..في مساء يوم صيفي من سنة 2005 كنت المقيم المداوم في قسم أمراض النساء والتوليد في المستشفي الوطني ..كانت الساعة تقارب العاشرة مساء وكان المستشفي الاول في البلاد آن ذاك وخاصة قسم النساء والتوليد يعج بالمراجعين وتخوض طواقمه سباقا ضد الزمن للتغلب علي سيل الإحالات القادمة من أطراف البلاد الأربعة
...
...كانت العملية القيصرية الثالثة التي أجريها ذلك المساء ولطول الإجراءات وحتمية جلب كل الأدوية من الخارج تاخر دخول الحامل لغرفة العمليات حتي منتصف الليل ، كانت القيصرية الثالثة للحامل وكان هناك سبب استعجالي لإجرائها..
دخلت مع التقني العالي والطاقم وبدانا بعد التخدير النصفي العملية وأخرجنا وليدا بصحة جيدة ولكن الفرحة لم تتم فبدا ضغط المريضة لسبب اجهله ينخفض ودخلت في حالة صدمة ....ثم توقف قلبها عن النبضان...
كانت لحظات حرجة باشرنا فيها جميعا الآنعاش القلبي واتصلنا في نفس الوقت بالبروفسور محمد ولد سيد احمد..
عاد القلب للنبض بإرادة الله و فعل الأدرينالين وصدق عزمنا ..ثم قدم البروفسور بعد عشردقائق وقام بتنبيب المريضة وباشر تهويتها عن طريق المنفسة اليدوية...
كانت الساعة قد بلغت الواحة والنصف تقريبا عندما ذهب كل إلي مكانه وبقيت وحيدا مع البروفسور و تقني التخدير الذي طلب منه محمد الرجوع للحالات الجراحية حيث كان مطلوبا هناك وبقينا وحدنا مع المريضة البرفسور جالس عند رأسها يضغط علي المنفسة برتابة وانا اراقبه..
كان تقويمه لوضعيتها انها يجب ان تنقل إلي قسم الإنعاش ولكن قراره كان بان لا يتم ذلك حتي الصباح وتحسن حالتها لأن مسافة ال200 متر بين القسمين بدون اوكسجين قد تكون قاتلة لها..
....
بقي البروفسور محمد ولد سيد أحمد عند راسها تمدها يداه بانفاس الامل حتي السابعة صباحا حيث أشرف علي نقلها إلي قسم الإنعاش وغادر إلي بيته...
.......
بعد سنتين من هذا الحادث زارتني نفس السيدة في نفس القسم واخبرتني انها عائدة لتوها من تونس حيث عولجت من مشكلة قلبية وانها جاءت لشكري علي عمليتها السابقة...
قلت لها بان من يستحق الشكر حقا بعد الله ليس علي عمليتها بل علي حياتها هو الدكتور محمد ولد سيد أحمد...وذهبت للبحث عنه.
لا ادري هل وجدته
وعندما ذكرته بها منذ سنة تبينت انه لا يتذكرها جيدا ولكنني أنا سأذكر دوما أنني كنت حينها
ولاز لت فخورا بمسؤولية وتضحية وعطاء طبيب من وطني يمثلني خلقا وعلما و إنسانية ..
ما زلت متأكدا ان ( من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وأن الله جلت قدرته البر الرحيم
لن يخزي البرفسور محمد ولد سيد أحمد أبدا.
وسيمن عليه وعلينا بالسلامة والشفاء التام الذي لا يغادر سقما.