أمر مضحك هذا الذي يسمى الآن جائزة الابتكار في موريتانيا، ولو أن الامر اقتصر على المجلس الاعلى للشباب لما أثار الاهتمام ولا استدعى التعليق، ولكن بما أنه تم استنفار وزراء ومحافظ البنك المركزي له، وتحول إلى ما يشبه مهرجان قرع الطبول ،
.فمن الضروري التنبيه إلى أن الابتكاراتInnovations هي مجال لا يتم الخوض فيه بهذه العشوائية والسذاجة، لا توجد دولة في العالم تشجع محاولات ابتكار شيء قد تم ابتكاره من قبل ،هذا عبث وتبديد للوقت والطاقة ،لا توجد أمة في العالم تحاول ابتكار شيء لا تحتاجه،لا يوجد شعب أيضا يبتكر شيئا لن يُحسن من أوضاعه، و Everet Rogers صاحب أهم نظرية حول انتشار المبتكرات، وأنا درسته جيدا ، قال: لا أهمية للمبتكرات إذا لم تنتشر ويقتنع الناس باستخدامها وينتفعون بها، ما قيمة ابتكار حول تحلية المياه أو البيوغازوهو مجال بلغت فيه التكنولوجيا اليوم ما بلغت ؟ ثم هل ستنتشر هذه المبتكرات ، ومن سيستفيد منها ؟ صحيح أن مؤسسات التنمية تشجع الابتكار الآن من أجل دعم النمو ولكن ليس هذا النوع ، بل المبتكرات بمعنى الحلول، وليس بمعنى شيء غريب وذكي ، ليس مطلوبا من أحد أن يحاول صنع طائرة صغيرة مثلا ولا ابتكار الكهرباء من جديد مثلا ، لأن الكهرباء تم اكتشافها وانتهى أمرها ، اكتشفها توماس أديسون في القرن التاسع عشر وحسمت قضيتها .. هناك الشباب الكينيون رفعوا ناتج دولتهم المحلي من مبتكرات في برامج الحاسوب والتسيير المالي باعوها لشركات عملاقة فزادت نسبة النمو لأنها تحولت إلى بضاعة ، ثم هناك أمر أهم من كل هذا ، هل توجد في موريتانيا هيئة معنية فنيا وقانونيبة بتسجيل براءات الابتكار؟ وقادرة على التأكد من أن هذا الابتكار أو الاختراع هو جديد وليس مسجل باسم شخص آخر أو مؤسسة أخرى ؟ ليس هناك أكثر نفعا لأي مخترع من تسجيل ابتكاره الذي تعب في أمره باسمه حتى لا تستغله مؤسسة أو هيئة أخرى ، هذا أهم وأجدى من الجوائز الفلوكلورية على ما أعتقد.. الابتكارات ليست لعبة أو تسلية، الابتكارات توجهها السياسات العامة لانها جزء من التنمية ، وقد كان على الدولة أن توحي إلى الهيئة الراعية لهذا المشروع بالبحث عن ابتكارات في مجالات محددة ،تبحث الدولة عن حلول في مجالها وكان على المشرفين أن يراعوا اعتبارات فرص الانتشار وأمور أخرى إذا كانت القضية جادة وليست مسرحية للضحك على الذقون فقط لا عاقبة لها ، مثل مسرحية دور الكتاب التي شاهدناها أيام ولد الطايع ..واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
اسماعيل ولد محمد خيرات