لا أحد اليوم يماري في الوضعية الصعبة التي يعيشها قطاع زراعة الأرز في بلادنا، فحتى الجهات الرسمية – رغم الاختلاف في الأرقام والتقويم – تعترف بصعوبة الوضعية، وترى أن زراعة الأرز على حافة خسارة كبيرة، هي الثانية من نوعها في عام واحد.
.وضعية القطاع الزراعي الحالية تضافرت عدة عوامل لتؤثر فيها دون أن تجد دعوات المزارعين آذانا صاغية من طرف الجهات المعنية.
لقد اتحدت كل الآفات الزراعية ضد المزارع المسكين، والذي وجد نفسه وحيدا في هذه المعركة المصيرية من أجل الوطن، وأمنه الغذائي، فتكاثرت مختلف الآفات من فئران وأمراض فيروسية انتشرت في منطقة الضفة، إلى أمراض أخرى ظلت مجهولة حتى الآن بالنسبة للجهات الرسمية.
كلها آفات تضافرت لتؤدي إلى نهاية حزينة للموسم الزراعي الحالي، ولترسم صورة بعيدة جدا عن تلك التي بشّر بها النظام الحالي، وجعلتها الحكومة في صلب أولوياتها.
لقد أعلنت السلطات الجهوية الرسمية عن استغلال 38 ألف هكتار خلال الحملة الزراعية الحالية، واعترفت حتى الآن وبشكل رسمي بخسارة 23 ألف هكتار منها، بينما بقيت فقط 15 ألف هكتار تعاني الكثير من التحديات.
إن هذه الأرقام ورغم دلالاتها المخيفة، فإن كل المؤشرات المتوفرة لدينا تؤكد أن الأمر أخطر من هذا بكثير.
لقد اتضح بشكل لا لبس فيه حجم الخسارة الكبيرة للقطاع الزراعي خلال هذه الحملة، وبات من شبه المؤكد أن الإنتاج المحلي من الأرز سيتراجع بشكل غير متوقع، بل سيكتب في سجلات الحكومة أن هذا العام هو الأقل إنتاجا في تاريخ زراعة الأزر المحلي ببلادنا.
لقد أصبحت غالبية المستثمرين في القطاع على حافة الإفلاس، وباتت المصانع مهددة بالعجز عن توفير النزر القليل من حاجيات السوق.
إن الوضعية الحالية تهدد للأسف الشديد بهزات غير متوقعة بالنسبة للاقتصاد الوطني، كما أنها تهدد مئات الأسر الهشّة التي كانت تعتمد بشكل كبير في تحصيل معاشها على الأرز ومزارعه، فلكم أن تتصوروا وضعية هؤلاء الفقراء في ظل انعدام أي مقومات حقيقية لتلافي الوضعية الراهنة، أو البحث عن بدائل لها.
لقد بات من اللازم أن تهبّ الجهات المعنية من سباتها، وأن تتحرك بشكل عاجل من أجل وضع إستراتيجية واضحة المعالم، محددة الخطوات لإنقاذ أحد أهم القطاعات تأثيرا في الاقتصاد الوطني.
ومن نافلة القول إن أي إستراتيجية لا تعتمد بشكل أساسي على تحديد الطرق المثلى لتعويض المزارعين عن هذه الخسارات المتتالية، ودعمهم في الحملات المنتظرة، ستبقى محدودة التأثير، ولن تساهم بأي حال من الأحوال في وضع حد لمستوى التدهور الذي بدت ملامحه واضحة جلية للجميع.
وقد أظهرت الأزمة الأخيرة عند معبر "الكركارات" وإغلاق حدودنا مع المغرب، أن الاعتماد على الإنتاج المحلي أمر لا محيد عنه، وأن أمر الزراعة في بلادنا جدٌ لا هزل.
فعن أي اكتفاء ذاتي نتحدث والوضعية كما ترون؟، وصدق القائل:
ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا *** كنقص القادرين على التمام
الأمين العام لحراك مزارعي الضفة
بلعمش ولد المعلوم