيات الزراعة الحديثة والمهنية. هذا الطاقم زود بالوسائل الضرورية للقيام بالمهام من معدات للتنقل ومحفزات الضرورية و ببعض الادوات الارشادية؛
▪ دراسة بعض الاشكالات التنظيمية -متعدة اطراف التدخل- لرمجة النظر فيها و دراستها مع القطاعات الحكومية الاخري و مع المختلف الفاعلين في القطاع من مهنيين وخواص و تعاونيات ، و من هذه الاشكاليات، الاشكالية العقارية، و اشكالية تمويل الزراعة ( القرض الزراعي) فضلا عن تأمين الزراعة وصندوق الكوارث وغيرها..
لقد حاولت هنا سرد ما اطلعت عليه من برامج وزارة التنمية الريفية، واجزم ان معالي الوزير في جعبته تحسينات اخري، تأخذ وقتها حسب الاولوية خلال الفترة القادمة. ان هذا البرنامج برنامج طموح، يلامس الواقع و لا يحاول تلميعا و لا ترقيعا و لا ذر الرماد في عيون اي احد، مزارعا كان او حامل شهادة. فهو يتعاطى مع واقع عشناه جميعا ونعيشه حاليا و نحاول تغييره الى الاحسن.
كما ذكرت في البداية، فان قطاع الزراعة عرف بعض المشاكل المختلفة، ومن ضمنها ما عرفناه مع الاسف، خلال الحملة الصيفية الماضية ، حيث تعرضت بعض المزارع للخسارة الفادحة نتيجة للامطار الخريفية المبكرة التي عرفتها منطقة الضفة هذه السنة، و نتيجة ايضا لضعف خدمة آليات الحصاد حيث ان الحاصدات كانت قليلة ولم تستطع مواكبة الرجوع المعتبر الى الزراعة الذي لوحظ في الحملات الزراعية الماضية، مما زاد من المساحات المزروعة، و بالتالي زاد الطلب على آليات الحصاد.
حصلت الخسارة او الكارثة "كما يحلوا للبعض تسميتها"، و واجهها القطاع بكل تأن وموضوعية، فبلغ عنها القيادة العليا للبلد التي تبنت المقترحات الواضحة و المهنية التي اقترحتها وزارة التنمية الريفية لمعالجة هذه الوضعية.
شكل معالي وزير التنمية الريفية لجنة فنية لمعاية الخسائر و جردها، من اطر اكفاء مشهود لهم بالنزاهة و الاستقامة وطلب منهم اشراك الادارة الاقليمية و ممثلي المزارعين.
بدات اللجنة معاينة جميع واكد هنا جميع الحقول المتضررة ، معاينة ميدانية مصحوبة بمعاينة من الاقمار الصناعية، وقد قدمت هذه اللجنة عملها في مباني ولاية اترارزة بحضور ممثلي المزارعين و المهنية الزراعية. و تم رفع هذا التقرير الى معالي الوزير الذي رفعه الى مجلس الوزراء الذي اتخذ قرارا بامر من فخامة رئيس الجمهورية، يقضى بتعويض جميع المتضررين من هذه الكارثة.
و انتقل معالي الوزير نفسه و طاقه من لجنة معاينة الخسائر و جردها الى روصو، وعقد معاليه اجتماعا موسعا، بحضور السيد والي اترارزة والسلطات الادارية و ممثلي جميع المزارعين، اعلن معالي الوزير فيه عن اللفة الكريمة من طرف فخامة رئيس الجمهورية ، و حدد في هذا الاجتماع حجم المبالغ للهكتار و لائحة المستفيدين والاجراءات الضرورية للاستفادة من هذا التعويض.
و كان اجماع المزارعين على اهمية اللفة و شفافية العملية برمتها. و بدات الاجراءات الادارية الروتينية لصرف هذه المبالغ لمستحقيها.
و قد بدا صرف هذه المبالغ طبقا للجدولة الزمنية وطبقا للائحة المستفيدين المحددة بكل شفافية بين الوزارات المعنية منذ ايام. وربما اثار هذا الصرف حفيظة البعض، وحاولوا و يحاولون ركوب موجة مضادة لتيار الاصلاح و التشويش على سير مسار واضح بشهادة جميع الاطراف المعنية به.
