أعجبتني زيارة ماكرون لجارة القمر فيروز...
فيروز حالة استثنائية في الفن والغناء .. وقد قيض الله لها أسرة الرحابنة الذين وضعوا لها كرسيا حذو القمر قبل أن يرحلوا..
.
سئل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم : أي أغاني فيروز تطربك أكثر من غيرها؟
فقال : أغنية ( شادي) تبكيني طرباً...
وفعلا كان القاسم دقيقا في استخدام جملة (البكاء طربا) .. فهذه الأغنية رغم قصرها تروي فصلا دراميا، معبرا، من فصول الحرب الأهلية اللبنانية، كتبها الأخوان الرحباني ولحناها..
فيروز غنت لكبار شعراء العربية ..
شوقي ( يا جارة الوادي)
الأخطل الصغير ( يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا)
جبران ( إعطني الناي)
سعيد عقل ( غنيتُ مكة)
وغيرهم كثير....
وغنت لعائلتها الصغيرة.. نقشت محطات حياتهم على جدارية الشجن..
عندما رحل زوجها عاصي الرحباني غنت له ( سألوني الناس عنك يا حبيبي) وحين وصلت لجملة : ( بيعز عليي غني يا حبيبي ... و لأول مرة ما منكون سوا) انهارت على المسرح باكية... هذه الأغنية كتبها شقيق عاصي ولحنها ابنه وابن فيروز زياد.
وعندما قرر ابنها زياد مغادرة لبنان واللحاق بحبيبته دلال كرم، التي تزوجها وأنجبت له نجله المخرج عاصي الرحباني.
طال الزمن ولم يزرها، لأنها كانت غاضبة منه ولم تكن ترد على مهاتفاته... وذات يوم كان برفقة صديق له حيث التقته فيروز صدفة وبادرته قائلة : (كيفك انت) ثم أردفت ( عم بيقولوا صار عندك ولاد، أنا والله كنت مفكرتك براة البلاد)..
التقط زياد هذا الحديث ولحنه في أغنية عرضها على والدته فيروز واحتفظت بها دون أن تقتنع بغنائها وبعد أربع سنوات من كتابتها وتلحيها غنتها وكانت اضافة لروائعها ... كانت مزيجا من مشاعر الحب والأمومة والحنان...
فيروز شكلت فأل خير لصباحات كل العرب .. فهي وحدها التي شاركت العرب قهواتهم الصباحية .. وبعثت الأمل في نفوسهم ...
لا غرابة أن يزورها ماكرون وهو القادم من بلد الرئيس جيسكار دستان الذي صرخ يوما عندما طلب منه سجن الفيلسوف سارتر بسبب ارتكابه جريمة قتل، وكان متلبسا بالجرم : (عار على فرنسا أن تسجن عقلها)...
فيروز عقل عالمي....
الشيخ ولد سيدي عبد الله