أخيرا ها هو العلم الجديد، الغالي على قائدنا المستنير، يرفع يوم 28 نوفمبر ويغنى النشيد الجديد وسيبدأ تداول الأوقية الجديدة في فاتح يناير المقبل. لقد انطلقت مسيرة موريتانيا الجديدة، عسكرية وبشق الأنفس بشكل مؤلم، ولا أحد يريد ذلك. أعضاء مجلس الشيوخ أولا، الذين تحلوا بالشجاعة ليقولوا لا، ثم الشعب من خلال إحجامه عن صناديق الاقتراع يوم الاستفتاء الذي كان ينتظر أن يأذن بميلاد موريتانيا الجديدة لكنه كان مجرد مهزلة يعجز اللسان عن وصفها.
.لقد رأت النور رغم من كل شيء، "رغم العواصف الهوجاء والأمواج العاتية"، على غرار تلك التي أقامها الأب المؤسس. إلا أن كارثة "الأب معيد التأسيس" العزيز على الفكاهي مامان سيكون العكس التام لمصفوفته: مقسم، ممزق، جائر، ومسيخ. كان المرحوم المختار ولد داداه محل إجماع بفضل الكاريزما التي يتمتع بها وروح التضحية وثقافته الواسعة ودبلوماسيته الفذة وعدم اهتمامه بالخيرات المادية. وفعلا، لم يكن يملك حسابات مصرفية مليئة بالأموال ولا أسواق ولا بنوك ولا قطع أرضية جيدة الموقع ولا آليات تؤجر للبناء والأشغال العامة . لقد وهب نفسه لموريتانيا. من فضلكم أبرزوا بالفرق مع ما نعانيه منذ عام 1978، وخاصة، منذ عام 2008 وسوف ترون أنه مثل الفرق بين الليل والنهار. لقد أصبحنا جمهورية تحكمها المصالح الخاصة حيث يمتلك الزعيم حق الحياة والموت علينا ويقرر كل شيء ويفعل ما يشاء. لقد ضاعف ديوننا إلى ما لا نهاية ويستعد لتقسيم عملتنا على عشرة، تماما مثل وعوده الانتخابية. إنها طريقة أخرى لإزعاجنا، من خلال تخفيض الأوقية بهدوء، طبقا لأوامر صندوق النقد الدولي. ولكن الجرعة سوف يصعب ابتلاعها لأن القوة الشرائية قد انخفضت إلى كبير والأجور مجمدة والأسعار ترتفع بشكل مذهل. وإذا أضفنا إلى هذه اللوحة القاتمة الجفاف المدمر، فإن الوضع قد لا يكون سهلا بالنسبة لنظام ينتقد على نطاق واسع ولا يحاول، بأي حال من الأحوال، أن يصحح المسار. بل على العكس من ذلك، فإنه يضاعف عدد أعدائه في الداخل والخارج. ففي عداوة شديدة مع أعضاء مجلس الشيوخ والصحفيين والنقابيين وشعب بأكمله لم يقدم له تعليما جيدا ولا نظاما صحيا يركن إليه، فبالأحرى العدالة الاجتماعية. ولا يتفاهم مع أي من جيرانه المباشرين. والأدهى والأمر أنه يتجرأ يكشف، من خلال الشبكات الاجتماعية، رسائل نسمع فيها رؤساء دول أجنبية يناقشون مع أحد أعضاء معارضته في المنفى. إنه خطأ دبلوماسي ضخم يمكن أن يسبب له ضررا خطيرا ويضر أكثر بصورته. ولم يكن امتناعه عن حضور القمة الهامة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا التي عقدت مؤخرا في أبيدجان مجرد صدفة، رغم أنه كان يتنقل لأشياء أقل أهمية منها بكثير. لم تعد دبلوماسيتنا كما كانت.
ما هي الآفاق إذن بالنسبة لبلاد تلهث تعبا وغارقة في الديون من قرن إلى قدم وتتقلص مصادرها الرئيسية للعملة الصعبة تقلصا شديدا ومتسارعا؟ إن الغاز في 2020-2021 الذي تعلق عليه، من الآن فصاعدا، كل الآمال؟ مثل حقل شنقيط النفطي، قد لا يكون هو الآخر سوى وهم (جديد). إن السنغال وموريتانيا، اللذين يتقاسمان حقل غاز السلحفاة (La Tortue)، لم يوقعا بعد الاتفاقية التي بدونها لن تستطيع شركة بريتيش بتروليوم البدء في تركيب المنشآت من أجل استغلاله. إن السنغال، الذي تمارس عليه فرنسا ضغطا هائلا لكي لا يوقع، لا تبدي الكثير من العجلة ويتوفر بالفعل على حقل مساو في ياكار (Yakaar)، سيبدأ استغلاله خلال السنوات الثلاث المقبلة، بالإضافة إلى حقل آخر من النفط سينتج 125.000 برميل/ يوميا. ولكن، قد تسألونني، لما ذا تتدخل فرنسا في هذا الملف؟ لأنها تنتقد على ولد عبد العزيز استبعاده لشركة توتال والتباطؤ في إقامة القوة المشتركة لمجوعة G5الساحل، وإخلاله بوعده في عملية سيرفال، في عام 2013 في مالي. وهذا يكفي لإغاظة القوة الاستعمارية السابقة التي ترى دائما بعين السخط أن يزقزق عضو من مستعمراتها بصوت خافت كما يشاء.
وباختصار، مهما تظهر موريتانيا ولد عبد العزيز جديدة، فإن قيمتها في السوق تبقى منخفضة. وهي بذلك تعيش بشكل خامل نبت في القيام بذلك، في أسوأ عيوبنا الوطنية: قصر النظر، الانتهازية يوميا، الانطواء على الهوية وكل الصخب المزخج للطي كل هذا العناء من أجل انتصار مبرمج للفتنة... جديد ناصع، ربما، ولكنه جميل رائع، فإن النعام فقط، الذي دفن رأسه جيدا في الرمال، سيهتز غبطة لذلك.
أحمد ولد الشيخ