ان ركوب موجة كارثة وقعت نتيجة للعوامل مناخية و اخري اثر ترتكمات في تسيير آليات الحصاد، كلها عوامل خارج عن ارادة دولة باكملها، من باب احرى وزارة تفتح ابوابها لجميع الفاعلين في قطاع حيوي يعول عليه المواطن تعويلا كبيرا، ركوب هذه الموجة في وقت يحاول فيه القائمون على الوزارة، كسر جمود الفاعلين في قطاع الزراعة و النهوض بمختلف شعبه لتنطلق في وقت واحد، يعتبر حركة رجل خاطئة لا يراد من وراءها الا التشويش على تطبيق استراتيجية واضحة المعالم من اهدافها احقاق الحق و اعطاء كل ذو حق حقه.
ولا شك ان مشكلة حملة الشهادات الذين دمجوا في قطاع الزراعة اندماجا ضروريا، قد اصطدم ببعض العراقيل من اهمها اشكالية مزرعة امبوريه التي تعانى من تدهور في حقولها و انتشار كبير لاخطر انواع الحشائش الضارة ، مما استدعى استصلاحا فنيا ومهنيا لهذه المساحات وهو امر قد بدأ و متواصل، ويتابعه معالي الوزير متابعة خاصة لانه يعتنى بطبفة مهمة ولها دورها في تطور القطاع وكيف لا وهي حملة الشهادات.
ما التوقيف الاجباري لاستغلال مزرعة امبورية لمدة حملات متتالية، فهو امر تمليه الضرورة، فاما التمادي في تجاهل الحالة المزرية للمزرعة -التي للتذكير هي من اقدم مزارع الارز في موريتانيا ، حيث انشأت في بداية سبعينيات القرن الماضي، اي انها مزرعة لها 50 عام من الاستغلال المباشر،- وهذا التمادي في استغلال هذه المزرعة بدون استصلاحها، سيزيد من الخسارة التي يعترف بها حملة الشهادات انفسهم ، و يطالبون بتعويضهم عنها رغم انه ربما يكون هذا الادعاء قد يسقط بالتقادم، فضلا عن الاخلال بشروط التعاقد ما بين الوزارة من جهة و حملة الشهادات و بين الوزارة و ادارة مزرعة امبورية من جهة اخري، فضلا عن بيع الحيوانات المقسمة في اطار الاتفاقية لخلق قطب تنمية تتعايش فيه الزراعة بشقيها النباتي والحيواني. ان مواصلة استغلال المزرعة بدون الشروع في استصلاحها، كان سيؤدي حتما الى عجز حملة الشهادات عن الوفاء بالتزامتهم تجاه القرض الزراعي بسبب الخسارة الناتجة عن تدنى المردودية و غزو الاعشاب الضارة وارتفاع الملوحة في بعض المناطق. وقد اختارت الوزارة بالتشاور مع ممثلي حملة الشهادات استصلاح المزرعة و اعدتها لمستغليها صالحة وهي الخطة المتبعة حاليا.
وقد اكد معالي الوزير للمندويي حملة الشهادات، مرارا على حرص القطاع على دمجهم في الزراعة لخلق زراعة مهنية تقضي على بعض جيوب البطالة لدى الشباب و للمساهة في الرفع من الانتاج المحلي من الارز وغيره من المحاصيل الزراعية.
ان تصحيح الاغلاط يتطلب ان نعطي الوقت للوقت وان نضحي من اجل الوطن، فالمزارع العادي اذا تدهورت مساحاته الزراعية، سيلجأ الى استصلاحها مهما كلفته وقتا وثمنا، و انتم تتحمل الدولة عنكم تكاليف الاستصلاحات.
و تأكدوا انه لم يتم استلام هذه الاستصلاحات الا حسب المواصفات في دفتر الالتزام و بدون اي خلل فني في هذه الاستصلاحات، التي ستنعموا انتم واسركم الكريمة بانتاجها الوفير باذن الله قريبا.
اظن ان اخوتي حملة الشهادات عليهم التحلى بالصبر وضبط النفس، فالضوء بدأ يرى من داخل النفق ولله الحمد، وهم كنخبة يميزون بين الجد و سياسة ترقيع التي كانت متبعة في القطاع.
وكلي بقين انه اذا حكموا ضمائرهم و تفاوضوا مع الوزارة بكل موضوعية و اريحية، سيصلون الى ما يصبون اليه بطريقة سلمية، لا تجرح شعور من يحاول مساعدتكم و يبحث عن حلول جذية لمشاكلهم في اماكن اتخاذ القرار، التي بدورها تهتم بالطبقات الهشة و قد برهنت على ذلك في الخطاب فخامة رئيس الجمهورية، المخلد للذكرى 60 لعيد الاستقلال الوطني المجيد، فدورهم في تصحيح وضعيتهم قريب ،انشاء الله.
والله الموفق
احمدو يحي البناني